الحلقة الثالثة 3

1.2K 26 2
                                    

الأميرة الأسيرة

الحلقة الثالثة

لم ينتهك مازن فقط جسدي إنما مزق روحي إربا حتي صعب علي لملمتها لقد أهدر آدميتي وحطم كبريائي وطعنني في كرامتي، بكيت كما لم أبك من قبل، بكيت أدميتي المُنتهكه وبكيت قلبا صار كارها له وروحا صارت أشلاء.
لم أستطع النهوض من مكاني من شدة ألامي فبقيت جالسة على الأرض وأضع رأسي على السرير الذي شهد لحظات اغتصاب زوجية ، السرير الذي يبدو أنه سيشهد لحظات مماثلة لباقي عمري، أغمضت جفوني وأنا أسأل الله النجاة إما بالموت أو بحل من عنده. نمت واستيقظت بعد فتره فتحاملت على نفسي ونهضت وذهبت للحمام لأغتسل ففوجئت بجسمي ووجهي مغطيان بالعديد من الكدمات الزرقاء فبكيت من جديد لكني تمالكت نفسي وخرجت من الحمام ولملمت فستاني- الذي أبهر المملكه كلها بالأمس – وقد تحول لأشلاء ملطخه بالدماء ووضعته في حوض الإستحمام لأغسل الدماء عنه ثم تركته وذهبت لأرفع ملاءات السرير وأغسلها قبل صعود هناء، وعندما سمعت صوت دقات على الباب فتساءلت :
-من؟
-أنا هناء يا مولاتي أحمل لكما الفطور
-دعيه أمام الباب الأن ولا أريد أي إزعاج ولا تصعدي إلا عندما أدق لك الجرس
-أمرك مولاتي مبارك الزواج
لم أجبها إنما انتظرت حتى انصرفت وفتحت الباب وحملت الصينيه للداخل ووضعتها على المنضده، ولم أقربها لأني فقدت شهيتي. بحثت في الثلاجه عن قوالب الثلج فوجدتها فوضعتها على وجهي لأخفي الكدمات التي شوهته. لم أكد أنتهي من الكمادات التي خففت الألم قليلا حتى فوجئت بمازن يفتح الباب ففزعت وابتعدت فنظر إلي بإشمئزاز ولم يتكلم إنما جلس على المنضده يأكل وقال:
-ضعي لي قليل من القهوة
فوضعتها وقدمتها له وابتعدت فقال وهو ينظر إلي ببلادة:
- سأتذكر المرة القادمة ألا أشوه وجهك الجميل بالكدمات وسأكتفي بجسدك فقط
لم أجبه ومنعت دموعي من الإنحدار فأكمل مضغ بضع لقيمات وقال وهو ينهض:
-تعالي لغرفتي
فقلت وأنا أرتجف :
-لماذا؟
فقال غاضبا:
-لاتسألي نفذي فقط أم نسيتي كيف يكون غضبي؟
-وكيف لي أن أنسى أبشع ماحدث لي في حياتي
فاقترب مني ولامس الكدمة التي على وجهي بقسوة وقال:
-لا ياعزيزتي الأبشع لم يأت بعد، هيا اتبعيني
تبعته وأنا أتساءل ماذا سيفعل بي،فجلس على سريره وقال:
- الملكة ستأتي لزيارتك اليوم إياك والشكوى وإلا سترين مني الأبشع مما رأيت، وغدا سيأتي والداك لو علمت أنك تفوهت بأي كلمة مماحدث سأغضب ولقد رأيت جزء من غضبي، أتمنى أن يكون كلامي مفهوما
لم أجبه إنما وقفت أنتظر باقي تعليماته فقال ببرود :
-بما أنك جاريتي فأنا أرغب في أن ترتدي ملابس الرقص تلك وترقصي لي
وأخرج لي من دولابه حقيبه تحتوي على ملابس لامعة فنظرت إليها باحتقار وقلت:
-تلك الأساليب الرخيصة تمارسها فقط مع صديقاتك لكن زوجتك الأميرة –إن كنت تعتبرني زوجتك- لا يليق بها مثل هذا ومثل تلك المعاملة
جذبني بعنف من يدي وقال وهو ينظر إلي بحدة :
-أتعصين أوامري؟ ألا تخشين عقابي؟
-أنت مريض نفسيا تشعر بضآلتك أمامي فتريد أن تثبت تفوقك بالعنف الجسدي
عندها صفعني بقوة حتى سقطت على الأرض وسالت الدماء من شفتاي،ثم جذبني بعنف وقسوة وطرحني على السرير وقال ونظرات همجية تلوح من عينيه:
-سنرى الأن من الضئيل فينا
بدأ يمارس العلاقة الزوجية بمنتهى الوحشية فقاومته في البداية لكني تذكرت عنفه فاستسلمت له وسط بكائي الصامت، وعندما انتهى مني ركلني كعادته وقال لي:
-لم أعد أريدك أخرجي حالا
كانت تلك أجمل كلمات قالها لي فخرجت مسرعة خشية أن يكرر عنفه معي وأغلقت الباب وتوجهت للحمام وأغلقت بابه جيدا وبكيت، لم تستطع كل المياه التي سكبتها على جسدي أن تطهر روحي من دنسه ولا أن تغسل عن جسدي رائحته التي التصقت بي كجلدي لتذكرني في كل ثانيه أنني حقا صرت جاريته. فكرت وأنا في الحمام أن أتخلص من حياتي لكني تراجعت إشفاقا على والداي فعلي أن أحتمله لعل شيئا يغيره للأفضل.
في المساء جاءت الملكة لتهنئنا فاستقبلتها وأنا في أتم زينتي وحرصت على أن تغطي مساحيق التجميل أثار الضرب إلا أنها أدركت ما حدث لكنها تجاهلته، انتهت زيارة الملكة وأثناء توديعنا لها قالت لي:
-الحياة الزوجية ليست سهلة خاصة في أول عام إنما تحتاج لصبر الزوجة وتأقلمها السريع مع زوجها وطباعه
ثم التفتت لمازن وقالت:
-وتحتاج من الزوج لرحمة واحترام وتقدير، الحب لا يُخلق بالضرورة في البداية لكنه يولد مع الوقت وينمو مع العشرة الحلوة والمودة، أتمنى أن تستوعبا كلامي.
خرجت وبعد دقائق خرج مازن بسيارته فشعرت بالسعاده لأني تخلصت منه، طلبت من هناء أن تحضر لي كوبا من اللبن وقليل من البسكويت لغرفتي، أبدلت ملابسي وتناولت طعامي وشربت اللبن لعله يساعدني على الإسترخاء والنوم، بالفعل نمت لكني نهضت من نومي مفزوعه على صوت إغلاق الباب فوجدت مازن يقف بجوار سريري والشيطان يطل من عينيه وقال:
-انهضي حالا وتعالي ورائي
نهضت وقد أصابني الدوار لأني قمت مفزوعة، تبعته لغرفته فجلس على سريره و مد قدمه وقال:
-اخلعي لي حذائي
نظرت إليه وأنا أعلم أنه يريد كسر كبريائي وإعادة ممارسة العنف معي لقهري،فتجنبته وجلست على الأرض وخلعت عنه الحذاء فقال مبتسما:
-أتعرفين ملايين الفتيات يتمنون أن يكن مكانك هنا
لم أجبه فأمسك بذراعي بقوة وجعلني أقترب منه ثم قال ورائحة الخمرالكريهة تفوح من فمه:
-ألا أعجبك؟
-سؤال متأخر كثيرا
فنظر إلي ببؤس وقال:
