جريمة بطعم الكرز

235 39 78
                                    

-هل الكاميرا تصوّر أقوالهم؟

-نعم سيّدي المحقق.

ذهبت زبرجد بعد نهارِ عملٍ شاقّ إلى مطبخ الإبداع، تحديدًا إلى الثلاجة التي تحتضن تحفتها الفنيّة، الكعكة، فقد أجادت صنعها هذه المرة بإضافة الرغوة الكريمية وبعض الكرز الحلو الشهيّ، زقزقت عصافير بطنها ما إن تذكرت منظر الكعكة اللذيذ.

تناولت السكين المفضلة لها بحماسةٍ وسارعت لتفتح الثلاجة ولكن لم تمرَّ إلا ثوانٍ معدوداتٌ حتى أفرجت شفتاها عن صرخةٍ مدويّةٍ جعلت أريز وأيار يتوقفان عن التخطيط لمقلب كان سيوقع بالمعلم قط والركض سريعًا باتجاه المطبخ.

«مَن تجرأ وأكل كعكتي؟!» هذا ما قالته زبرجد بعصبيةٍ وهي توجه السكين نحو رقبةِ أريز، أبعدَها أيار وطمأنها قائلًا:«معكِ المحققان الشهيران أيار مكايرن وأريز في خدمتك».

جلسوا على مائدة الطعام التي يعلوها مصباحٌ يشبه ذاك الذي نراه في أفلام التحقيق البوليسيّة بحيث اتخذ كلٌّ منهم جهةً.

«متى كانت آخر مرةٍ رأيتِ فيها الضحيّة.. أقصد الكعكة؟» قالها أريز موجهًا كلامه لزبرجد التي يتطاير الشرر من عينيّها اللطيفتين، فأجابته:«السابعة صباحًا بعدما سلّمت مهمة شراء مستلزمات مكتب قط إلى كلارينت وأوكتان، سأستخدم سكاكيني هذه إن لم..» ، قاطعها أيار بينما أريز يسجل إفادتها:«لا تقلقي أيتها اللطيفة لا داعي لإبراز سكاكينك كل برهة».

بعد أن جمعوا خبراء الإبداع في المطبخ أو كما يدعوها أريز«مسرح الجريمة»أطلق المعلم قط أولى زفراته قائلًا:«هل تظنون أن الوقت مناسبٌ لحماقتكم ومقالبكم؟ لدينا أعمالٌ لننهيها»، لكن أيار سارع في إسكات قط قائلًا: «لقد جمعناكم ها هنا لنحقق في جريمةٍ جد نكراء أدّت إلى أكل كعكة زبرجد، وكلنا نعرف قيمة الكعك بالنسبة لها خاصةً في استراحتها. في القانون المتهم بريءٌ حتى تثبت إدانته، لكن في قانون أيار، المتهم مدانٌ حتى تثبت براءته، وسنبدأ بك أيها المعلم!» بثقة عاليةٍ أنهى أيار كلامه إلا أنّ كلام قط صفعه: «لقد كنتم تتبعونني أنت وذاك الثعبان منذ الصباح هل تظنان أنّني لم ألحظكما؟».

غادر المعلم قط المكان مسببًا هدوءً مطبقًا بعد أن قتل بكلامه كل المتعة لدى أيار وأريز.

«إينفي، أين كنتِ منذ الساعة السابعة صباحًا؟» وجه أيار سؤاله لإينفي التي بدت مرتبكة، وكل أمارات التوتر تظهر عليها خاصةً بعدما توجهت كل الأنظار نحوها وكأنه قد حُكم عليها بالإعدام، صوت دقات قلبها صار مسموعًا ولكن غطى عليه كلامها حين قالت: «أنا كنت أساعد زبرجد في ترتيب قائمة الأعمال، اسألوا زبرجد عن ذلك».رمق أيار زبرجد نظرةً تفحصيّة فهزت رأسها إيجابًا.

انتبه لجميع لأورافينا التي تبدو وكأنها تحاول التهرّب:«إلى أين تذهبين أيتها المتمردة؟» سألها أريز بنبرةٍ محتالة فالتفتت أورافينا وانهالت عليه بالصراخ: «أنا من لعبت بألعابك حسنًا، ولكنه ليس ذنبي؛ لقد سمحت لي إكواريس بذلك كما أنني لم أعرف بأن لعبتك تلك ستنكسر بسهولة إن ضربتها بالمطرقة، هو ليس ذنبي، ليس ذنبي!».

سألتها إكواريس بنبرتها الرزينة:«عن أي ألعابٍ تتحدثين؟ الكعكة أورافينا، الكعكة».

أبدت أورافينا استغرابها وبانت ملامح عدم الفهم على محيّاها، فوبخها أريز قائلًا:«سأحاسبكما فيما بعد، ماذا عنكِ إكواريس هل كانت الكعكة لذيذة؟».

 انقضت أودين على إكواريس قبل أن تتفوه بأيّ كلمة:«هل خالفتِ حميتكِ الغذائية؟ يا إلهي وأنا التي استهلكت إبداعي كله في إقناعكِ وترتيب الحمية، الآن سألقي عليكِ لعنتي!».

طمأنتها إكواريس بهدوئها المتعارف عليه بقولها: «صحيحٌ أن لديّ الجسم المثاليّ ولا أحتاج لأي حميّة، إلا أنني أريد المحافظة عليه ولن أفسده لأجل كعكة مثل الخاصةِ بزبرجد».

أثار هذا حنق زبرجد؛ فمتى سوف يعترفون بقدراتها الخلابة في صنع الطعام؟

 تدارك أيار الموقف واستكمل التحقيق حين وجه سؤاله لغوركي:«ماذا عنك؟»

«الرجال المحاربون الأقوياء من أمثالي لا يتناولون الكعك» قالها غوركي ببرود.

توالت التحقيقات بين الأعضاء وبين استكشاف الأدلة وقد كان للجميع حجة مقنعة ولم يستطيعا توجيه أصابع الإتهام على أحد، ولكن لا يوجد مسرح جريمة بلا مجرم.

-هل تظنّ أننا سنفشل يا شخبو؟

-الفشل ليس من شيمنا شيو.

كان أريز وأيار يتفحصان مسرح الجريمة للمرة المليار، وزبرجد هناك تلقي لعنات العالم وتهديدات القتل وتتوعد لكل من أريز وأيار ومن أكل الكعكة، في هذا الوقت، ولجت أوكتان وكلارينت إلى المطبخ وألقتا السلام، ثم استفسرت أوكتان عن سبب هذه الفوضى العارمة، فبدأ أيار بإخبارها ولكن كلارينت لم تهتمَ لأي شيء مما قالوه فقد ذهبت لتتفقد الأواني والثلاجة فسألت: «ماذا تناولتم على الغداء أنا جائعة لم آكل شيئًا منذ الصباح».

«لا تفكرين إلا في بطنك يا كلارينت! أتصدقون أنها كانت فقط تفكر في حصتها من الغداء، لقد تناولت على الطريق قرابةَ العشر شطائر ثم سألتني إذا ما كنت لا أزال أريد شطيرتي، يا إلهي ما الوحش الذي يسكن معدة هذه الفتاة!».

هذا أثار ريبة أيار فلا يمكن لكلارينت أن تغادر دون أن تلتهم المطبخ بأكمله، عاود سؤال زبرجد عن آخر مرةٍ رأت فيها الكعكة ولكن قاطعته كلارينت قائلةً:«أوه تلك الكعكة، إنها الألذ على الإطلاق شكرًا زبرجد!».

إذًا برأيكم ما هو العقاب المناسب لكلارينت وأمثالها؟

- - -
كتبه العضو: كلارينت 

سفر الولوجحيث تعيش القصص. اكتشف الآن