حين تشاء الأقدار
"سنكون معاً دائماً.. وسنكبر لنحب أشخاصا يعاملوننا بطيبةٍ وحنان"
لما ابنة الأعوام التسعة قالت ذلك بينما تحاول أن لا تبكي مع بكاء رنا التي عوقبت بشدة من مديرة الميتم الذي يعشن فيه.. كل ذلك لأجل قطعة حلوى أكلتها دون إذن!!
"وهل سنجد من يحبنا"
سألتها رنا من بين دموعها قبل أن تقفز لتصبح في أحضان صديقتها لتتابع بكائها ، ضمتها لما بحب وبدأت تبكي هي الأخرى قبل أن تردد " يجب أن نجد ".....
الفصل الأول
غالباً تحدث الأمور دون أن نجد لها سبباً يقنعنا لما حصلت ؟ لما معنا وليس مع احد آخر؟ يقولون أن الأقدار لا تستأذن ، ولا تطلب السماح لإلقاء كل حمولتها من مآسي وأفراح فوق رؤوسنا، هي فقط تأتي وعلينا نحن أن نرضخ ونسعى لنكون على قدر من المسؤولية وعلى قدر الرغبة بالبقاء بكرامتنا دون أن نسمح لها أن تكسرنا وتشتتنا..
.................
هبّ من مكانه بضيق هو أول مرة يشعر بالملل من العمل، لا ليس الملل إنما ذاك الشعور البغيض بالضيق الذي يهاجم الصدور فجأة فتضيق الأنفاس دونما سبب مبرر، التقط معطفه الصوفي السميك ليحمله على كتفه بإهمال بينما ترك كل شيء خلفه لصديقه الذي يعمل معه هو من يهتم بالترتيب ، أحس بالغرور للحظة فتلك هي الفائدة لان تكون نابغة ومطلوب المواهب ، يعتقد الجميع انك من الانشغال بالإبداع لدرجة أن ترتيب ما بعثرته يعتبر مضيعةً لوقتك وموهبتك . .
تأمل نفسه في المرآة التي تقف بشموخ قرب الباب لا يزال إلى الآن لا يفهم لم اقتناها إنما أعجب بشكلها وقادته تلك الرغبة فدفع ثمنها وأخذها قبل أن يتساءل وهل عنده مكان لها!! وهاهي تقبع هنا منذ أن ابتدأ عمله الخاص منذ خمس سنوات ووجودها أعطى لمكتبه القليل الأثاث نوع من الرقي المختلط بالغرابة فهي تلفت نظر اغلب زبائنهم معظمهم يقف كما هو الآن ليتأمل نفسه قبل أن يخرج، ضحك بخفة وارتدى معطفه أمامها واحكم إغلاق أزراره فيبدو أن الشتاء هذا العام جاء مبكرا وغاضبا بارداً، نظرة أخيرة ليمرر يده بشعره الكثيف ليغادر مكتبه يرفع إصبعين بتحية سريعة ويسرع خارجاً قبل أن يتمكن صديقه من التكلم !
........
"توقفي رنا لم تعودي صغيرة لتجري في السوق بهذه السرعة"
عبست لما ونفخت بقوة بعض الشعرات المتمردة التي هربت من البكلة الصغيرة التي ترفع غرتها بها، شدت على أسنانها بقوة بينما تعود لتقول " توقفي !"
ورغم ذلك تتابع رنا جريها السريع لتصل المركز الثقافي القريب دون أن تتأخر على موعد المحاضرة ولن تهتم لما يقوله الناس حتى لو نادوها بالمجنونة تماماً كما فعل الرجل الذي اصطدمت به تطلق صرخة بسيطة مكتومة تلتها شهقة الم عندما سقطت أرضا جالسة ، وقفت لما بأرضها مصدومة لتقترب بسرعة تساعدها على الوقوف وهي تتمتم "يا لغبائك" والتفتت للرجل المشدوه الذي يبدو انه مازال غير مدركاً للعاصفة المجنونة التي كادت أن تسقطه لولا توازنه في آخر لحظة بينما تهرب من شفتيه" مجنونة "....
أنت تقرأ
حين تشاء الأقدار
Actionأن تفقد البراءة التي تبحث عنها يجعلك معمي القلب عن الحب الذي ظهر بدلا منها ...............