-أنا لا أعجبك ولا أعجب والدي الذي كان لا يحب إلا فريد ابنه الأكبر حيث كان يراه خير وريث للعرش وعندما مات طفلا حاول أن يجعلني نسخة منه وهو لا يدرك أني شخص مختلف فكان يعنفني كلما رآني وكأنه نادم لكوني ابنه أو كان يتمنى موتي أنا وبقاء فريد فأنا لا فائده مني سوى جلب المتاعب.ورغم حب أمي لي فإني لا أعجبها أيضا فهي تريدني أن أكون استنساخا من أبي وأنا بطبعي متمرد لا أقبل وصاية أحد وأعاندهما بفعل ما لا يحبان.
ثم رمى جسده على سريره وقال كأنه يحدث نفسه:
-ولا أعجب نفسي فقد أمضيت حياتي في معاندتهما وفعل ما يضايقهما لا في عمل ما أحب
-ربما لهذا تجعل حياتك تزخر بمئات المعجبات لتشبع إحساسك بأنك مرغوب
-ربما حتى جئت أنت لتذكريني بذلك الإحساس أني غير مرغوب مرة أخرى، تعالي
جذبني من يدي وأجلسني على سريره وجلس بجواري وقال:
-قولي أنك تحبيبنني ولا حياة لك بدوني
لم أقل شيئا فجن جنونه وبدأ في تمزيق ملابسي ولكن تلك المرة لم أقاومه إنما استسلمت له بمنتهى البرود لأتجنب عنفه لكن يبدو أن ذلك أثاره فبدأ يضربني وهو يقول:
-أنت باردة كالثلج اذهبي لا أريدك
انصرفت لغرفتي وأغلقت بابه خلفي وقد تحجرت الدموع في عيني لكن دموع القلب كانت أشد إيلاما.
جاء والداي لتهنئتي في اليوم التالي فحاولت أن أبدو سعيده حتى لا يشعران بالقلق علي لكن يبدو أني كنت فاشلة في ذلك ، كما أن الكدمات على وجهي فضحت أمري فأخبرتهما أني سقطت من على السلم لأني لم اعتده بعد، لم يصدقاني بالطبع لكن ليس بيدنا حيلة، انتهت المقابله بزيادة قلق والداي علي.
مرت الأيام بنا ومازن لا يرى في إلا فتاة يجب أن يقهرها ويمتهن كرامتها ليثبت لنفسه أنه الأقوى والأفضل ، كان يستيقظ قرب العصر ويقضي نهاره في ركوب الخيل وليله في الخمر والعلاقات النسائية أو في سباقات السيارات التي يقيمها في ساحة يمتلكها في ضواحي العاصمة، وعندما يشعر بالضجر يأتي إلي ليمارس هوايته في قهري وإذلالي. فكرت كثيرا في الانتحار حتى أتخلص من حياتي لكني تراجعت ووصلت حالتي النفسيه للحضيض من سوء معاملته لي طوال شهر كامل حتى كان أخر حوار بيننا الذي تعمد فيه الإساءة لي كعادته فصرخت به:
-كفى إن لم أكن أعجبك يمكنك أن تطلقني
-لا لن أطلقك بل سأتركك كجارية رهن إشارتي أفعل بك ما أشاء حتى أكسر كبريائك تماما
-أنت مريض نفسيا
لطمني بقوه حتى سقطت أرضا وارتطمت رأسي بحافة الدولاب فغبت عن الوعي، كنت أشعر أنني مجرد طيف أحلق بحرية في السماء فوق بيتنا وأحط أحيانا في غرفتي القديمة، ثم أعاود التحليق عاليا فأذهب لمدرستي الإبتدائية حينا وإلى الساحة التي كنا نلعب فيها حينا ، ثم أطوف ببيت جدتي وأجدها تجلس في الشرفة كما اعتادت قبل وفاتها تطرز بعض المفارش، وجدي يروي الزرع في حديقة المنزل الصغيرة، كنت سعيدة جدا بحريتي وبذكرياتي.




الأميرة الأسيرة كاملة بقلم نجلاء لطفي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن