الفصل الخامس

2.7K 102 3
                                    

رواية عشق بالمقلوب 🌸 ...

الفصل الخامس

تجلس والدته في الكرسي المقابل لي ، يبدو أنها إختارت موقعها بعناية ، أشعر بعيناها تخترقني ، تنزع عني ثوبي ، تتوغل في تفاصيلي ، ليست حماة تقليدية تجذب الشعر وتختبر الأسنان ، وإنما امرأة ذات رؤية ثاقبة ذات أشعة تحت الحمراء ، ترى الأشياء الخفية .
بدوت كمهراهقة في العشرين خجولة من أقل نظرة ، جلس إبراهيم زوج صفية بجوارها مستقبلا ضيوفه ،و لولا حضوري قبلهم لكنت واحدة من مضيفيه الآن .
إبراهيم هو ملاذي الأول والأخير منذ بداية معرفته كقانوني ، و أستاذي بالجامعة ، وزوج صديقتي المقربة بالنهاية ..
لم استطع اثناءه عن التحدث الى عمي ليخبره بوجود خاطب لي فالتقاليد تقيده .. لم يشأ أن يتخطى حدوده واراد ان يكون عمي حاضرا الخطبة .
لكن ببساطة .. لم يهتم .. ولم يحضر .
" مرحبا سيد يونس ، أنا رجل عملي بطبعي ، وعلمتني دراسة القانون الوضوح ، فدعني أسرد لك و أخفف عنك عبئ البداية .. يونس فاضل ، تملك مكتب محاماة في بدايته ، عملت في شركة كبيرة كمدير قانوني ومن ثم فصلت وعملت لمدة ثلاثة أشهر في شركة فريدة تحت رئاستها ..."
قاطعت شهقة خفيفة صدرت عن والدته قول إبراهيم .. لكنها إستدركت الأمر .. لتقول
" يبدو أنك إستقصيت عن ابني جيدا "
" نعم .. "
ثم نظر إلي بود
" فريدة تعبت في حياتها كثيرا سيدتي ، عانت من ظلم أقربائها وما أقساه ، أن تكون الضربة ممن هم رحمك ، يكون الألم مضاعف "
لم أحنِ رأسي أو أتأثر ، فقد مضى وقت طويل علي ذاك الجرح ..
أكملت ما بدأه إبراهيم
" إبراهيم في مقام والدي ، لقد دافع عني كثيرا لذلك هو من وكلته وكبرته في زيجتي ، وزوجته صفية كأخت لي "
حاولت والدته قول شيء ولكن يونس قاطعها
" بلا مقدمات ، أنا أطلب فريدة للزواج ، ممتن لما فعلته لأجلها سيد إبراهيم ، وممتن  لكلماتك عنها .. لست صغير بالعمر ، إرتأيت الاستقرار و أرغب في عقد القران بدلا من الخطبة ، فهي تعرفني جيدا .."
ياله من واثق ، هو لم يستشيرني في شئ ، منذ وافق علي عرض البيتزا .. طالبني بتحديد موعد مع من سأوكله لزواجي .. وقد كان ..
طننت أنها خطبة ، بدا إستعجاله في كلماته الى أن خرجت والدته عن صمتها.
" هل العروس موافقة علي عقد القران ، أم الخطبة أولا ، لا تفرض رأيك عليها يا يونس ، الزواج خطوة كبيرة ، لا ترهب الفتاة "
رغم إن كلماتها بدت دفاعا عني وعن رأيي ، إلا أني شعرت بأن هناك شئ مبطن ..
ربما هي لا توافق علي تورط ابنها في زيجة سريعة .. وبدون أن أشعر قلت بحماسة..
" موافقة علي كل ما يقوله يونس ، وهل كلمته ترد ! "
إبتسامتها الخالية من المرح أشعرتني بالإنتشاء ، يبدو أن هناك أيام لطيفة بانتظاري ..

