#في_علم_الغيب_1
الحلقة الأولى* هذه القصة مُهداة إلى أرواح الغاليين على قلوبنا الذين كانوا معنا يوماً ما, أصحاب الوجوه التي لم تغيّب عنّا حتى غيّبهم شيئاً إسمه موت, من تركوا مكانهم خالي وذهبوا بعيداً وبقيت ذكرياتهم وأصواتهم وملامحهم عالقة في ذاكرتنا إلى الأبد.. إلى البعيدين القريبين..
لروح أمي الغالية.ما بنسى أبداً الأيام القديمة يلي كنت فيها صغير.. كنت أسأل أسئلة كثيرة ما إلها أجوبة أو تفسير.. أسئلة فلسفية وجودية بحتة.. عن الإنسان والحياة والكون.. وعن ربنا.. ما كنت بعتبر نفسي طفل.. يمكن كل يلي كانو معي بهالفترة كان بيتهيألهم هالشي بس أبداً ما كنت بعتبر نفسي متل ما كانوا يشوفوني.. خلقت بين عيلة صغيرة متواضعة لطيفة وكوّني الإبن الأصغر فكنت المُدلل دائماً.. وأوامري جميعها كانت لإلهم سمعاً وطاعة.. متل أسئلتي يلي ما كان إلها عدد أو نهاية.. أنا مين؟.. وليه أجيت على الدنيا؟.. كيف خلقت؟.. ليه إنتوا أهلي؟.. طيب أنا ما اخترتكم وما إخترت الحياة يلي أنا فيها.. كيف هيك؟.. كيف الإنسان فيه يخلق بمكان هوه مو مختاره؟!.. مين يلي بختار؟!.. أنا مخيّر أو مسيّر وبناءاً على شو؟!.. شو مطلوب مني بهالحياة؟!.. ولوين رح أوصل فيها؟!.. كل سؤال كان إله جواب مختلف بس بناءاً على تفكيرهم.. بعيد عن الحقيقة المطلقة لكل هالأفكار.. بتذكر هالليلة متل إسمي يلي ما اخترته.. أسئلتي وقتها وصلت حدّها ولحتى يسكّتوا هالطفل صاحب السنين السبعة كان لازم يبرهنوله ليصدّق.. كنا بالشتوية نلتم جنب بعض عند الدفاية ونفتح التلفزيون على برامج المسابقات ونتسلى بالخبز المقرمش والكستناء المشوية.. الحقيقة إنه وجودنا جنب بعض هوه يلي كان مدفينا.. كنت أستغل هالجمعة وقت تتسكر الطرقات بالجو ويعطّل والدي من دوامه بمصنع الأدوية.. بتذكر بهالليلة من كتر أسئلتي فرجوني صور وأنا بقسم الخداج بالمستشفى بعد ولادتي بيوم.. قالولي إني خلقت وأنا عندي مشكلة بالجهاز التنفسي وكنت وقتها رح أموت.. بس ربنا نجّاني منها وعشت بعد فترة من العلاج لوصلت للحياة بسلام وقدرت أكون الإبن الثالث بالعيلة.. بتذكر سألتهم لو كنت متت وانتهت قصة حياتي بقسم الخداج معقول ما كنت عرفتكم ولا شفت ملامحكم ولا قعدت معكم هالقعدة؟.. معقول ما كنت عرفت مين أنا وكيف رح أكبر وشو رح تكون شخصيتي وحتى شكل صورة وجهي؟.. جاوبوني بقدرة ربنا عشت وإنت معنا اليوم بإرادته.. سألتهم ربنا وين؟.. حكولي موجود.. وربنا يلي خلقك وكوّن كل تفصيل بجسمك.. قلتلهم بس أنا ما شفته.. حكولي بنشوفه بكل شي حوالينا.. بالأرض.. بالسما.. بالناس.. بالكون.. بتشوفه بنفسك بس تطلّع بالمراية.. سألتهم أنا كيف اجيت؟.. وقتها طلبوا مني أدخل أنام.. دخلت غرفتي واتطلعت على وجهي بالمراية.. وسألت نفسي أسئلة بقيت جواتي بس الأجوبة يمكن كان لازم أبحث عنها بنفسي لأعرفها.. خصوصاً إنه تعدت مرحلة التفكير بالنفس وراحت لمكان أبعد.. لشكل الكون وحجمه ومحتوياته وسكانه.. كنت بغرفتي بس كنت بتخيّل العالم يلي فوقي.. وإنه برغم حجمه العظيم الغير محدود إلا إني أنا فيه!.. ومن خلال حتمية الوجود يلي بتأكدلي وجودي فكنت متأكد من وجود الكون يلي خلقه ربنا.. ومتل ما ربنا موجود.. فمن الممكن يكون في كائنات غيرنا موجودة بهالكون الشاسع وعايشين متل ما نحنا عايشين!.. كل شي جائز بهالعالم.. نحنا ما بنعرف مين ممكن يكون موجود عليه!.. مو ربنا قال.. ويخلق الله ما لا تعلمون.. جميع الخلائق المعروفة عايشين جوا كرة دائرية معلّقة بالسما مكوّنة من بحار وانهار وأراضي ومدن كبيرة بيحكمها أشخاص وسياسات وحواجز وتقسيمات جغرافية هائلة.. فليه ما يكون في كمان عالم عايشين بهالطريقة ذاتها؟!.. بقي جواب الطفل مجهول.. لأنه ما في ولا نظرية ولا وسيلة أكدت وجود أشخاص فضائيين مثلاً.. وبرغم أسئلتي الهائلة إلا إني كنت مبسوط لأني محظوظ.. ايوه أنا محظوظ إني قدرت أعيش اليوم لأقدر أفكّر وأستنتج وأطوّر من تفكيري لأوصل لنتيجة.. ومتل ما قال الفيلسوف ديكارت.. أنا أفكر إذن أنا موجود.. ووجودي كان هوه أهم شيء خاص فيني على الأرض.. كنت بفكر كتير وبالأخص بحصة الجغرافيا يلي كانت منبع لأسئلة جديدة كنت خايف أسئلها أو أسأل أسئلة غيرها بحصص تانية.. خصوصاً من بعد ما هزأني أستاذها عملاق الجثة المخيف.. وضحك عليّه أربعين طالب بسبب سؤال عن الكون سموّه سؤال غبي ما اله داعي.. وبسبب الكف الخمّاسي يلي أكلته من أستاذ الدين الأعرج بسبب سؤال عن ربنا.. سكتت.. بتذكر بس طلبو والدي على المدرسة بسبب أسئلتي الغريبة والمدير حذّره من إنذار نهائي رح أنطرد فيه من المدرسة لو بقيت أسأل متل هيك نوع من الأسئلة المخيفة والمثيرة للجدل حسب رأيه.. ويلي زاد خوّفهم أكتر السؤال السياسي يلي كان السبب بمجيء والدي.. كركبت فيه أستاذ الإجتماعيات صاحب الشفة الأرنبية واثرت غضبه لحتى راح وإشتكى عليّه.. والدي كان شخص مسالم وبحبني وبعمره ما هزّأني حتى بعد أسلوب المدير وتهديده ما غيّر معاملته لإلي.. بالعكس كان بضحك بوجهي بالوقت يلي كان فيه مدير المدرسة بصرّخ بصوت كان سامعه كل سكان حي مدرستي.. من حسن حظي انه كان نهاية الدوام.. ومسكني من إيدي وطلعني وكأنه ما صار شي.. أخدني ليشتريلي من سوبر ماركت.. لاحظت ونحنا بنقطع الشارع ختيار أعمى حامل عكاز وبحركها يمين وشمال.. سألت والدي.. معقول هالختيار خلق أعمى؟.. حكالي بتحب نروح نسأله؟.. استغربت وحسيت إنه بابا بدأ يستوعبني ويتحمّل أسئلتي الفضولية البحتة.. الختيار لاحظ إنه في حد قدّامه.. وقال ابعد لأمشي!.. قلّه بابا وكيف رح تقطع الشارع لوحدك؟.. السيارات سريعة ويمكن تموت!.. قلّه يلي عاش حياته كلها من يوم ما انولد سواد بسواد.. ما رح يخاف يموت من دعسة سيارة.. وبالفعل مشي وما كان خايف.. وكأنه حاسس وشايف.. قلي بابا سؤالك جاوبنا عليه ختيارك الأعمى بنفسه.. وأنا عارف حالياً انت شو بتفكر.. أنا صرت حافظ أسئلتك!.. لا تخاف يا إبني.. هالنوع من الأشخاص بالرغم انهم فقدو البصر لكن بصيرتهم بتكون أوضح من مليون عين.. حكيتله بس هاد ما شاف شي.. لا شكل الشجر ولا شكل الحجر ولا حتى شكل نفسه.. كيف إنسان فيه يعيش سبعين سنة من عمره تقريباً بدون ليقدر يشوف العالم كيف بتغيّر والناس كيف بتحكي وشو عم بصير حواليه.. معقول ممكن يكون اتخيّل ورسم جوا راسه أشكال غير الأشكال يلي بنعرفها بواقعنا؟.. يا ترى شو في جوا دماغه؟.. معقول الصورة يلي بشوفها نفس الصورة يلي نحنا شايفينها وعارفينها ؟!.. كيف تخيّل خطر السيارة ويلي رح يصير لو ضربته وهوه ما بيعرف شكلها وطبيعة حركتها؟!.. حكالي ما بدك نروح نشتري؟.. حكيتله طبعاً بس عم ببني فكرة مسبقة عن شكل البايع يلي جوا المحل.. يا ترى كيف شكله ومين أهله وشو شخصيته؟.. طيب مين ممكن يكون عم بشتري منه حالياً وبهالوقت بالذات؟!.. شو تاريخ عيلته وشو أحداث حياته يلي صارت جوا جدران بيته!.. وشو ممكن يكون عم يشتري؟.. طيب هالسيجارة يلي على الأرض جنب رجلينا شو إسم يلي رماها وبشو كان عم يفكر وقتها؟.. كان حزين أو مبسوط؟.. عايش حر أو مقيّد؟.. البيوت يلي حوالينا.. هدول بيوت ناس متلنا بس مليانين أحداث.. لو هالجدران شفافة وفينا نشوف شو عم يصير جواتها.. يا ترى شو رح نشوف؟.. عن جد فكرة غريبة انه نكون مجرد أرقام عايشين بهالعالم مع بعض.. مليانين مشاعر نفسية وذكريات وبنفس الوقت ما بنكون عارفين شو في جوات بعضنا.. بابا قلّي.. انت رح تجنني يا ولد!.. فضولك العجيب رح يجنني!!.. خد مصاري وروح اشتري بنفسك وأنا رح أستناك بالسيارة.. اعطاني فلوس ورحت غبت عشر دقايق وارجعت ومعي كيس.. سألني يا ترى ارتحت وعرفت مين البايع؟.. ضحك بعفوية وقلي.. بس ما تكون سألته عن حياته الشخصية وعرفت تاريخ جدوده لترتاح!.. حكيتله ما رح أقلّك شي.. رح أخليك تفكر بدون جواب متل ما كنت أفكّر.. يا ترى قديش رح تبني إحتمالات عن الشي يلي صار بغيابك؟.. قلّي كثير.. بس بالنهاية ما رح أتوصّل للحقيقة المطلقة يلي بتحب تعرفها بكل أسئلتك!.. لأنك إنت الوحيد يلي رحت وشفت مين البايع ومين يلي اشترى وشو صار جوا السوبر ماركت وشو حكيتله وشو حكالك وانت بس بتعرف شو جوا هالكيس الأسود المسكّر يلي معك.. يعني قد ما فكّرت وحللت واستنتجت رح يضل كل شي صار.. صار بعلم الغيب!.. شغّل السيارة وطلع.. وبالفعل كان معه حق.. من غاية هاللحظة ولليوم يلي صار عمري فيه واحد وعشرين سنة بابا ما عرف شو صار بعد ما تركته ورحت.. للأسف برغم كل إحتمالاته.. ما عرف إني أصلاً ما رحت على السوبر ماركت وما اشتريت شي.. الكيس الأسود يلي دخلت فيه على السيارة ما كان فيه شيبس ولا شوكلاته متل ما توقع.. الكيس كان فيه علب مكياج.. وأنا واقف جنب السوبر ماركت شفت كيس اسود انرمى من البناية يلي فوقه.. وقع الكيس جنب رجلي وتسكّر الشباك بسرعة.. ومن شدة فضولي أخدته وفتحته.. عرفت شو في بس ما عرفت مين رماه.. بنت مراهقة خايفة من أبوها أو مرة حزينة ومكتئبة من واقعها السيء يلي ما فيه فرح ولا سعادة بعلاقتها مع زوجها.. أو أو أو.. مليون إحتمال كان فيني أبني بس ما عرفت الحقيقة.. بالنهاية أنا بالحقيقة ما شفت البايع ولا حتى دخلت لجوا.. يعني بالفعل الشي يلي صار بقي بعلم الغيب.. متل ما في كتير أشياء بهالعالم موجودة بعلم الغيب وبعيدة عنّا وصعب نوصلها أو نعرفها.. احتفظت بالفلوس لليوم وبابا بقي يتساءل.. لكنه ما فكّر أبداً لبعيد ولخارج الصندوق متل ما أنا بفكّر.. بإني أكون ضحكت عليه وخدعته بطريقة هوه ما كان بتخيلها.. من هالحدث البسيط اتوصلت لنتيجة.. إنه الغيب الكامل ما بعرفه إلا الله.. أما نحنا ما بنعرف الحقائق إلا إذا عرفنا الأحداث عن طريق الصدفة أو مع الوقت بطريقة مرتبة رسمها القدر.. وبرغم كل الأشياء المجهولة يلي بحياتنا.. فمن الممكن يكون في كمية أشياء هائلة كنا معتقدينها صحيحة ونحنا بنفكر نفسنا طول عمرنا بنعرفها عليه ما هيّه عليه.. لكنها بالحقيقة خدعة وما صارت أبداً ولا ممكن تصير والواقع الأصلي مختلف تماماً.. على سبيل المثال كروية الأرض!.. هل من الممكن بعد آلاف السنوات يلي عاشوها البشرية على الأرض تطلع بالنهاية مسطحة؟!.. في أشياء مستحيلة فيزيائاً وعقلياً لكن الخيال غير محدود ومن الضروري الإنسان يبقى يفكّر ويتخيّل وما يكون عايش بس ليتنفس وياكل ويتكاثر.. تفكيري ما توقف لحظة وحدة.. سمعت كلام كتير.. مريض نفسي.. مفصوم.. مجنون.. أبو عقلين.. المفلسف.. أفلاطون.. أنيشتاين.. سقراط.. أرسطو.. الى آخره.. وبرغم كل كلامهم وألقابهم لإلي ما تأثرت أبداً.. الطفل الفضولي كبر والمراهق الشكاك نجح وأخد الأول بالثانوية على بلده بجدارة وصار شب جامعي طويل بملامح حادة وفك عريض وعيون واسعة ملوّنة.. وحواجب عاقدة بجدّية.. وبصيرة ما خانته ولا دقيقة في حياته.. وباليوم العاشر من شهر تشرين الثاني بدأت حكايته الأغرب من الخيال.. بتذكر اليوم يلي رجعت فيه من الجامعة راسي عم يفتِل من محاضرات علم النفس.. كنت فاقد مفتاح البيت وما كنت بعرف وين حطيته.. شكيت بإنه يكون بخزانتي الحديدية الخاصة في الجامعة يلي بترك فيها الكتب الثقيلة وبعض الأشياء يلي ما بحب أرجعها عالبيت.. رنيت الجرس فتحتلي أختي عزة وبإبتسامتها الحلوة قالتلي.. قتيبة هاد إنت؟!.. فكرتها ود.. ليه عم ترن الجرس وين مفتاحك؟!.. قلتلها ما بعرف يمكن وقع مني بمكان أو تركته بالجامعة.. حكتلي طيب منيح يلي جيت عاملة عيد ميلاد لبابا ورح تيجي ود وأمها وغادة.. وود حابة تعرف عن شو روايتك الجديدة.. بالله عليك لا تكسفها بقيت شهر تستنى هاليوم.. حكيتلها عزة أنا تعبان.. اليوم كان كتير طويل.. بوستها على خدودها ودخلت على غرفتي بعد ما سلمت على امي وبوّست إيدها وعايدت على بابا بعيد ميلاده الستين.. والظاهر هالليلة كان باين إنها رح تكون سهرة عائلية مميزة.. لأنه حتى اخي الكبير ريان كان راجع بكير من شغله لهالمناسبة!.. بعد ساعة راحة من الإحتفال البسيط المفرح.. صار آخر المسا وعتّمت.. طلعت على البرندة لأشرب فنجان قهوتي المسائية لأفكر بالرواية الجديدة لأني بالعادة بكون هاد هوه وقتي الخاص.. كنت حاسس إنه ود رح تلحقني.. قفلت باب البرندة.. وكنت بالفعل تعبان.. بالطابق الأول في بناية قديمة كنا ساكنين.. وفي ساحة كبيرة بأسوار عالية جنب البيت بتسكّر على الشارع.. الزواية يلي نحنا فيها مفتوحة لكل سكان بنايتنا يلي مكونة من خمس طوابق.. بناية قديمة كتير بس فخمة جداً.. ومرّت علينا فيها ذكريات طويلة مع كل شخص كان يسكنها معنا أو حوالينا من جيران.. كنا متل الأهل وكل يلي بالحي بالنسبة لإلنا معروفين.. يعني كلنا بنعرف بعض.. ود وعزة كانو عم يشربو الشاي برا.. والظاهر ود تقصدت تطلع لتخليني أنتبه عليها.. البرندة قريبة كتير على أرضية الساحة.. شفت ود تعمدت تمشي جنب البرندة لتحكي معي بحجة الرواية الجديدة.. قفلت باب البرندة ودخلت وبرغم الأصوات الداخلية يلي بالصالة من بربرة جيران وكلام وضحك نمت.. كنت مكشّف وبردان وانتبهت اني نايم بلا غطى بس بعد ما شفت إيد أمي بترفع على جسمي الشرشف متل دائماً.. كملت نومي طبيعي وما كنت بعرف الوقت.. شفت حلم.. ما كان حلم بقدر ما كان كابوس مفصّل!.. وانتهى بصورة لحدا أنا ما بعرفه ولا بحياتي شفته.. أنا متعود أشوف كتير كوابيس بس هاد وتّرني.. كان أشبه بفيلم ثري دي على شاشة سينما جدارية كبيرة!!!.. حلم شديد الوضوح والأصوات كانت واضحة كأني سامعها حقيقة!.. الأحداث كانت بتدور بالجامعة.. ما كنت عارف أقوم وكأنه التفاصيل بتشدّني لأضل نايم.. صحيت على صوت الأذان.. وصوت رجلين أمي بتركع وهمس من تمها.. بتدعيلنا وبتصلّي.. ضويّت التلفون لأشوف الساعة.. شفت ريشة صغيرة على المخدة.. ريشة طير ناعمة وخفيفة!.. استغربت من وجودها وضبيتها بدرج المكتب.. كنت خايف!.. ايوه خايف من يلي شفته.. خصوصاً الصورة يلي انتهى فيها الحلم.. طلعت من الغرفة وقرّبت من أمي وحضنتها من ورا.. قالتلي الله يرضى عليك حبيبي.. ليه قمت من هلأ!؟.. لسه بكير على داومك.. ما قلتلها شي.. وحكيتلها بدي أصلّي.. أمي حسّت عليّه وخلّصت صلاتها وقرآءة قرآنها بعد ما خلّصت صلاتي وقالتلي.. شو فيك حبيبي؟.. حكيتلها من تعب ليلة مبارح نمت مرهق والظاهر كوبست كثير طول الليل.. قالتلي روح إلبس اليوم دخلنا بالشتا ولا تنام مكشّف كم مرة قلتلك إنتبه.. يعني ضل بس أحطّلك كاميرا بالغرفة لأضل متطمنة!.. لا تخاف وإقرأ المعوذات حبيبي قبل لتنام وبعد ما تقوم.. الشيطان قريب من الإنسان قد ما كان مؤمن بضل يوسوسله ليفرجيه أشياء ليخوّفه فيها حتى يشتت تفكيره.. خليك قريب من ربك لتبعد كل الوساوس عنك.. لا تفكر كتير.. لا تشغل بالي عليك.. إبعد عن السياسة ولا تضل تحلل.. الحياة بسيطة يا إبني ونحنا زوار ورح نمشي من الدنيا بعد ما نكمّل الرسالة يلي انخلقنا عشانها.. لا تعقّدها.. قلتلها امي لا تعيدي هالجملة.. ارجوكي.. بعرف إنه كلنا رح نروح حسب ما ربنا كاتبلنا.. بس بكير عهالكلام.. بحبك يا أمي!.. ضحكتلي وقالتلي شفت إنك بتنزعج من هيك حكي متل ما أنا بنزعج من تفكيرك يلي جايبلك المشاكل!.. بعد ساعات كنت بالجامعة.. رحت بسرعة للخزاين قبل لأسلّم على أي حد وفتحت خزانتي يلي رقمها سبعة وسبعين.. اخدت الكتب وبقيت أدوّر على المفتاح.. وأنا عم بدوّر أجت بنان.. وبدأت تحكي.. قتيبة ليه من مبارح برنّلك خطك بيفصلني وما برن؟!.. حظرتني من المكالمات صح؟!.. بقيت بدوّر وما عم بتطلع عليها.. أسلوبي استفزها.. قالت أنا اسفة ما كان بدي يصير هيك.. وما بدي تفهم غلط.. أنا وحسام ما في بينا شي.. أنا طريقة تعاملي مع الشباب هيك.. بعرف إنه غلط بس رح أتغيّر.. لفيت راسي عليها وقلتلها أنا اليوم كتير متوتر وما بدي أسمع ولا شي!.. قالت وما بدك تشوفني؟.. حكيتلها بكون أحسن.. حكت طيب على شو عم تدوّر قلبت الخزانة وفلّيت الكتب!.. احترت المفتاح وين ضاع منّي.. بقيت بدوّر وفجأة بنان قالت.. عم تدوّر على هاد؟.. المفتاح كان معها!.. صرخت بوجهها وقلتلها مفتاح بيتي شو بعمل معك!.. حكت توقعت تحظرني بعرف هاد أسلوبك لهيك كان بدي أوترك طول اليوم متل ما رح توترني.. سحبته منها وضبيت الكتب ورحت وضلت تلحقني.. صرخت بوجهها قدام الطلاب وقلتلها حلّي عني!!.. انصدمت من أسلوبي وفجأة شفت صاحبي الوحيد وسام ماشي.. استغرب مني وحكالي.. قتيبة عم تصرّخ بين الطلاب!!.. أول مرة بتعمل هيك!.. شو صاير؟!.. حكيتله خلينا نبعد.. مشينا لبعيد ورحنا على الإستراحة الخارجية.. بين الشجر والمقاعد الخشبية.. قلي وجهك أصفر وعيونك حمرة.. انت مو نايم؟!.. قلتله راسي رح ينفجر شفت حلم غريب.. غريب كتير أنا أول مرة بشوف هيك حلم بحياتي وحسيته كأنه حقيقة.. حاسس جسمي مقشعر لهلأ!.. اتطلع فيني وحكالي بدك تحكيلي؟!.. قلتله بينفع أحكي؟!.. بقولو إنو يلي بيحكي حلمه بعز النهار بتحقق!.. قال هاد كلام ختايرة.. إحكيلي شو شفت.. يلي عملته جوا أول مرة بيطلع منك!.. حكيتله شفت الجامعة مقلوبة فوقاني تحتاني.. صار عملية اغتيال وتصفى دكتور بسيارته.. وعلى الأغلب الطلاب كانو بيحكو إنه دكتور العلوم السياسية فتحي.. وفي بنت ماتت بالطابق الثاني.. الطلاب فكروها جريمة قتل بس بعد ما فحوصها تبيّن إنها انتحرت.. الشرطة كانت موجودة وكنت شايف الوقت.. كان بحدود 12 ونص.. أصوات الصراخ كانت بأذني كأنها حقيقة.. تخيّل إني شفت المشهد يلي صار جوا.. حلمت إنه مفتاح بيتي مع بنان.. وهددتني تيجي على البيت وتقول لأهلي بإني منضم لحزب سياسي.. بالرغم هالشي ما صار جوا.. بس أنا كيف حلمت بإنه المفتاح معها؟!.. استنيتها تيجي على البيت بس يلي شفته إنه في أشخاص غرباء أجو على بيتنا واقتحموه إقتحام والأغرب إنه الحلم إنتهى بصورة وجه طفل أو طفلة لأول مرة بشوفه.. وقال جملة وهيّه يلي وترتني أكتر شي ولهلأ بفكر فيها.. بس اللي بحيّر إني نسيتها ونسيت نص أحداث الحلم!!.. ضحك وقلّي يلي صار مصادفات وهلاوس.. كم محاضرة كان عندك مبارح!.. قلتله أربعة والظاهر فعلاً إني كنت تعبان.. والأحسن نقوم على المحاضرة لأنه صارت 12 ونص وما بقى الا تبدا.. قمنا ومشينا وبس طلعنا لجهة الكليات شفنا مجموعة طلاب واقفين جنب بعض.. وصوت صراخ من جوا وبرا.. اتطلع فيّه وسام وفتح عيونه وقلّي خلينا نركض لعندهم ونشوف شو صاير!.. وصلنا وشفنا كمان مجموعة طلاب واقفين لبعيد جنب مصف السيارات.. وسام سأل طالب.. شو في هناك؟.. قله الدكتور فتحي انقتل بسيارته.. من دقايق انسمع صوت ضرب رصاص.. وما حدا شاف مين ضرب على السيارة بس تأكدو من موته ومن أنه في حد عمل هيك لسبب مجهول!.. كنت شايف وسام مندهش.. وبهمس قلي قتيبة كيف عرفت؟.. حكيتله امشي معي لفوق.. حكالي لوين خلينا نعرف مين عمل هيك!!.. حكيتله في صراخ بالطابق العلوي.. بدي أتأكد من يلي شفته.. ما في وقت!!.. طلعنا كان الكافتيريا شبه فاضي.. وطلاب عم يركضو.. وصوت إسعاف وصوت سيارات شرطة.. شافتنا لوسيانا بالممر وقالت ما في محاضرة الدكتور اعتذر من الطلاب.. تركناها ومشينا وصرت بركض على الدرج.. المكان يلي كنت بمشي فيه بالحلم.. شفت باب غرفة إستراحة البنات الخاص مفتوح بالكامل لأول مرة وشباب فيه!!!.. قربنا منهم واتطلعنا من بين البنات الواقفين.. دخلت دكتورة مع دكتور ومجموعة عاملين بالمستوصف الطبي.. ووسام كان بقمة دهشته.. طلعت الدكتورة بعد دقايق من بعد ما سكّرت باب الغرفة وصرّخت على الطلاب بإنهم يبعدو.. الأمن أجو وبعّدو الطلاب وأنا أصرّيت ابقى.. كنا سامعين أحاديث البنات جنبنا عم يحكو.. بقولو انتحرت.. حكت وحدة أنا رفيقتها ومن مبارح مو على بعضها.. الأمن أخد البنت وكان لسه صوت الحركة والصراخ وسيارات الشرطة واضح من برا المبنى.. نزلت أنا ووسام لتحت.. وأخدني من إيدي لمكان بعيد عن الأصوات وقلي إنت شفت يلي رح يصير من قبل!.. كلامك ما كان مجرد حلم.. انت وصفتلي يلي شفناه من شوي!.. حكيتله يلي شفناه أنا شفته بالتفصيل.. نفس المشاهد!.. مصادفة!؟.. قلي لأ مو مصادفة.. والوقت!.. يلي صار بنفس الوقت يلي شفته بحلمك.. قلتله إنتبهت على الساعة وما نسيت أبداً الوقت قديش كان.. 12 ونص سمعنا صوت الصراخ.. اتطلع فيّه بإستغراب وخوف.. حكيتله بقسملك إني ما بعرف شي.. أنا مصدوم متلك.. بترجاك وسام ما بدي حدا يعرف باللي حكيتلك ياه.. انت بتعرف اني بوثق فيك!.. حكالي بعرف.. بس ما قلتلي حلمك وين انتهى؟.. شو شفت كمان؟.. ما عرفت مين قتله؟.. قلتله يلي شفناه سوا أنا شفته بس ما كنت معك كنت لوحدي.. ومن بعد كل هالمشاهد اختفت الأصوات وظهر قبالي صورة الطفل أو ما بعرف الطفلة.. وقال الكلمة وبعدها قمت على صوت الأذان وكنت خايف.. صار يقول انت هلأ خايف أكتر.. أنا محتار.. يعني لو صاير الحادث قبل بوقت وحاكيلي عنه بقول هاد عم يضحك عليّه لأنه بعرف.. بس أنا أخدتك لبرا بإيدي وكان الوضع مستتب وهادي وما كان صاير شي.. يعني حتى إنتحار البنت غريب.. نحنا إتأكدنا من كلام الطلاب.. حكيتله سامع هالأصوات والركض وسيارات الإسعاف والشرطة!؟.. هالأصوات نفسها سمعتها.. حكالي إسمعني أنا توترت كتير.. خلينا نطلع من الجامعة لأي مكان برا.. دقايق وكنا برا.. طلعنا بسيارته وطلب مني ما أحكي الحلم لأي حد حتى أهلي.. كنت بحسه واعي زيادة وأكبر من عمره وكنت دائماً بوثق فيه.. بقي يطلب مني أتذكر الكلمة يلي حكاها الطفل بس أنا كنت مشوّش وبحاول أراجع بذاكرتي بس ما بتوصل لنتيجة.. قلي مو مشكلة الأحسن انه ما في محاضرات.. انت بترجع على البيت وبتحاول تنام وما تفكّر.. يلي صار ما تستهين فيه قتيبة!.. والأحسن ما تبدأ بكتابة روايتك.. بدنا نعرف يلي رح يصير خلال أيام.. بهاللحظة تذكرت!.. تذكرت الكلام يلي قاله الطفل.. حكيت لوسام إبعد وروح لمكان هادي.. بعدني وحكالي شو تذكرت؟.. قلتله الطفل قلي جملة تلات كلمات بكل كلمة همزة.. وبكل يوم حدث!.. هاد يلي حكاه.. فكرته قال همسة همسات بس أنا متأكد إنه قصد يلي حكيته.. حكالي هاد لغز.. كلام مجهول.. انت متأكد ما صار شي بعد نهاية هالحكي.. حكيتله على صوت الأذان قمت!.. متأكد ما سمعت غير هاد.. بس متذكر شكل الطفل.. كتير ناعم!.. ناعم لدرجة فيك تقول إنه بنت.. وجه ناعم ملائكي بس أبيض وشاحب وما في دم متل الأموات.. حكالي انت خوّفتني.. بس صدقني في تتمة.. أنا بعرفك من خمس سنين.. من قبل لندخل الجامعة من الثانوية.. بعرف شخصيتك يمكن أكتر من أهلك.. خيالك بحر وتعمقك بالنفس البشرية والأفكار الروحانية الخارجة عن المألوف والطبيعة يمكن يقلب عليك قتيبة!!.. حكيتله شو بتقصد؟.. قلي يعني يلي بيبقى يفكر بشي بجيب اللعنة لنفسه.. بيتحقق وبيتلبسه!.. حكيتله لو بنان حكت لأهلي عن الحزب يلي أنا منضمله وقتها رح أصدق كلامك بشكل قاطع!.. حكالي بدك أكتر من يلي صار قبال عيوننا.. كلامك وتفصيلك للأحداث كله شفناه!!.. لو بالفعل كلام هالولد يلي شفته صدق.. يبقى الموضوع كارثة.. بدك تتوقع أي شي ممكن يصير!.. قلتله شو يعني؟.. قال رح يتحقق كل حلم بتشوفه بمنامك.. رح تشوف أحلامك واقع.. سواء كانت سيئة أو حتى كويسة!.. مشي بالسيارة ووصلني على البيت.. كانت أطرافي بترجف.. كنت خايف ومتوتر.. الموضوع دخل فيه المجهول وأنا طول عمري كنت بخاف منه!.. دخلت البيت شفت عزة بتضحك بصوت عالي مع امي وكنت لأول مرة بشوفهم مبسوطين هيك.. بقيت اتطلع عليهم بدون لأتكلم وبهاللحظة نسيت كل شي صار.. قرّبت منهم بهدوء وأنا ببتسم ونزلت على رجلين أمي وحطيت راسي على ركبها.. قرّبتني وحضتني.. كان بدي أنسى أي تفكير سيء.. وأمي على الفور صارت تلعب بشعري وتحسس على وجهي ولسه بتضحك.. عزة غارت وحاولت تبعدني وصارت تقول مو بكفي اقتحمت جلستنا وكمان بدك تاخد أمي مني!.. حاولت تبعدني وأنا غمضت عيوني مو مهتم لكلامها ومبسوط بأمي.. قرّبتها أمي منها وقالتلها لا تغاري وانتي الك حصة بقلبي تعالي.. حطت راسها جنب راسي على طرف ركبة رجلها التانية وصارت تلعب بشعرها وتضحكلنا.. وتدعيلنا تزوجنا.. عزة ضحكت وقالت انا موافقة يجيني أي عريس.. لو يجي أي واحد من الشارع هلأ ويدق الباب دغري رح بقبل بس ابنك هاد المفلسف يلي بده وحدة من الخيال شو بده يزوّجه؟!.. قالت امي لا تحكي على اخوكي.. رح يتزوج.. وأحسن بنت بالعالم يلي تستاهلو وتستاهل عقله وخياله.. بس يأشر عليها وأنا رح أروح برجليه أخطبله ياها لو كنت مكرسحه وبلا رجلين!.. قلتلها أنا بدي أضل معك ما بدي أي وحدة تاخدني منك يا أمي.. قالتلي انت رح تضل ابني المدلل يلي اتحملت كل أسئلته الفضولية كل حياتي.. بس خليني اتطمن عليك.. حكيتلها بتطمن بس أكون بحضنك .. قالت عزة شفتي كيف بيتهرب؟.. ما ضل بنت ما عينها فيه.. معجبات كتار وبكل رواية بجذب عدد أكبر منهم.. إذا ود قتلت حالها ليعبرها.. وبالجامعة!.. اتطلعت فيني وقالت بدك امي تعرف؟!.. ضميت حواجبي بعصبية.. وعزة قالت لا امي بس الله اعلم كم وحدة بتحبو!.. أنا شفت رسائل الغزل كلها!.. حطيت إيدي على تمّها وسكرتو.. وبقيت تحاول تحكي.. وامي تضحك.. قالت ود؟.. كل هاد بطلع من هالفصعونة وأنا بحكي ليه بتحب تيجي عنا كتير!.. والله ود حلوة ومرتبة شو رأيك نخطبلك ياها؟!.. ضحكت وبعيوني دمعة فرح.. تفكير أمي فعلاً كان يضحكني!.. حكت عزة أنا ماخدة ود على قد عقلها وبعرف انو مستحيل يحبها بس ما بدي أكسر بخاطرها للبنت.. بس المشكلة بإبنك يلي عم يجذبها بكل رواية بكتبها.. عم تعشقو بكل مرة أكتر!.. كانت عزة بتقلّب بتلفونها وفجأة شهقت.. امي سألتها شو في؟!.. قالت في بنت منتحرة بجامعة قتيبة!.. هالشي صح!.. قالت امي اعوذ بالله!.. قلتلهم صحيح وفي حد اغتال دكتور.. امي توترت وخافت وعزة بقيت تقرأ الخبر حكت ناشرين إسمها.. وهالإسم مو غريب.. انا اتطلعت عليها وقلتلها شو يعني بتعرفيها؟!.. قالت كنيتها سامعتها والإسم.. رح أتصل مع تسنيم.. هي صاحبة الي بتدرس معكم بنفس الجامعة وشاكة انو بتعرفها!.. دقيقة ورنت.. ومن طريقة كلامها عرفت انه البنت بتعرفها صاحبتها.. قفلت الخط وأنا قلتلها شو حكت؟!.. قالت بتعرفها صاحبتها وقريبة منها كتير.. وبتقول إنه البنت عندها اضطرابات نفسية وآخر فترة كانت مو طبيعية.. عم يقولو في شي أثر عليها وغير أسلوبها يعني يمكن انتحارها ما كان بإيدها!.. قالت امي كيف يعني؟!.. قالت عزة يعني ممكن تكون البنت مسحورة!.. قالت امي سحر وقتل.. نحنا وين عايشين!.. في ناس بتأذي هيك؟!.. قلت لعزة بتقدري ترجعي تتصلي مع تسنيم وتطلبي منها تيجي لعنا.. حكت عزة تسنيم ما عمرها اجت لهون.. ليه لتيجي.. قلتلها الموضوع بخص الرواية.. انا رح اعملك أي شي بدك ياه بس خلي هالبنت تيجي لهون!.. دخلت لغرفتي وحكيت الكلام يلي صار لوسام.. زاد التوتر.. بإنه موضوع البنت قريب من أختي.. يعني بالفعل الموضوع راح بإتجاه الحتمية بإنه كل شي عم يصير لسبب حتمي بس مجهول!.. قفلت البرادي ومن المغرب قررت أنام.. طفيت تلفوني ومن شدة القلق صابني وجع معدة.. توترت وما عرفت أغفى.. اندق الباب.. دخلت عزة.. حكتلي قتيبة.. انا حكيت لتسنيم تيجي بكرا.. بس بتقول إنه في كلام خاص صاير مع البنت صعب تحكيه.. يعني بتضل صاحبتها وما بدها تطلّع يلي صار عالملا عشان رواية.. قلتلها ضروري تيجي.. خليها تيجي وبعدين هالحكي!.. قالت رح تيجي.. بس في شي كمان خوفني من شوي.. حكيتلها شو!؟.. قالت وصلتني رسالة من رقم مجهول بتقول إنها بنت معك بالجامعة إسمها بنان.. بتحكيلي قولي لأخوكي يشيل الحظر قبل لأفضحو وأحكي لمين منتمي وشو عم يخبص.. بلا ما يوصل الكلام لوالده.. هي مين وكيف جابت رقمي!.. مو نفس البنت يلي كنت تعرفها بالجامعة؟!.. هديك ما كان إسمها بنان !!.. سبّيتها وعصبت.. وقلتلها احظريها وأنا هلأ بتفاهم معها.. قالتلي شو قصدها؟.. انت منتمي لحزب مو كويس؟!.. حكيتلها اطلعي عزة واقفلي الباب.. طلعت ورنيت على بنان.. حكيتلها من اليوم بتنسي واحد اسمه قتيبة.. انسي كل شي بينا.. نحنا تركنا خلص.. مو انتي البنت يلي بدي ياها.. ولو بوصل خبر لأهلي رح أدمرك وإعتبريه تهديد!.. قفلت بوجهها وحظرتها وبسبب عصبيتي قدرت أنام.. كان الجو هادي ولأول مرة بكون متل المخدر بالتخت.. حاسس بتعب وبراحة.. بدأت تتشكل صور.. كنت شايف بنت قاعدة ورا شي كبير بشبه الآلة الموسيقية بس كان مو واضح كانت لافة ظهرها ووجهها مو قبالي.. بتميّل راسها لجهة اليمين وفجأة بظهر وجه الطفل صاحب الملامح الناعمة وبكون قبالها تماماً وكأنها بتقلي شوفه!.. شعره قصير وناعم.. بنت أو ولد ما كنت قادر أحدد!.. البنت بتصرخ وفي صوت موسيقى بعلى.. نغمة أنا بعرفها وسامعها.. وفجأة بوقع البيت وبنهار عليهم.. دمار كامل!.. بسمع صوت رصاص وحرب.. البنت ميته على الأرض والطفل ما في ولا خدش.. عايش وواقف!.. وكأنه روح بدون جسم مادي ما بتأثر.. بشوفه بختفي فجأة وبطير وبتبدد بالجو متل البخار.. بسمع صوت طفل متل صدى الصوت العالي بالجو يلي كله دخنة وضباب بقول.. تلات كلمات كل كلمة فيها همزة وكل يوم فيه حدث.. قدرك موجود بالسما.. نحنا عايشين فوق!.. والمكتوب رح تشوفه.. المحتوم.. المحتوم.. بفتح عيوني وبشعر بنفسي ضيّق.. بصرخ بصوت عالي وببقى بصرخ وبصرخ.. بنفتح الباب وبشوف أمي بتقرّب مني.. خايفة بتسمّي على راسي وأنا بقلها.. شو بده مني وليه بحكيلي هيك؟!.. مين هاد يا أمي ؟!!!.. شو لسه بده يصير!.. خبيني.. خليني معك!.. بتطلب مني أهدى وعزة وبابا بدخلو الغرفة وبيقربو مني وبسألو شو في ليه عم يصرخ.. بابا بستغرب أنا أول مرة بعمل هيك!.. وامي بتتطلع فيني وبتقلي حبيبي عن مين بتقصد؟!.. ببقى حاضنها وعزة قالت في ريشة طير على المخدة من وين أجت؟
يتبع..