رحلوا و تركونا خلفهم

١

لكلٍ منا شخصٌ يعني له الكثير . و قد يقترب هذا الشخص منا و لم تعد بيننا و بينه حدود ، فينتهز الفرصة و يستغل الموقف للوصول إلى ما يريد ثم يرحل بكل بساطة تاركاً خلفه جرحاً غائراً .
كانت تجلس برفقتي نتبادل أطراف الحديث ساعاتٍ طويلة ، يتخللها قليلٌ من الضحك الممزوج ببعض الأحاديث اللطيفة . في أول مرة تجالسنا لم نتحدث كثيراً فنحن لم نتعارف و ما زلنا في بداية علاقتنا.
لقد مرّ على تعارفنا بضعة أشهر ، تطورت خلالها علاقتنا كثيراً . فمع مُضي الأيام توثقت هذه العلاقة أكثر حتى أصبحنا مثل أختين لا نرضى بواقع أن تعيش إحداهما بعيدةً عن الأخرى. إن ضاقت إحدانا لا تمضي دقيقة إلا و عرفت الأخرى. لقد اقتربت مني كثيراً و ليتها لم تقترب فقد بات الأمر يؤلمني.
-شو فيج؟
-ولا شي..
-قولي!!
-ماشي شوية ضيق و بيروح...
أخبرتها بمكانتها ، وأن ما يضيقها يضيقني . سعدنا سوياً بأحاديثنا و ثرثرتنا طوال اليوم دون مللٍ و لكن ، بعض الحديث يجبرنا على أن نبتعد لوهلة من الزمن.

جميلةٌ أنتِ بحياتي أتعلمين؟ بعد دخولك إليها أضفت نكهةً حلوةً إلى نفسي المُره، و أصبحت لا أشعر بحلاوة يومي إلا عندما أحادثكِ.
رافقتها لصفها ثم ذهبت لصفي . كان ذهني مشتتاً بما حدث في ذلك اليوم. كنت أراها مع فتاةٍ لم يسبق لي معرفتها و لكن أحسست أن هناك شيئاً ما يحدث من وراء ظهري . كنت أرى نشوةً في عينيها عندما تحادثها.
اشتعلت في داخلي غيرة الصديقة على صديقتها ، و لكنني لم أجرؤ على التفوه بكلمة، و إنتظرت أن تخبرني بنفسها عما يجري . كنت أخشى فقدانها . للمرة الأولى أحس بهذا الشعور . بت أظهر لها ما تعنيه لي و ليتني لم أظهره. ليتني إحتفظت بالأمر لنفسي .
تطورت علاقتها مع تلك الفتاة ، و كانت تحدثني عنها و لا تعلم أن نيران الغيرة تقتل صديقتها. سألتني:
-شو فيج ؟ أحس كلامي ضايقج!
صارحتها بما أخبئه بقلبي و ليتني لم أفعل . فلم تحرك ساكناً ، و لم يحزن و يتألم سواي حسرة على رفيقتي.
قلت لقاءاتنا و أحاديثنا و أصبحت تتحدث برسمية . لم تعد تخبرني بتفاصيل يومها . بدأ كرهي لتلك الفتاة يتزايد و كأنه نارٌ تشتعل في الهشيم.
كنت أنا من يبدأ الحديث و يسأل و لا اجد منها سوا برودٍ لا يطاق. أحيانا كنت أشعر بأنها لا تريد نقاشاً أو حتى سلاماً مني فأكتفي بالصمت. فكانت تلومني و تعاتبني على تقصيري بالسؤال و الإهتمام!!
أيا جميلة؟ ألم تراقبه أفعالك معي قبل محاسبتي ؟ أسألتي نفسكِ هل أنتِ مهتمةٌ بحق؟ تيقنت أن تلك الفتاة أخذت مكاني بقلبكِ.
عندما سألتك السؤال الذي يدور بعقلي قلتِ:
-لا و مستحيل حد يأخذ مكانة بقلبي. انتي كل شي بالنسبة لي!!!
و لكنني بت أشعر بأنه مجرد كلام لا أكثر .