وقع خطى صامت، حفيف أشجار يطغى على ضوضاء المارة، أمطار و أعاصير امتثل لها داخلي و قهوة كانت مرارتها حلاوة ما عشت، أراقب من نافذتي كل عاشقين متحابين كانا ام متخاصمين، تطلق حناجرهم ما تنفيه عيونهم، أراقب تلك التي تعبر الطريق صحبة ابنها و ابتسامة ساحرة تعلو ثغريهما، أرى ذاك المسن يرتشف قهوته الصباحية و يقرأ صحيفة عله يلقى أخبارا حول ابنه المفقود، أرى الطرقات مكتظة كل الى شغله، أطفال صغار في طريقهم الى المدارس، رغم كرهها يرتادونها كل صباح بأمل جديد و روايات صباحية و أحاديث لا تنتهي، حياة ملونة و علاقات متجددة...
أظن أني مقصاة من الحياة، أراقب في صمت و أعود الي قلمي و اوراقي المنثورة أكتب و أمحي، أنهل من معين الوحدة ما أراق دمي، خلف تلك النافذة تكون الحياة رمادية لا غير، صار الملل رفيق عزلتي و الضجر ينهش داخلي، أو لم أقل ان النسيان خيانة، ها انا ذي اود خيانة ذاتي، كم أتمنى ان انسى، لكن لا أستطيع فكل تفصيل يذكرني به، كل مكان لنا فيه ذكرى و كل زمان محفوف بأصوات ضحكنا المتواصل، و كل إطار في غرفتي يحمل معاني لا يعرفها غيرنا، و ان كنت اود النسيان فان ذاكرتي لا تخضع لذلك، كم أشتاق اليه، أحتاج وجوده الى جانبي، كان لي الصديق الدائم و الرفيق الوفي و العاشق المولع، أراد القدر تفريقنا و لم يجد طريقة فهو توأم روحي و لا مجال لانفصالنا، و كان الحل أن يلفظ أحدنا أنفاسه الأخيرة، بدأ النور يخبو.... انطفأ السراج و غادرني، تركني لوحدتي من جديد، أموت كل يوم حسرة، لأني لا زلت على قيد الحياة، لأنه ليس إلى جانبي، فؤاد مكلوم و وجدان جريح، روح منهكة، و شعور بالخواء، هذا هو ما أعيش، هذا ما يختلج في صدري...
أفتقده... و اتمنى لقاءه... أريد الاستمرار في نوم أبدي فهو يزين أحلامي، كم أتمنى أن يكون الألم أمديا لكن لا سبيل، ألا يقولون أن الألم لا يزول لكن الروح تعتاد، لا ألم يزول و لا روح تعتاد فأود فقط الخلود إلى سبات عميق...
![](https://img.wattpad.com/cover/195748077-288-k474180.jpg)
أنت تقرأ
خواطر
Romanceليس بمقدوري مصارحة أحد عما يحمله كياني من أحاسيس خامدة ، أخاف من أن أشارك خصوصيتي مع الآخرين ، يمكن أن أكون أيضا ممن لا يريدون مشاركة شيء يعنيهم مع أناس لا اهتمام لهم بما تشبعت روحي به ،عقلي في خدمة قلبي ، و قلبي لا عمل له سوى الشعور و لا أعرف من أي...