هدوء يخيم على المكان ، هو لا يسمع حسيسها و هي قد اعتادت على ذلك ، انتشلت نفسها من القاع ، قابلته في الغرفة المجاورة ، و بثت على مسامعه بعض الهمهمات عله يفهمها و يقلع عن جفائه هذا ، فما قد عرفته هكذا
- أيمكن أن تترك الهاتف للحظات تضمني فيها
-ماذا بك ؟ هل تستعدين لدخول فترة اكتئاب جديدة ؟ هيا اذهبي لاحباطك فانا لا أجيد المواساة
- أهكذا تودعني ؟
- أودعك ؟ هه تمزحين ... دعيني أخمن ... أم أنك ستقدمين على الانتحار مرة اخرى ثم تضعف ارادتك و تقضين الليل في الحمام تذرفين الدمع على أشياء لم و لن تحصل ؟
- أهكذا تراني؟
- أهذا استجواب ؟ لقد مللت حقا ، اذهبي عني لقد مللت احباطك هذا ، انت تجرينني معك الى الهاوية ، منذ تزوجتك و حياتي امست مظلمة ، حبا في الله اغربي عن وجهيانسحبت بهدوء، كانت فعلا تودعه ، لم تكن تهدده كعادتها طالبة بعض الاهتمام ، فالاهمال قد أنهكها ، و قد ذاقت به ذرعا ، اقفلت باب الحمام ، كان الحوض قد امتلأ ، افترشت الماء طالبة الراحة الأبدية ، اخذت ذلك السكين و قطّعت أوردتها في صمت ، صمت لطالما ألفته ، ثم سكنت و قد صارت في حمام دماء ، أُثْقِل رأسها فمالت متكئة على الحائط ، أحست بتنميل أطرافها و قد أيقنت أنها النهاية ، بدأ النور يخبو .. و ها قد انطفأ ... لقد غادرت الحياة و هي تشاهد معصميها ينزفان كما نزفت روحها لسنوات
بعد سويعات قليلة تفطن الى انه لم يسمع بكاءها هذه الليلة ، و قد خبى حسيسها ، فراح يستطلع أمرها رغم ارهاقه الشديد ، لم يستغرب ما ان وجد باب الحمام مغلقا ، فهذه عادتها ، لكنه ناداها و لم تجب ، اضطره ذلك لخلع الباب ، فشحب لونه لهول ما رأى ، لقد فعلتها ، لقد قتلت نفسها ، هرع اليها و قد تراءى أمامه ما قاله لها كل ليلة من كلام جارح هازٍ للكيان ، أحس بالندم ، لكن هل يغفر له هذا ؟ أخرجها من مستنقع الدماء ذاك و قد سلكت الدموع سبيلها الى وجنتيه ، ضمد معصميها و هرول بيها الى المستشفى ، لم يعمد حتى لتحسس نبضات قلبها ، عند وصوله عرف حقيقة موتها ، كان يتخبط بين ندمه و حزنه ، لقد كان يحبها و كان يجافيها ليجبرها على مفارقته ، لم يكن يريد لها أن تشاهد موته ، كان في اواخر مراحل السرطان ، لم يبقى له سوى بضع اسابيع و لم يكن يريد لها أن تعيش على أطلاله ، لكنه سيعيش ما تبقى بتأنيب ضمير و بجرم لا يغتفر و بعدها سيلحقها علّه يطلب الغفران منها ، لم تكن هذه الخطة ، و لم يتوقع انها قد تعمد الي الانتحار فعلا ، كانت تذبل يوما بعد يوم و كان قلبه يذبل معها ، لم تستطع تحمل صدمات متتالية ، موت ابويها و اخيها في حادث مروع ، فقداننا لطفلنا و قد كان جنينا ذو شهرين ، فقدانها لعملها و اهمالي المتعمد لها لثلاثة شهور متتالية ، لم أغفل عنها قط ، كنت اراقبها دائما لكني لم أكن لأتركها تجابه الحياة من بعدي بصدمة عاطفية أخرى ، خلت أني أساعدها على تخطي صعوبة من صعوبات الحياة التي لم ترأف بها قطّ، ذنبي لا يغتفر ، لكن ما يحرق روحي فعلا هو أنها أتت لتودعني لكني لم أرد لها أن تقترب مني لتكتشف البقع الزرقاء التي ملأت جسدي و تعمدت ابعادها عني ، كانت آتية الى حضني و لو أني ضممتها لكنت عرفت ما كانت تنوي عليه ، لو أني فعلا ضممتها الي صدري لربما كانت ستعزف عما فعلت ، لكن لا ينفع الندم في شيء ، روحي و قد فقدتها ، لا غاية من البقاء على قيد الحياة ، سانتظر فقط اسبوعين او ثلاث و سالاقيها حتما ، يجب أن أعتذر علّي أجبر خاطرها ، فهي لم تستحق كل هذه الالام ، روحها الهادئة لم تستحق هذه النهاية
![](https://img.wattpad.com/cover/195748077-288-k474180.jpg)
أنت تقرأ
خواطر
Dragosteليس بمقدوري مصارحة أحد عما يحمله كياني من أحاسيس خامدة ، أخاف من أن أشارك خصوصيتي مع الآخرين ، يمكن أن أكون أيضا ممن لا يريدون مشاركة شيء يعنيهم مع أناس لا اهتمام لهم بما تشبعت روحي به ،عقلي في خدمة قلبي ، و قلبي لا عمل له سوى الشعور و لا أعرف من أي...