" تزين لها ، أُنثر عطركَ فوق جسدك ليفرزه جلدك لها ، حين ترغب قربها حسّن مزاجها ، بدله من الضيق الي الامتنان ، لن تجد جداراً حامياَ سواك ، ولا صدر صلب غيرك ، أو عقلاً واعياً الاك "
يغلق أزار قميص ولده ، يساعده في إكمال لبسه ، يضع فوق كتفيه سترة الحلة الأنيقة التي ابتاعها له ، فاليوم مناسبة هامة ، وسعيدة .
" ولماذا لا تتعطر هي لي "
" ستفعل ، و أنت أيضا وجب عليك ، لتنعم بقربك ، علكة بنكهة ستجعلها تقترب من أنفاسك ، كلمة حلوة ستحلي أيامك "
" هل سأفعل كل شئ "
" أنت الرجل وعلي عاتقك الاحتواء والاقتراب و الإمساك بزمام الامور "
أنتهي من رابطة عنقه ينظر لأبيه
" علمت الآن لمَ تذوب حلم فيك "
أخرج مالك من جيب بنطاله علكة ناوله اياها
" لن تخرج من هذا العرس ، إلا ومعك حلم خاصتك "
*****
" كوني له أماً وزوجة ، كوني له الملاذ الذي يفر من كل شئ اليه ، حضنه الذي يقذف فيه ألمه وحبه وغضبه ، تحمليه سيحملكِ فوق رأسه "
إنتهت من تصفيف شعر ابنتها برقة لتردف
" كوني دوما حسنه الخِلقة والخُلق ، أرجو ألا يراكِ فور استيقاظك من النوم ، حاولي الاستيقاظ قبله "
إبتسمت لمداعبة أمها
" وعندما أغضب ، ماذا أفعل بوجهي "
" إختبئي "
ثبتت تاج رقيق فوق رأسها لتردف
" أهتمي بعائلته ، والدته ضعيها فوق رأسك ، طلباتها أوامر "
" تجحفين حقي "
" هو من سيقتص لك ويأتي بحقك إن أغضبكِ أحد "
" ليس كل الرجال مالك "
داعبت الابتسامة ثغرها ، كبرت صغيرتها واليوم عرسها ، تتمني أن تكون حياتها أفضل .
******
تقف جوار حماتها الي تربت علي كتفها ، لطالما حملتها في مرضها ، دوما جوارها في الفرح والشدة ، كانت نعم الكنة
" أخاف عليها من عالم جديد "
" ستثبت جدارتها به ، هي ابنة حلم "
شعرت بفخر حماتها بها ، ولكم كانت ممتنة لكلماتها .
لحسن الحظ ستقطن ابنتها في الطابق الذي يعلوها مما منحها فرصة في تزيينها بيديها ببساطة ورقة .
إنتبهت علي كلمات حماة ابنتها
" لستِ جميلة ، ليتكِ ذهبتِ الي صالون التجميل "
وهنا طارت جل نصائح حلم ادراج الريح ، أمسك مالك بيدها هامسا
" إهدئي ، دعي ابنتك تتصرف مع حماتها "
لم تهدأ من همسه ، بل من كلمات ابنتها الموجهه لحماتها
" علي العكس تماماً ، أمي أعتنت بي ودللتني ، لم أكن لأستمتع مع سواها ، لقد تبادلنا النكات ، و أخبرتني ألا يراني زوجي فور استيقاظي من النوم ، أنظري ، هذا اللون الهادئ "
فردت أصابعها لتري حماتها طلائها .
واستدارت بفستانها لتردف
" أنظري الي رقة طلتي ، الي بشرتي اللامعة ، ماسكات طبيعية غير مجهدة للبشرة علي مدار شهر كامل ، هل صالون التزين سيهتم بي هكذا "
ثم نظرت الي زوجها الذي برقت عيناه حالما وقعت عيناه عليها ، وتورد وجهه من كلماتها لامه ، لتهمس له
" هل نغادر الآن .. "
كانا قد اتفقا علي المغادرة لشقتهم فور مجيئه ، لا صخب ، ولا خروج ، بل سينعم بقربها منذ اللحظات الاولي من زواجهم.
****
" أبي ، لم أحظ بمعجبة واحدة ، أعتقد أني سأجلس جوارك كثيرا "
بصق علكته بحزن ، إنتبهت حلم لكلمات ولدها ، لاحظت حزنه بعد مغادرة الجميع
" هل كنت تتغزل بالفتيات اليوم "
تنحنح في ضجر
" لم تُفلح نصائحه "
مشيرا الي أبيه الذي أنصهر من بينهم لغرفته .
شاهدته يجذب الغطاء لرأسه
" ماالك "
علم بأن ليلته ستكون مظلمة ، حالكة ، يتخللها بعض العنف
" لم أفعل .. كنت أعده كي يصبح رجلاً ، لكنه لازال صغيرا علي نصائحي "
" إياك وإفساد عقل الصغير "
" لم يعد كذلك حلم "
نزعت عنه الغطاء تماما
" معك حق ، فالصغيرة تزوجت اليوم ، هل كنت ستنام بحلتك تلك "
شاكسها
" كنت أشعر بالبرد "
" في أغسطس مالك "
جذبها لأحضانه
" قلب مالك ، ألن تليني قليلاً ، أصبحتي فظة "
تنعمت في عطره
" زواج ابنتك أنهكني .. سأشتاق لها "
" إنها في الطابق الذي يعلونا ، رحماك ربي "
" هل ... "
قاطعها وهو يرغب بليلة ناعمة بصحبتها
" لن أبدأ في الاستماع لتساؤلاتك ، ومخاوفكِ ، دعي لابنتكِ حرية التصرف كما كانت لكِ الحرية مع عائلتي "
" كنت تحت حمايتك "
" وهي كذلك ستكون في حماية زوجها ، ألم تري وجهه عندما قذفتها أمه بدبشها ، لقد أوشك علي ارتكاب جريمة ، وابنتكِ ليست سهلة بالمرة ، لقد طوت حماتها تحت إبطيها وألجمتها بجواب ساحق ماحق "
كعادته دوما يحسن مزاجها ، يمدها بالقوة والبهجة ، هي الآن سعيدة بابنتها وتثق برد فعلها .
*****
" والدتكِ بالخارج ، ومعها أمي ، حياتنا الشخصية تنتهي عند باب هذه الغرفة ، إن سألكِ أحد عن الأمس ، قولي لقد نهاني زوجي عن التحدث في هذه الأمور ، وسأكون جواركِ ، أمي كأمكِ لا محاباة "
فردت ذراعاها لتضمه
" هكذا حلمت ، وهكذا دعوت ، أنت الزوج الصالح الذي تمنيت "
خرجا سويا ، سألن فأجابا بالكتمان ، سرت والدتها وحنقت والدته .
لكنها بداية والعبرة بالخواتيم .
*****
تحمل حفيدها ، تتناقله بين أجداده ، يحمل عيون ابنتها وفمها ، وتتمني أن يحمل صفات زوج ابنتها ، الذي لم يهن الاخيرة يوما .
دوما محب
متفهم
ودود
يحمل عنها ويدعمها .. حياتها دافئة ، رغم الصعاب الا انها تكللت بحفيد ذلل كل الصعاب
" هيا كي لا نتأخر "
همس مالك فأجابته
" لن أذهب "
استرعي حديثهم انتباه ابنتهم
" الي أين امي "
أجابها أبيها
" موعد مع دار نشر ، ستري روايات أمكِ النور وتنشر واحدة أنهتها "
سرت بالخبر فقالت
" أذهبي أمي ، فأمي الثانية هنا "
مشيرة الي حماتها .
أقتربت حلم من ابنتها
" لا ، لن يحدث ، أنتِ وحفيدي أهم من أي شئ "
" أمي .. خبر كهذا يستدعي الاحتفال ، لطالما تمنيتي الامر"
" لا ، لا ، لن أذهب "
اصرارها أسكت الجميع فسألها زوج ابنتها
" ماهو كتابكِ الذي استحق النشر "
" مشاكسات كاتبة "
" وهل أنهيتهِ ؟ "
استدارت تنظر لابنتها
" نعم ، وأنتِ النهاية "
هكذا .. العبرة بالخواتيم ، تزوجت وتحملت وصبرت ، كللت حياتها بنجاح ابنتها ، وختامها ذاك الصغير الذي يصرخ بين يديها بحاجة الي صدر وحنان أمه ، لتبدأ معهم نوعا جديدا من الحياة لم تجربه من قبل ، أصبحت جدة ، والمسؤلية باتت أصعب .
بعد مرور اسبوع تواصلت معها دار النشر مجددا .. واتفقت .. ونشرت .. لم تشعر بفخرها من شهرتها بقدر فخرها بما تحويه المشاكسات ..زوجها وهي ..
هو رجل كفته تزن رجال العالم ..
وهي انثي تصهر الحزن بنعومتها ..هكذا صلابة الرجل عندما تتحد مع نعومة الانثي تذوب .. وتندمج لتشكل معدن جديد .. جدا .. لم يكتشفوا أسمه بعد