يراقب شرودها ببلاهة .. تشاهد التلفاز ، عيناها يكادان يطبقان فوق بعضهما من فرط التعب ، تتناول السحور بصحبته ووالدها بشرود ناعس ، يعلم أنه الإلهام ، تحط سيوفه فوق جفونها يمنعها النوم ، أنهت خبزها ولا تشعر بشئ حولها سوي شاشة التلفاز التي تسحر عينيها لتراقبها بإهتمام..حدثت نفسها وهي تلوك طعامها
" أجل ، لابد أن تكون ذروة الأحداث هكذا ، لالا ، ربما لو فارقها البطل في هذا المشهد تحديدا لكان الحدث اروع "
فوجئت بيدي والدها وزوجها في نفس اللحظة يوجهان اليها الخبز وبنبرة متحدة
" أكملي سحورك "
شعرت بالخجل من ذاتها ، لاعنة الإلهام وعواقبه ، سيتغني زوجها بذاك الموقف لسنوات تالية .🍎🍎🍎🍎🍎🍎🍎🍎
بعد نوم والدها بالغرفة الملحقة بمنزلها ، جلست بصحبته وهي تكاد تموت من شدة الإنهاك .. تركها الوحي الذي تلبسها منذ لحظات مغادرا
" بم تفكرين ؟ "
لقد أمسكها بالجرم المشهود
" كنت أفكر .. "
" في روايتكِ الجديدة "
تثائبت لتدمع عيناها
" أجل ، تعلم أني أجلت كل شئ لبعد شهر رمضان ليس لدي وقت "
" وبماذا تسمين الدفتر الذي تدونين به أشياء كل صباح ! "
تململت في جلستها
" كشكول الأفكار ، أدون به إلهامي كي لا يضيع ، هكذا تعلمت في دورتي الأخيرة التي التحقت بها لأُصقل موهبتي"
تمتم ساخراً
" ليت أفكاركِ تجف ، ويضيع منكِ دفتركِ والهامكِ "
ضيقت عيناها متسائلة
" هل قلت شيئا ! "
" أجل ، هيا لننام "🍎🍎🍎🍎🍎🍎🍎
أهتمامها بكتاباتها بات يقيده ، ها هي نائمة جواره تمضغ علكتها بتأثر شديد ، تصارع سيلا عارما من الأفكار ..
ترتبها
تحددها..
تنتقي منها..
يحفظ انفعالاتها ، لكنه لا يستطيع تحجيم اهتماماتها ..أنتهي شهر الخير ، تلاه العيد ، تشاركا الفرح والمرح ، إلا أنه جزءا منها ما عاد يملكه..
" تشردين كثيرا "
" ها قد بدأنا "
" صرتِ معي بجسدكِ لكن قلبكِ وعقلكِ بعيدين ، أريدكِ كاملة "
تركت قهوتها بتوتر ، كيف ستجادله وهي تعي كرهه لما تفعل
" ما رأيكِ أن أدلكِ علي فكرة لروايتك ! "
لمعت عيناها مكرا ..
ابتسمت شفتيه ظفرا ..
إمتدت يداه عبثا ...
فدفعت ثمن أفكاره قربا ..
بعد لحظات تشاركا سعادة حقيقية ذابا فيها وغاب عقليهما عن الشجار والافكار ، بادرته قائلة
" ها ، ما فكرتك زوجي الحبيب ! "
قبل وجنتها التي تواجهه
" لا شئ "
هبت من رقدتها
" لا شئ ، ماذا تعني ؟ ، هل قدمت الآن تنازلات من أجل لا شئ "
اتسعت عيناه بمكر
" هل تقدمين تنازلات من أجل فكرة ، سأعطيك دفتر أفكار ممتلئ ، كي تتنازلي كل يوم "
بسمة داعبت شفتيها ، تغمز بعينها
" لك هذا "
ثم عادت حيث مرساها ( صدره ) ..
" أتعلم ، كلماتي كلها أنت مصدرها ، أنت المنبع الذي يروي صفحاتي بكلمات مرتبة تمس القلوب "
تشمم انفاسها
" أشم رائحة غرور .. ربما ! "
ضحكت مشددة عناقه ، بينما طرقات هادئة جعلته يتسلل للخارج ليري من الطارق .