أمومة
مرت الأيام كحلم جميل ترفض أفرين الاستيقاظ منه ، لم تكن تتخيل أن الحياة ستكافئها بعد كل هذه المعاناة التى دامت عمرا عاشته ككابوس طويل ليأتى مصطفى بعد هذا العمر ويمحو كل الألم في لحظات بدفء صدره الذى احتوى برودة لياليها الطويلة .
مر عام وثلاثة أشهر منذ تزوجا .
يدخل مصطفى من الباب ليقابله هدوء غير معتاد ، فمنذ ستة أشهر حين رزقهما الله ولدهما عمير وقد إعتاد صخب بكاءه الشبه مستمر لدى عودته من الجامعة .
ابتسم بسعادة وهو يمنى نفسه بسعادة مطلقة ، تسلل بهدوء خوفا من إيقاظ الصغير .فتح الباب برفق وابتسامته تتسع ليجد أفرين بحالة يراها للمرة الأولى منذ زواجهما .
كانت تجلس بمنتصف الفراش ترتدى عباءة منزلية محتشمة وتبكى بشدة ؛ اختفت ابتسامته فور رؤيتها بهذه الحالة ،وضع حقيبته أرضا بإهمال ليتجه نحوها فورا : أفرين ..مالك حصل إيه؟؟
تلفت حوله بخوف : عمير فين ؟
أسرعت تقول : ماتخافش عمير عند ماما.
تنهد ببعض الراحة: طيب مالك بتعيطى ليه ؟
ليزداد بكاءها حدة ، مد ذراعه يقربها من صدره بصبر : أهدى بس بالله عليك . وفهمينى بالراحة فى إيه ؟
صمتت ليتساءل : حصل حاجة فى الشغل ؟
هزت رأسها نفيا فعاد يتساءل : حد ضايقك وانت راجعة ؟
عادت تهز رأسها نفيا فتنهد بصبر ثم ابتسم وهو يرفع وجهها إليه ويقول مداعبا : اوعى تقولى لى المصروف خلص ،هقعد اعيط جمبك .فرت منها ضحكة ليتساءل بحنان : طب فى إيه بس ؟ حرام عليك قلبى وجعنى .
مسحت دموعها وهى تقول : أنا حامل .
اتسعت ابتسامته ببلاهة وهو يهز رأسه مستفهما : انت إيه ؟
عادت للبكاء بشدة وهى تؤكد : أنا حامل يا مصطفى
حمحم بإضطراب : حبيبتي انت متأكدة ؟ احنا عاملين حسابنا كويس .
اومأت إيجابيا : انا روحت للدكتورة واكدت لى .لم يعرف كيف يتصرف !! هل يفرح بهذا الطفل القادم !! أم يخشى عدم ملائمة الوقت !!!
عمير عمره ستة أشهر فقط .. وكان حمله صعبا للغاية ، بالكاد كانت تتناول لقيمات لخمسة اشهر كاملة .
كم كان سعيدا بمولد عمير لنهاية معاناتها مع الحمل ربما أكثر من سعادته بعمير نفسه .طال صمته لتتأكد ظنونها برفضه هذا الحمل ، نكست رأسها وزادت دموعها ليفيق من شروده على حقيقة صدمتها تلك والتى عليه التعامل معها .
تجولت أنامله فوق وجنتيها لتمحو دموعها ، ابتسم بحنان : وكل الزعل ده علشان خبر حلو كدة .
اتسعت عيناها وهى تردد بتعجب : حلو !!؟تأكد من توقفها عن البكاء تزامنا مع إتساع ابتسامته الحانية : طبعا حلو ؛ هو فى احلى فى الدنيا من إن ربنا يرزقني بطفل منك .
ظهر التردد على قسمات وجهها وهي تتساءل : يعنى انت مش زعلان ؟
ضرب جانب رأسها بانامله بخفة : زعلان إيه يا عبيطة انت؟ ده أنا اسعد واحد فى الدنيا .