الفصل السابع عشر

18.8K 598 30
                                    

تناهى إلى مسامع ياسين صوت جدته وهي ترحب بالضيوف وهو يتجه لإستقبالهم معها .. حين توقف فجأة وصوتها الرقيق يتسلل الى مسامعه..ينفى وبشدة أنها هي من تقف فى ردهته تشكر جدته على دعوتهما إلى العشاء..هل دعتها جدته بالفعل؟وترى من دعته أيضا بالإضافة إليها..لا.. بالتأكيد ليس نبيل.. ليتقدم بخطوات بطيئة تجاههم حتى وقعت عيناه عليهما لتستقر نظراته على فتون والتى استقرت نظراتها بدورها عليه..تبتسم تلك الابتسامة الخلابة والتى تجذبه اليها بشدة..ليلتفت الى نبيل الذى قال بابتسامة:
مساء الخير ياياسين.

تقدم اليهم بهدوء يلاحظ نظرة جدته المعاتبة ولكنه تجاهلها مؤقتا حتى يستطيع أن يفسر لها موقفه..بينما قام بمصافحة نبيل قائلا:
مساء الخير يانبيل.

ثم مد يده اليها لتستقر يدها بين يديه قائلا :
إيه المفاجأة دى؟

رفعت فتون احدى حاجبيها قائلة:
ايه ده..انت مكنتش تعرف ان احنا جايين؟

ترك يدها وهو يشير الى جدته قائلا:
الظاهر تيتة حبت تعملهالنا كلنا مفاجأة.

قالت فتون وهي ترفع إحدى حاجبيها:
بس الظاهر إنها مفاجأة وحشة بالنسبة لك.

عقد ياسين حاجبيه قائلا فى ارتباك:
لأ.. طبعا.. أكيد مفاجأة حلوة..ليه بس بتقولى كدة؟

ابتسمت فتون ولم تعقب..ثم تركت يده قائلة للجدة:
الحقيقة نبيل لما قاللى ان جدتكم حابة تتعرف على الشركا الجداد..وانها عزمانا على العشا وافقت علطول لإنى كمان حابة أتعرف على الست اللى قدرت تربى ناس بالأخلاق دى.

ابتسمت الجدة ابتسامة لم تصل لعينيها..فلا تدرى لم شعرت بأن هناك المزيد تحمله كلمات تلك الفتاة ..فهناك شعورا غامضا بالقلق اجتاحها لدى رؤيتها تلك الفتون..والتى تذكرها بحبيبة ياسين التى لاقت حتفها منذ مدة..ولتدرك أيضا السبب وراء عدم إخبارها أي شئ عن تلك الشراكة من قبل ياسين..فقد لاحظت تعلق نظراتهما ..ربما خشي أن تتهمه بأنه يتعلق بتلك الفتاة لوجود ذلك التشابه فى بعض الأشياء بين الفتاتين..رغم تفضيل الجدة لميسون رحمة الله عليها بينما تلك الفتاة لا تشعرها بالراحة ابدا.

افاقت من شرودها على صوت دارين وهي تقول:
احنا هنفضل واقفين كدة كتير..يلا بينا على أوضة السفرة..أكيد جعانين.

ابتسم الجميع..لتتقدمهم الجدة بينما تبعوها الى حجرة الطعام ليجلسوا ويتناولوا عشائهم فى جو هادئ ..تقطعه بعض التساؤلات والاجابات البسيطة والتى لم تفصح أبدا عن مكنونات صدورهم وما يخفيه كل منهم داخل قلبه.

********************

كانت زينة تنظر الى الشارع خارج السيارة..حيث المارة والسيارات المجاورة فى شرود حزين..لقد كان لديها أمل ضعيف ..أضاعه مروان بالكامل..فعندما كانت بالمنزل أحست للحظات بقلقه عليها ليبزغ ذلك الأمل فى قلبها..الأمل فى أنه يحمل لها فى قلبه بعض المشاعر..الأمل فى أنه نادم على خطأه فى حقها بالماضى.. وربما..فقط ربما يريد الآن اصلاح خطأه..ولكن هذا الأمل قضي عليه مروان كلية عندما ذهبت معه الى الطبيب ليبدو باردا متباعدا تماما..متجهم الوجه وكأن ذهابه معها واجبا غير مستحب من قبله..وكأنها عبئا ثقيلا عليه يود التخلص منه فى أقرب لحظة..حتى حين ألقى الطبيب كلمات مجاملة على مسامعها عاملها بقسوة وكال لها الاتهامات..وكأنها كانت تنتظر الفرصة لتخرج من بيته حتى تمارس عملها القديم والذى يذكرها به ليلا ونهار..يذكرها بكلماته القاسية أنها كانت يوما ما غانية ..تباع وتشترى من قبل من يدفع أكثر..أحست زينة انها تجرح منه مجددا..ولكن جراحه تدميها وبشدة..لتصعب عليها نفسها المهانة دائما من جانبه..وتنزل منها دمعة خائنة ..مدت يدها تمسحها بحزن.

جحر الشيطانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن