الجزء الثالث / عقد الأزهار !
أصبحت ريمي في الثانية عشرة من عمرها و الحال يتدرج إلى الأسوأ ببطء بالنسبة إليها ,
الفتيات الصغيرات و الاتي بمثل سنها يكرهنا , لأن تارا لم تفق حتى الآن ..!و مرت الأيام و ريمي تحرم من الخروج في النزهات الكبيرة أو التخييم لليوم التالي مع البقية , أحيانا تجلس وحيده في الغرفة لا تريد فعل شيء.. و أحياناً أخرى تحاول العبث بأي شيء , و غالبا تقوم بالصراخ بصوت عالي عندما تصعد إلى السطح , فهي تهوى الخروج و اللعب لكنهم قاموا بقص جناحيها و حرمانها مما تحب...
و عندما تفرح للخروج في النزهات الصغيرة لا يقبل أحد الخروج معها.. لكنها لم تنزعج كثيراً .. و قد زارت تارا مرة أخرى لكن بلا أمل في رؤيتها مباشرة..كانت آيملي و جانيت الفتاتان الأكبر منها بخمس سنوات لطيفتان معها جداً و دوماً يدعونها إلى مشاركتهن الشاي و الوجبات الخفيفة .
لكن للأسف جانيت خطبت من شاب طيب و آيملي وجدت لها عملاً ممتازاً في وسط المدينة و هن لن يعدن إلى هنا مرة أخرى بعد الانتهاء من الاستعدادات ..
بعد حفلة توديع الفتيات الكبيرات و حل المساء كلٌ أوى إلى فراشه... و ريمي لا تنفك عنها الكوابيس تزورها من وقت لآخر ... ظلام و وحش مجهول يطاردها... كل ليلة تسري تلك الرجفات في جسدها لعله يعود لزيارتها في الواقع ليقضي عليها يوما ما... لكن أن الكوابيس تنتهي ما أن تفيق ريمي فزعة و هي تشهق بقوة..و ذات مساء مشت بلا وعي نحو المخزن راغبة ببعض الماء بشدة, و هي تشعر بأن حرارتها قد ارتفعت و كان عليها أن تخرج من المهجع و تسير وحدها إلى المبنى الآخر
و خشيت أن يكون الباب مقفلاً لكنها ستطرقه و توقظ الطباخة"ليزيا" التي ستغضب لرؤيتها لكن مالسبيل و الفتاة الصغيرة عطشى جداً و قد ارهقتها الكوابيس.. لكن ما أن لمست الباب حتى فتح تلقائياً ..
فدخلت غير آبة كثيراً و ما أن وصلت إلى المخزن و رفع كأس من الماء حتى رأت انكاساً للون مضيء أحمر عليه ..
التفتت بسرعة و شهقت برعب وهي ترى الظل الطويل يقف أمامها قريباً جداً منها..
كادت تصرخ لكن الهواء سحب من رئتاها بقوة و سقط الكأس على الأرض محدثا ضجيجاً ...
أين الهرب الآن ؟!كانت عيناه تومضان بلون أحمر خطر.. و همس فجأة بنبرة جليدية مخيفة : ألتقينا مجدداً , لكني سأقول وداعاً بسرعة...
و هجم عليها فجأة..!!! فألقت ريمي بنفسها تحت الطاولة و زحفت بأقصى قوة قد تملكها بهذا الموقف المريع... لكن الطاولة قسمت إلى نصفين من فوقها فهرعت إلى برميل كبير تحتمي به... فضرب هذا الرجل البرميل كذلك ليتحكم قطعاً و يملء العصير ريمي كلها...
شدها من ثوبها و ألقى بها إلى الركن.. تأذى ظهرها بشدة... فرفعت رأسها و وجدت قديمه يقفان أمامها... قالت بغضب لا تدري من أين جاء : دعنــي و شأنــي أيها الوحش..!!
قهقه الرجل المرعب و شد شعر ريمي بقوة حتى أوقفها أمامها و فجأة برزت أنيابه وهو يقول:
_ لا ألعب مع ضحاياي في العادة لكنك مختلفة , ستموتين الآن..
صرخت ريمي برعب وهي تضع يديها أمام وجهها و شعرت بشيء حار ينساب من رسغها فجأة تركها الغريب و سقطت أرضا بقوة و إذا به يترنح وهو يضع يديه على فمه المرعب و يحدق بها ...
ثم اختفى !! .. درات الأرض برأس ريمي و أخيرا رأت أن رسغها قد جرح بشكل سيء.. و الدم يسيل بغزارة...عندما حاول عضها وضع يدها بسرعة أمام أنيابه تحمي وجهها ..!!
نهضت فزعة و هي تترنح حتى خرجت من الباب راكضة... فدخلت السكن و أقفلت بنفسها في الحمام ثم لفت الجرح و نزعت ثيابها المملؤه بالعصير و ألقت بها في الغسالة ثم أخذت حماما سريعا و لفت الجرح مرة أخرى بقماش كبير وهي تبكي و تتألم بدون أن يعلم أحد...
بقيت جالسة تبكي بالحمام حتى ظهر النهار.. سمعت أصوات فزعة في الخارج لا شك بأنهم رأوا المخزن..!! فجأة طرق الباب بقوة و نادت أحدى الفتيات : لم الحمام مقفل...!!
فردت ريمي بصوت باك : آسفة سأخرج...
و ارتدت ثيابها التي جفت و خرجت وهي مطأطأة الرأس ... و جمهور الفتيات يحدقن بها بتعجب...
و مرت أيام على الحادثة , لقد ظنوا بأن لصوصاً اقتحموا المكان.. ولم يعثروا على أثار دماء ريمي التي اختلطت بالعصير الأحمر... لحسن حظها..!
أما هي فبقيت طوال هذه الأيام لا يطرف لها جفن و لا تدري ما تفعل فكرت بالهرب مراراً من هذا المكان لكنها صغيرة و لن تقدر... مالذي يمكنها فعله..؟!
لا أحد يقدر أن يفهم بأن هذه الطفلة المنكمشة الصامتة قد واجهت الموت , كم مرة..؟!