الحلقة الرابعة4

1.1K 26 5
                                    

الأميرة الأسيرة

الحلقة الرابعة

لطمني بقوه حتى سقطت أرضا وارتطمت رأسي بحافة الدولاب فغبت عن الوعي، كنت أشعر أنني مجرد طيف أحلق بحرية في السماء فوق بيتنا وأحط أحيانا في غرفتي القديمة، ثم أعاود التحليق عاليا فأذهب لمدرستي الإبتدائية حينا وإلى الساحة التي كنا نلعب فيها حينا ، ثم أطوف ببيت جدتي وأجدها تجلس في الشرفة كما اعتادت قبل وفاتها تطرز بعض المفارش، وجدي يروي الزرع في حديقة المنزل الصغيرة، كنت سعيدة جدا بحريتي وبذكرياتي. أفقت من تلك الذكريات على صوت آت من الأعماق ينادي بإسمي إنه صوت أمي تبكي، فتحت عيناي بصعوبة إستجابة لها فوجدت نفسي في مكان لا أعرفه وحولي أطياف مبهمه لكن بعد لحظات أدركت أنهم أمي وأبي وشخص ثالث غريب، قال الغريب:
-حمدلله على سلامة سموك
-من أنت؟
-أنا طبيب القصر
-وأين أنا؟
-في مستشفى القصر
-ماذا حدث؟
-كنت مصابه في رأسك وفقدت الوعي لثلاثة أيام حتى ظننا أن مكروها أصاب سموك ولكن نحمد الله أن نجاك
نظرت لأمي التي تجلس بجواري ممسكة بيدي باكية وقلت:
-لاتخافي يا أمي أنا بخير
-الحمد لله يا ابنتي
قال الطبيب:
-لا داعي للكلام الكثير والانفعال ممنوع نهائيا
قالت أمي:
-لا لن أرهقها سأبقى بجوارها ساكنة
فقلت:
-أين أبي؟
لم يجبني أحد للحظات ، لكن الطبيب قال:
-سيأتي لزيارتك غدا أما اليوم يكفيك هذا الجهد سأعطيك دواء مهدىء لتنامي
أدركت أن أبي به شيء فهو لا يمكن أن يتركني هكذا، قبل أن أستمر في أفكاري شعرت بثقل في رأسي وعدت كطيف يعود لذكريات الماضي الجميل. أفقت في اليوم التالي فوجدت الطبيب بجواري وسألت عن أمي فقال:
-طلبت منها أن تستريح قليلا فهي لم تنم منذ ثلاث ليال ووعدتها أن أظل بجوار سموك فنامت قليلا
-شكرا لك لقد أتعبتك معي لكن لي رجاء ألا تسمح لي بالخروج الأن دعني هنا على الأقل يومين أستريح فيهما وأمنع عني الزياره ماعدا أمي وأبي هل تستطيع؟
-سأبذل كل جهدي من أجل راحة سموك وبالفعل أنت تحتاجين ليومين أخرين
-شكرا لك وأرجوك دعني بمفردي لكن لي طلب أخير أريد قلما وأوراق
-أوامر سموك لو رغبت في أي شيء سيكون زميلي موجود خلال عشر دقائق وسأكتب التعليمات فورا
علمت من خلال الممرضات أن الملكة والملك هما من يسألان عن حالتي باستمرار أما زوجي فلم يكلف نفسه مشقة السؤال؟ زارني أبي ووجدته معتل صحيا بسبب ما أصابني فتماسكت وضحكت معه وشرحت له ولأمي أن سبب إصابتي هو دوار أصابني فجأه فسقطت وارتطمت بالدولاب، لم يصدقني أبي لكنه التزم الصمت وقبل إنصرافه أمسكت بيده وقلت:
-لا تخف علي أنا بخير وسأكون دائما
قبلني وقال:
-أتمنى دائما لك الخير يا حبيبتي
انصرفا والحزن يكسو وجهيهما وأنا غارقة في أفكاري ، فوجئت بإحدى الممرضات تدخل مسرعة وتقول:
-مولاتي الملكة
دخلت الملكه ومعها مازن وأمرت الجميع بالإنصراف وتركنا بمفردنا، خرج الجميع وبقي مازن الذي وقف ينظر لي ببرود والملكه قالت بابتسامة صفراء:
-حمدا لله على سلامتك
-سلمك الله يا مولاتي
-لقد أصر مازن على الحضور للاطمئنان عليك فقد كان ملهوفا عليك
فقلت بسخرية:
-أعلم جيدا مدى لهفته لدرجة أنه لم يسأل عني نهائيا ولم يفكر في زيارتي إلا بأمر ملكي وما أنا فيه بسبب تلك اللهفة
فقالت بحدة:
-ما بك ؟ هل تقصدين شيئاً أم أنك تخفين عني أمرا؟؟
-هل أحكي يا ولي العهد للملكة عن معاملتك لي وعن سر إصابتي أم تحكي أنت؟
نظر إلي غاضبا ولم يجب إنما توعدني بنظراته المرعبة،فنظرت إليه الملكة وقالت:
-مامعنى كلامها هل لديك تفسير؟
صمت ولم يجب وقبل أن نستكمل الحديث استأذن الطبيب في الدخول فسمحت له الملكة وقالت :
-هل حالتها تسمح بالخروج؟
-هي تحتاج ليومين أخرين لتتعافى
-لكني أريدها أن تخرج الأن وتتلقى العناية الطبية اللازمه في قصرها
ارتسمت علامات الرعب على وجهي فقد أدركت أني سأعود للقهر الذي كنت فيه فقررت أن أستجمع شجاعتي وأواجه الملكة ، فقلت:
-ربما لن أجد في القصر من يعتني بي جيدا مولاتي
فقالت بحده:
-لاتخشي شيئا يا سمو الأميرة ستنالين عنايتي الشخصية، سنغادر خلال ربع الساعه فلتستعدي
ارتديت ملابسي وخرجت مستنده على الممرضة حتى السيارة وركبت بجوار الملكة وبقينا صامتين حتى وصلنا لقصرنا، دخلت معنا الملكة وقالت:
-لنذهب لغرفة المكتب حيث لا يستمع إلينا أحد
مشينا وراءها أنا ومازن والشحوب بادي على وجهه حتى إذا أغلقت الباب قالت:
-اجلسي يا هبه أريد أن أستمع منك لكل التفاصيل
حكيت لها ما قاله مازن وفعله منذ أول لقاء لنا وعلامات الدهشة والصدمة مرسومة على وجه الملكة وتحاول أن تخفيها بكل جهدها، صمتت لدقيقتين ووجه مازن ممتقع ثم قالت:
-اذهبي لغرفتك يا هبه واتركينا الأن
فصرخت بفزع :
-لا لن أذهب فعندما تغادرين سيعاود عنفه أكثر مما كان وربما يقتلني، إن تركتني معه سأقتل نفسي وستكون فضيحة مدوية في المملكة كلها
فقالت بذهول:
-لهذه الدرجة تخشينه؟
-لقد قتل روحي ولم يعد لدي ما أبكي عليه
-لا تخشي شيئا لن يبقى في البيت للحظة واحده حتى يتعلم كيف يحترم زوجته عندها سيعود ، الملك كلفه بالقيام بجولة في أنحاء المملكة ليتفقد أحوالها لمدة أسبوع ، سيغيب حتى تتماثلي للشفاء، لا تخشي شيئا ستكونين في رعايتي أنا ، اصعدي لغرفتك فأنت تحتاجين للراحة.
دقت الجرس فدخلت هناء فقالت لها الملكة:
-راحة مولاتك مسئوليتك ضعي لها العشاء واحرصي على مواعيد الدواء وكوني دائما بجوار سريرها
-أمر مولاتي
شعرت بالراحة للبعد عنه فقد كانت عيناه تقذفاني بحمم الغضب البركانية حتى كاد أن يهاجمني لولا وجود أمه، صعدت لغرفتي التي تحمل لي أسوأ الذكريات وبعد تناول العشاء نمت نوما عميقا وفي الصباح جاء والداي وجلسا معي وأحضرت لي والدتي ألبوم صور طفولتي وجلسنا في حديقة القصر نضحك ونسترجع الذكريات، قضيا اليوم معي وشعرت بسعادة كبيرة، لا أعلم إن كان مصدرها وجود والداي فقط أم غياب مازن أيضا.مرت أيام غياب مازن وأنا أشعر بالهدوء والإسترخاء وتماثلت تماما للشفاء، وتكررت زيارة والدي وسمحت لي الملكة باستضافة بعض صديقات الطفولة مما زادني إحساسا بالسعادة، حتى حان وقت عودته فشعرت بإضطراب شديد وخوف من العوده للعنف والقهر لكن وقعت مفاجأة زلزلت كياني بل وزلزلت المملكة بأسرها. جاءني اتصال تليفوني من سكرتير الملك يطلب حضوري فورا للقصر الملكي فذهبت وأنا مضطربة فاستقبلني هو فسألته:
-ما الخبر؟ وأين الملك والملكة؟
-ولي العهد أصيب إصابات شديدة في حادث سياره والملكة بجواره في مستشفى القصر والملك مزاجه سيء للغاية لكنه طلب حضورك سأبلغه بوصولك
تركني وذهب وأنا غارقة في ذهولي، مازن أصيب في حادث سيارة؟ ترى ما مدى خطورة تلك الإصابات؟ وهل الوضع خطر لدرجة أن يستدعيني الملك؟ لماذا لا أشعر بالسعاده رغم أن تلك الإصابة هي انتقام الله منه لما فعله بي؟ أليس ذلك يعني أنه سيبتعد عني لفتره أطول لم أنا لست سعيدة؟ يبدو أن مازال جزء بي يشفق عليه كإنسان، أفقت على صوت السكرتير يطلب مني الدخول للملك. دخلت بهدوء فوجدته جالس على مكتبه الفخم الذي ينجز عليه أعماله التي تحتاج لهدوء وذهن صافي، نظر إلي بهم وحزن وقال:
- اجلسي يا سمو الأميره
-أمرك مولاي
- لقد أصيب مازن في حادث سيارة أثناء عودته وهو الأن في غرفة العمليات ولا أحد يعرف ماهي حالته ومدى خطورتها
سكت للحظات ثم قال بهدوء:
-أريد منك أن تجنبي المرأة والزوجة جانبا وأن تتذكري فقط أنك زوجة ولي العهد أي الملكة المقبلة وتتصرفي بعقل وحكمة وحرص شديد هل تعدينني؟
-أواومر الملك واجبة التنفيذ
-مازن لم يكن بمفرده في السيارة، إنما كانت بصحبته...فتاة




الأميرة الأسيرة كاملة بقلم نجلاء لطفي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن