الفصل الرّابع || Chapter Four

53 22 9
                                    

بضعة محاولات أُخرى فاشلة, إن شعور أدريان حيالَ ثقتهِ بقدراته ينخفض, فأضحى ييأسُ من كلِ أملٍ يتجددُ ثمَ يعودُ ليتبدد, ضغطَ زر عرض مُحادثة جديدة, انتقلَ ليُنفّذ الخطوة الأخيرة قبلَ الاستسلام, و تسليم أمر قرصنة الحساب إلى شارلوك x

"مرحباً, أود إجراء مقابلة إلكترونية معك عن الموسيقا الكلاسيكية, لقد أخبرني إيليو بشأن شغفكِ بها " كلّما تحدث إيليو عن لورينا، جلب قصة حبها الجنوني لهذا النوع من الموسيقا.
وقد استثمر أدريان هذا الحب للموسيقا لديها على هيئة ابتداء للخطة الأخيرة من عملية القرصنة.
لعلّ اتّباع أسلوب التحادث يمتّن رابطة صداقة تدفعهُ لطلب كلمة السّر منها يوماً ما.
"أهلاً، إيليو؟ أشكره لترشيحي فيما فعلاً أشغف به" ابتسم لعفوية الرّد، لامست أصابعه لوحة المفاتيح بادئاً بأحد الأسئلة لينهيها في حصيلةٍ إيجابيةٍ قد تكوّن شمل صداقة.

كان فرحاً بما اختار، و ضاحكاً من صميم أعماقه على تبادل اثنينهما الحديث الطويل عن تلك الموسيقا، وعن أنفسهما، من جانبٍ آخر.
نسى الفتى إرادته المحسومة لحديثٍ كهذا، و بدا كالعابر في طريق خاله صواباً فغدا كارثياً.
نسى أدريان إيليو، نسى نفسه و غايته، و سخّر انتباهه فقط على هذه الحروف المُرسلة من قبلها، فحتى هذه الحروف، بانت مُختلفة جمالياً.

__

وفي مُقاطعة أخرى، مشاعر أخرى، سئم إيليو الانتظار في حجرة البأس هذه، تأمّل في هذه الأثناء، الوشم الصغير على إبهامه، وقال لنفسه مخاطباً إيّاه "تبدو كاذباً لئيماً، وضعت على إصبعٍ خاطئ ".
تأمّل الوشم الدال على رمز الإنسان السّعيد.
عهد نفسه أحبط إنسان، لكن لطالما تحدّث إلى هذا الوشم، و انتهى حديثه مع بصيص أمل قد يزول ثم يتعالى.

عهد نفسه أحبط إنسان، لكن لطالما تحدّث إلى هذا الوشم، و انتهى حديثه مع بصيص أمل قد يزول ثم يتعالى

Oops! This image does not follow our content guidelines. To continue publishing, please remove it or upload a different image.


و أكثر ما يجعل إيليو في حيرةٍ من أمره، هو عدم تطابق هذا الوشم مع أي يوم من حياته.
أشارت السّاعة إلى السادسة إلا الرّبع مساءً، لا اتصال من أدريان بعد.

غاصت أفكاره لوماً لنفسها عن تصديقها إحدى ألاعيب لورينا، شاعر بقوّة قد تدفع حشاه خارجاً عن نطاقها، شعر بكرهٍ جسيمٍ لنفسه، و عدّ نفسه أخبلاً أمام ما سمع، و أخبلاً لجعل وشمٍ مصدراً لسعادته.

لم يعد يتصدى لتلك المشاعر الكريهة أبداً، بل يأتي الآن ضحيتها.

__

تعلّق جسدٌ صغير الحجم بساقِ إيجي اليُسرى أثناءَ هروبه من خانةِ الإحراج ما بينه وَ بين الفتاةِ المُرتبكة؛ ساشا.
وجّه عينيه إلى ما تعلّق فيه، اتّضحَ وجهُ ملاكٍ بأعينٍ يقتاتُ عليها الدّمع، سوداويةُ روح، و قلبٌ يتمزّق استسلاماً، يعتري الشّحوب وجهَ الطّفل الجّريح، وَ يسري التّوسل على شفاههِ المُجازفة للنطق، صاحبَ جسدُ الطّفل ملابسٌ رثةٌ و أيدٍ مُتّسخة، لكن ما تملّك حواس إيجي كانَ خلو رأسهُ من أيّ شعرة، فبدا مُختلفاً عن الآخرين، ينقصهُ شيء منهم، شيء يفتقرُ للشّعور به..

تحلّب فم إيجي المُكابرُ عن عرضِ ساشا، و اهدودرَ النّدمُ كالغيثِ على قلبه الضّعيف، أصبحَ لائماً لا مُنصفاً لذاتِه عن تجرّد قلبه من العاطفةِ الجيّاشة.

أمسكتْ امرأةٌ بزيّ ممرضةٍ يد الطّفل، مبعدةً إيّاه عن التّشبثّ بإيجي، نظرت إليه مع تأسّفٍ بانَ على مَلامحها، و غضبٍ مكتومٍ خلفَ حنجرتها الهادئة.

" أعتذر سيّدي" ضغطت على معصمِ الطّفل الشّاحب، الّذي بدأ يفزع من ثباتِ نظرات إيجي عليه.
"دعيه، إلى أينَ تأخذينه؟" أظهرَ انفعاله من مواكبةِ عضبها مستوى احتمالها، و ارتقاق الأدمع في عيني الطّفل المسكين.

"إلى المُستشفى، لا يجب عليه أن يخرج" قالت بمنطقيةٍ، ذكّرت إيجي بكلامِ ساشا.
"هل سُتقام أمسية لهم غداً؟" سألَ على الفور، زفرت المُمرضة و أومأت إليهِ موافقةً.
"سأراكَ هناك إذاً" جثا إيجي على رُكبتيه و عانقَ راحتي الطّفل الصغيرتين، مُلاشياً أدمعه و مُتلبثاً، مُستبدلاً إياهم ببسمةٍ تُنافسُ الحزنَ و التّحسّر و الألم..

"دع هذه الابتسامة مُعلنة، أنتَ فاتن، أنتَ بطل"

--

The War Of Existence || حربُ الوجودWhere stories live. Discover now