فتحتُ درج السيارة و أخرجتُ منه سلاحي استعداداً لمواجهة قتام، رغم أنني لم أرَ سلاحاً في يده ولا أي حركة توحي إلى أنه ينوي الهجوم. إقترب بدراجته أكثر و أكثر حتى صار بجانبي مباشرةً فأشار لي بأن أوقف السيارة جانباً، لكنني رفضت، لأنني لستُ بحالٍ يسمح بمواجهته الآن. فأشار لي بأن أنزل نافذتي، و بعد ترددٍ طفيف أنزلتها. كان صوت درجاته صاخباً للغاية، لكنني سمعتُ صوته العميق و هو يقول:
ـ إنه فخّ، لا تذهبي إلى الميناء.
تفاجأتُ بمعرفته بوجهتي، إذاً المتصل من طرفه؟ لكن لو كان من طرفه لمَ قد يمنعني من الوقوع في الفخ؟ خففتُ من سرعة السيارة و أوقفتها جانباً على الطريق الواسع، لكنني لم أترجل منها، بل رفعتُ سلاحي من النافذة مهددة:
ـ إياك و الاقتراب، ما الذي يُثبت لي صحة كلامك؟ ربما تحاول منعي من الوصول إلى معلومات تخصك؟
ـ لا بأس، تعالي معي و سأريك.
ترجل من دراجته و بدأ يشقّ طريقه نحو تلٍ قريب، وعندما لم أتبعه استدار نحوي وقال:
ـ ستأتين أم لا؟
عضضتُ على شفتي السفلى بتفكّر، ثم فتحتُ الباب و ترجلتُ لأتبعه، رافعة سلاحي نحوه على استعدادٍ تام لأي حركة مفاجئة. لم يكترث لسلاحي و تابع طريقه صعوداً إلى قمة التلّ. أكاد لا أصدق أني أسير مع قتام، وهو قريبٌ مني لدرجة أنني أستطيع لمسه لو مددتُ يدي. لدرجة أنني أستطيع قتله بضغطٍ واحد على الزناد. لكن ليس هذا ما أريده، لا أريده ميتاً. وصلنا إلى القمة أخيراً وكنتُ ألهث منهكة من الضغط الذي تعرض له جسدي، فتسببت أنفاسي السريعة بألمٍ في الجرح و حاولتُ جاهدة أن أخفيه أمام قتام الذي أشار نحو الأسفل.
كان المكان يُطل على الميناء بشكلٍ رائع، امتد البحر أمامنا بسواده تحت ظلام الليل، و انتشر على حافته عدد من السُفن و القوارب.قال قتام وهو يُشير نحو هدفٍ معين:
ـ أترين ذلك اليخت؟ دققي في النافذة الجانبية، ماذا ترين؟
ركزتُ نظري على اليخت و على نافذته الجانبية، كانت اضاءات السفينة المجاورة تساعد على رؤية ما يكمن خلف النافذة. رجل بقبعة بنية وعلى كتفه شيء طويل، بعد التدقيق إتضح لي أنه سلاح كبير. كان ينظر من منظار السلاح وكأنه ينتظرُ هدفاً. أنا؟
نظرتُ إلى قتام وقلت:
ـ أنا الهدف؟ـ نعم.
ـ هل تريد أن تقنعني بأنك أتيت لإنقاذي؟
ـ أو ربما لمنع ذلك الغبي من زيادة الأوضاع سوءاً.
استدرت نحوه لأمنحه كامل اهتمامي و تابعتُ دون أن أنزل السلاح:
ـ ألم تخشَ أن اُلقي القبض عليك؟
ـ كلا.
قلتُ باستغراب:
ـ لمَ؟