كل ما اذكره ... كان بعيدا جدا
كل ما اذكره انها كانت السابعة ... وكنت في الممر اسير مشكلا والرعد اللعين سيمفونية بغيضة ... مياه المطر تنفذ عبر سقف حجرتي ... وها أنا أندس خلف ظهره ... غير عالم للسبب ... أهو البرد ، اهو الخوف ام حب الازعاج ... فعلتها وانتهىماثلاً في نعيمه الخاص يغفو على سريره الضيق ولآلئ المطر تفتك بالنافذة الوحيدة قريباً منه ... غافياً في سلام حتى فصل بين وبين الجدار الذي يلتحم معه السرير جسد ما اندس بينهما ... لم يكن منه الا محاولة استرجاع موقعه الأول قرب الجدار ولم يكن من جسد صغيره الا ان يتم اعتصاره بينهما ...
": عظيم ... أن الوغد الآن يعتصرني ... ولا طاقة لي على ساقاي ارفعهما لظهره راكلاً ... لقد جمد البرد اصابعي ... لذا انتهيت اخذ غطائه ... واتشبه بشرنقة
بنصف عين مفتوحة حدق نحو الساعة الجدارية المتهالكة بالكاد يزحف عقرباها متثاقلين ... ببطء شديد نهض يعتدل بجلسته، وبخفة يلكم كتف صغيره المنطوي داخل عالم الغطاء ... " إلى متى ستنام أكثر؟ ... إنها السابعة مساءً يا ابن الـ ... ثم ستسهر طيلة الليل وأسهر معك، انهض وتنشط الآن "
. ": صباح الاحد
اندفعت اهمس ... بصوت شرنقة اتخذتها ... احيانا أشعر اني جزء بعيد ... احيانا أشعر أني متاهة منسية ... وأحياناً أخرى أعجز عن تذكر من أنا ...لم ينهض الصغير عن موقعه ... لا يزال بأطراف السرير والجدار البارد يتشبث ... أكانت تلك الليلة الماطرة مغويةً لدموعه ربما؟ أكان يبكي؟ ... لم يعلم الأكبر من إجابة ... هو وحسب يعلم مقدار البرد المُسكر اطرافهما ... شد جسد ابنه ناحيته واضعاً إياه في حضنه وبين ذراعيه ... صامتاً يلاعب شعره الناعم
وهذا ما اردته ... اردته ولم اخجل ... لكني رغم كل شيء لم افعل ... اصابع كفاي شبه ترتعد ... كانت أشبه بالسجق ... السجق المجمد الذي اعتادت جارتنا ميلينا أن تجول المحال باحثةً لاجله ... تلك التي شعرت بنفسي اولجها متوسط قميصه ... واسمح لاصابعي بأن تسلب دفئه الخاص ...
" هل هي باردة ؟! "
مال أكثر وصامتاً ابتسم يضم جسد صغيره لصدره أكثر ... " أعلم أنه ليس المكان الدافئ الذي ترجوه ... لا يكفيك، نعم قد لا يكفيك ... هلا سمحت لي بالمحاولة أكثر؟ هلا منحتني فرصاً أكثر؟ أناني جداً ... لكن هلا احتملت البرد معي أكثر؟ نفسي البائسة وإياك تحاول ... "
" هل تريد أن أغني لك ؟! ... "
" صوتك الدفئ الذي يسلب من البرد روحه "
" وكم بيزنتاً ستعطيني ؟ ... "
" هو ذنبي لأني أستمع أيها الوغد الصغير ! ... "
" يا أبي ... حين يتهافت البشر لسماعي يوماً ... سأحرص على أن تكون أول من يحظر عليهم الدخول "
" وستتهافت الجثث حينها " ... قالها و واسعاً ابتسم ... يصبغها بالأصفر القاتم " من ذا الذي سيجرؤ على الاقتراب منك ؟ ... "
لم اقل أنه لم يخفني باعتقاده الغريب يوماً ... ولم أقل أني لم أحب العلاقة الغريبة تلك حد الهوس ... من ذا الذي سيجرؤ على الاقتراب مني ... أنا الآن جائع ...
______________________
أنت تقرأ
بطاطس و عسل أسود
General Fiction_ " قد أستبدلك بشطيرة من الخبز وأنا جائع ، فلا تعش دور محور الكون أمامي. " تمتم كيو بعد أن منحني ركلة قاضية أقصتني من سريره، رامزاً الى مدى أكاذيبه الملفوظة على طول تلك السنوات. " يوميات فتى مع والده " ٢٠١٧/٢٠١٩ _ كتابة مشتركة مع والدي. _ خالية من أ...