***

عقدت قراني بقاعة صغيرة ، حوت أصدقائه المقربين وبعضا من أهله ، بينما أنا لم يحضر لي سوى إبراهيم وصفية .
هنئني الجميع ، مالت علي حماتي ،فهمست لي
" سلمتك فلذة كبدي ورجلي ، أقسم إن آذيته يوما لأفقأن عينك "
أتسعت عيني بصدمة ، وقد كان أول تحدي مباشر تلفظه حماتي أمامي ، هي لا تطيقني بمعنى الكلمة ..
وقبل أن تغادر أنفاسها أذني ، وضعت قدمي علي فستانها الطويل في محاولة لعرقلتها الا أنها تماسكت متشبثة بالطاولة امامي محدثة نوع من الهرج .
إنتفض يونس وقام يساعدها ، بينما رأيت نظرتها الشازرة نحوي دون أن تكشف سري .. ومن هنا تيقنت بأن الحرب بيننا إتقدت .. ودون تدخل أحد ، فهي لن " تعكنن " على فلذة كبدها بل ( أنا وحدي ) .
يرفل فستاني حولي بتناغم وانا ألامس ذراعه .. طاولة علي النيل ، أنا وهو فقط .. بعد عقد القران لم يُقبلني على جبيني ، لم يقترب لاشتم عطره ، لم يلمسني ، بل إختار هذا الموقع تحديدا لنحتفل بزواجنا الغير مألوف المظاهر ..
بعد جلوسنا ، لم يمسك يدي ، ولم يتودد اليّ بل قال
" عرقلتي أمي ! "
تسارعت أنفاسي و أتسعت عيني وقد أمسك بي بالجرم المشهود
" لا تخافي ، أعلم أنها آذتك "
إزداد اتساع عيني ، مع عقد حاجبي فبدوت كالبلهاء وانا أهمس
" لا يهم .."
طلب مشروب ساخن أحمر حار يحوي حبيبات الحمص
" ألن تنهرني علي فعلتي ! "
إحمر وجهه وحبات العرق تنبثق من جبينه بفعل مشروبه الحار ، مسح جبينه بيده ، ومررها علي شعره بنزق ليقول
" لقد أرسل لي الله من يأخذ حقي يا فريدة "
" أتعاني لهذه الدرجة "
بدا وكأنه سيبكي
" كثيرا "
أنهى كوبه فناولته كوبي الذي لم يرفضه ليردف
" لم أخبرها بعملي بشركتك وعندما علمت من إبراهيم نلت تقريعا حادا " أنا أمك تخبئ عني أسرارك ، لماذا فصلوك من عملك " وهكذا ، لقد كان يوما طويلا بين الجذب والشد "
" ولماذا لم تخبرها منذ البداية "
" كي لا تبيع ذهبها لأستقل بمكتب محاماة وابدأ من جديد "
" وهل فعلت ! "
نظر أرضا
" نعم ، فعلت "
" ألا تملك مالا "
" لا "
" و أين سنعيش ! "
" معها "
إستشطت غضبا لأقف ويعلو صوتي
" يا حبيب والدتك ، تعلم أن أمك لا تطيقني منذ الوهلة الاولى ، بل وتركتني أعرقلها بلا عقاب بل فرحت لذلك ، وتود الآن أن أمكث معها بمنزل واحد .. والله لن يكون ، ثم أنك قلت لابراهيم أنك تملك شقة "
ترك كوبه الثاني بعد أن أنهاه..
" أنتِ لست طرفا يا فريدة ، هي تخرج غضبها مني فيكِ ، أنا كل شئ لديها الآن .. الشقة التي أملكها هي تمكث بها "
" و أنت ستعطيها المكان والزمان لتنفرد بي لتخرج جل غضبها فوق رأسي "
ربت علي كتفي
" أنتِ لها "
كدت أن أصرخ ، لكن لا ينقصني فضائح ، يكفي نظرات الناس لنا ، يا الهي ، ما الذي أقحمت نفسي فيه .. أمسكت هاتفي لاطلب سيارة و أغادر من أمامه في ثوان معدودة ، بينما لقطته عيني ينقد صاحب الطاولة المال.. مشيرا الي  بصوت شبه صارخ
" إنتظري يا فريدة "

عشق بالمقلوبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن