شقاء

1.2K 50 1
                                        

(ﺍﻟﺠﺮﺡ ﻳﺒﺮﺍ ﻭﻛﻼﻡ ﺍﻟﻌﺎﺭ ﻣﺎ ﻳﺒﺮﺍ)


فزماننا هذا حواء باقي كتكافح باش تفرض مكانتها وسط المجتمع، المجمتع للي كيتباهى بكون المرأة متحررة فيه من كل قيود الجاهلية ولكن فنفس الوقت كيعمل على أنو يزيد يقيدها بفرض قوانينه للي كتخول العيش للأقوى.

وسط النهار دخلت هناء لدارها بعد صباح طويل دوزاته فالدوران كتقلب على خدمة. وهي كتسد وراها الباب تمنت بينها وبين نفسها ماتكونش امها فالدار تفاديا لسماع هدرتها وكاسيطة طويلة تعودت تسمعها منها لسنوات.

هناء هاذ البنت للي ماخذات من سميتها غير الضد دياله؛ شقاء. الشي للي عايشاته من خلال سنوات عمرها للي مكتجاوزش الرابعة والعشرين ما كانش ساهل، وماشي أي وحدة تقدر تتحمله وتحافظ على نقاءها وبراءتها فوسط بحال الوسط للي كبرت فيه.

كانت ديما وقبل ما تعرف تقرا كتسمع امها كتسمي باها بسمية وحدة مللي كتجبدو فهدرتها؛ "السكايري" وكتحمد الله أن عقلها الصغير محتفظش بشي صورة لذاك السكايري فذاكرتها باش الا جا شي نهار ورجعت شافته ماتكونش صورته مشوهة.

دخلت لوسط الدار وحيدت صباطها للي ضبرها فرجليها، صباح كامل وهي كضور تلوح فسيڤي ديالها ورغم أن هذي مدة وهي كتخرج تقلب الا ان فكل صباح كتفيق ناشطة باش تخرج وتقلب من جديد، حيث كتأمن ان قبل النجاح لا بد من تجارب ومحاولات فاشلين منهم كيتعلم الشخص.

كان دوش بارد كافي يرد فيها الروح من جديد، كلات شي حاجة خفيفة ودخلت لبيتها تكات فوق ناموسيتها ومن شدة تعبها داها نعاس وهي كتحلم بهدف حياتها للي كيشحن طاقتها كل نهار.

بينما كانت هناء ناعسة دخلت مرا فبداية الأربعين من عمرها لبيت للي هي فيه، كانت مرا شادة فراسها وكتبان صغر من عمرها، جامعة شعرها المصبوغ بلون بالأشقر بمقبط لفوق ولابسة جلابة إفازي كيتبين تضاريس جسدها الممتلئ والممشوق فنفس الوقت.

حيدت على بنتها ليزار للي مغطية بيه وبدات كتقول:

_أنوضي راه قرب العصر وانتي مازالة خامرة لي هنا بالنعاس الالة هناء.. حتى الغذا ماقدرتيش توجديه وقراناتك معرفت فين وصلو وانتي بقاي تيتي نيني هنا هنا حتى تنبتي فجنبي..بلحق بحالك بحال باك ذاك السكايري للي ما صالح لوالو..

تقلبت هناء كتشوف فيها وساكتة حيث بصح مافيها ما يفتح معاها نفس الموال ككل مرة، ناضت من بلاصتها لبست صندالتها وخرجت من لبيت وهي كتسمع لماما مازال كتهدر وراها:

_كون كانت فيك الفايدة كون جيتي تخدمي معايا تهزي راسك ولا يسحاب لك راسك باقي صغيرة؟ القراية للي كنتي فارعة لينا راسك بيها ساليتيها وشي فايدة منها ما شفنا..

خذات الخضرة تنقيها وهي كتطلق نفس، صافي ملات..مكرهتش كون غير كانت هازة راسها باش تبعد من كلشي وتهني راسها والناس من صداع امها.. تمنت غير نهار واحد على الأقل ماتسمعش منها ذيك الهدرة، مرة وحدة تحس فيها أن أمها كتبغيها وكيهمها امرها، ولكن تصرفاتها غير ماكتزيد كتبث لها عكس ذاكشي.

كملت شغلها بلاما ترد على هدرة امها بكلمة، يمكن سماعها دائما لذيك الكاسيطة خلات وذنها تحفظها ومابقاتش كتأتر فيها لذيك درجة وبالتالي يكون ليها رد فعل.

ولكن فالواقع هدرتها كانت بحال شي موس كل ما شاف الجرح بدا يبرا كيعاود يجرحو باش عمرو يبرا..

****

جلست حول الطبلة مع ماماها كياكلو بسكات من غير صوت تلفازة للي دايرة حس بيناتهم. بين هاذ الزوج ما كاينش بزاف ما يتعاود، من غير ذوك النقاشات وهدرة الأم الكثيرة معاها بخصوص فشلها حتى لدابا فإيجاد عمل او حتى الزواج ما كانش غيكون بيناتهم ما يتقال حتى.

علاقة الأم وبنتها من ديما كان فيها شرخ، تربات هناء وماماها تقريبا بعيدة عليها بحكم خدمتها، الوحيدة للي كانت كتحسسها بحنان الأم هي الجدة من الأم، وبعد وفات هاذ الأخيرة حست بهناء باليتم مرة اخرى من بعد رحيل الأب.

فظروف اخرى كانت حياة هناء غتكون سلكات اتجاه آخر، خصوصا وأن ماماها غيثة كانت ام مهملة مكتهمهاش مصلحة بنتها. ولولا خالها لي حسبها فوقت من حياتها بحال بنتو واهتم بقرايتها واصر على غيثة تخليها تكملها كون ما قداتش تكافح حتى تشد شواهد خلات المحيطين بيها ينظرو لها بنظرة اعجاب وتقدير بيها إلا الأم طبعا.

نطقت أخيرا هناء وهي كتشوف فغيثة للي كانت كتاكل ومركزة مع التلفازة:

_واحد صحبتي دارت معايا تشوفني اليوم، بغيت نعرف واش غتكوني فدار باش نقولها تلاقيني فبلاصة اخرى.

همهمت غيثة وهي كتمضغ ثم جاوبات بعد ما شافت فيها شوفة خاطفة:

_مشغولة صحاباتي جايين لعندي فالعشية..داكشي علاش قبل ما تخرجي تلاقاي هاذ صاحبتك ولا صاحبك جمعي معاك دار ووجدي شي كيكة، الباقي أنا غنتكفل بيه عارفاك ما عندك لين لكوزينة.

ما زادتش معاها هناء الهدرة هزت راسها وناضت تبالي بالكوزينة هي لولا باش تخرج وكتمنى ترجع بعدما تخوى الدار من الشيخات وصداعهم المعتاد.

***

خرجت هناء فالعشية وبدلت الجو ديال الدار وللي كيزيد نهار على نهار يتكهرب، لقاءها مع صديقتها الوحيدة شيماء كانت ليه فايدة، إذ أنها هي الوحيدة للي كتحسسها بأن شخص موجود كيهتم لأمرها ووجودها.

مع الهضرة للي ضارت بيناتهم عاودت هناء الكتومة لصديقتها و لأول مرة مشاكلها مع امها للي زادت ورا التخرج وبالتالي رجوعها للعيش معاها، وباحت لها برغبتها فالهروب بأي طريقة من الدار من خلال أي خدمة تلقاها فطريقها حتى لو ما كانت غير مناسبة مع شواهدها.

اقترحت عليها شيماء فرصة عمل فمركز اتصال الشي للي كان بعيد عن تفكير هناء كونها شخص كيكره الضغط والصداع للي كيكون فبحال ذوك البلايص وخلات لها مهلة تفكر قبل ما ترد عليها بردها النهائي.

ملي رجعت لدار وصلها صوت الطعارج وغنا النسا خارج من دارهم، وعرفت باللي سهرة امها مع الشيخات عاد غتبدا، ذاكشي علاش طلعت نيشان مع الدروج لبيتها بلا ما دير حتى حس وبلا ما تشوف حتى وحدة من صحابات امها للي كتعزهم كثر من بنتها حتى.

بدلت حوايجها ولبست بيجامة صيفية، حطت السماعات على وذنيها كتصنت لموسيقى هادئة وجلست على ناموسية وحاسوبها فوق رجليها، بقات مغمضة عينيها للحظات كتحاول تجمع افكارها ثم حلت البيسي باش تستأنف كتابة قصتها..

حكاية حواء -مرجانة- (بالدارجة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن