( ماوراء القمـر الفضـيّ ! ) الجزء الثامن و الأخير ~عينان حمراوان...
عينان حمراوان مريعتان , تحدقان بها بشكل مريع مميت...!!
كانت مقيدة بشكل غريب , جالسة بلا حراك على الأرض , بلا قيود حقيقية..
كانت مشلوشة..!!
لأن ليس فقط زوج العينين هذه من تحدق بها , بل ثلاث أزواج من عيون الرعب و النيران..
المكان شديد الظلمة... شديد القذارة.. شديد البرودة !
لا تدري مالجدار الذي مستند ظهرها إليه.؟ , شيء صلب فقط خلفها..
و امامها كل تلك العيون المرعبة...
فقدت صوتها و عقلها شل من شدة الرعب... أنها ترى عيون الموت..
_ هل سيأتي ؟ لقد مضى وقت طويل .. " صوت فحيح مخيف من أحد أصحاب العيون المريعة.
_ بالطبع , هذه الصبية مهمة .. أنها من عائلة كراوس اللعناء
نسيت ريمي كيف تتنفس أو تفكر , لم تقدر على الحركة أو تحرك لسانه للنطق..
كانت أحد العيون تلتمع محدقة بها بشكل مرعب ..
_ هاها ها , لا تحاولي صنع أي شيء .. أنت بائسة تماماً سوف تموتين قريباً لا تقلقي , لكن بعد أن ننتقم منه..
عما يتحدث هذا الوحش ؟!...
فجأة مر ضوء فضي باهت من الأعلى يسير على الأرض و ألقى بالظلال على وجهها و من يحاصرونها.. كانت وجوههم مرعبة بيضاء شاحبة متجهمة ... كأنها منحوتة من الرخام الصلب ..
تحرك عقل ريمي بتعب و فهمت الكثير مما هي عليه...
نطقت فجأة بصوت خفيض : لا تقدرون على أذيته.. ولن تؤذوني !.
كانت تشعر بثقة عمياء للغاية.... عرفت أنهم يتحدثون تماماً عن [ريديــك] !.
ضاقت زوج من العيون الحمراء , بينما بقي الآخرون جامدين كالصخور..
_ أهذا ما تظنينه , أيتها الهجينة الضعيفة الهشة.. لقد أوقعناه بالفخ.
رفع صاحب العيون هذا يده فجأة عالياً فشعرت ريمي بألم شديد و كأن كهرباء قوية عبرت جسدها ... فتلوت متألمه بشدة على الأرض الباردة... وهي تنتفض لم تكن ألم شديدا لكن عقلها شكل مجدداً..!!!
_ لا تفعل هذا... أنها ضعيفة جداً و ستموت قبل أن نحقق مرادنا..!
توقف سيل الكهرباء و أخذت ريمي تجاهد حتى تستنشق الهواء... مهما كان قذرا ثقيلاً..!!
فجأة سمعوا صوتا غريبا في الخارج... زمجرة أو عواء بعـيـد...
رأت ريمي ضوء القمر الفضي مجدداً يلقى عليها...و على يديها... فالتمع السوران في رسغها..
و كان في الضوء لمعان غريب و هبت رياح تحمل شذى أزهار ليست غريبة الرائحة...
رفعت رأسها على الأرض و عينيها عن الضوء الملقى و لم تجد سوى شخص واحد يقف مراقبا إياها بعينيه الحمراوين الحادتين..
_ لا أطيق الصبر حتى أغرس أسناني في لحمك و أقتلك..
شعرت ريمي بقلبها يقف من شدة الرعب... و لكن صدر الصوت مجدداً...
صوت ذئـب...!
عوى الذئب بصوت عالي رهيـب و غاضـب... و هو قريب جداً..!
فجأة أصبح مصاص الدماء بجانبها , فحملها بشدة بذراع واحدة ثم ألتفت يريد القفز
لكن هدم سقف الكوخ المهترىء و هبط شيء أبيض مضيء لامع بقوة من الأعلى..
اهتزت الأرض بشدة و الذئب الفضي يقف بشموخ و قوة وسط المكان... و ضوء القمر
ينعكس عليه ليضيء الظلام...
حدقت ريمي بلا أنفاس بالعينين الرماديتين الفضيتين الكبيرتين... لذئـب ضخم لم ترى له مثيل..!!!
كان ذئبا كبيرا جدا طوله إلى رأسه الشامخ يقارب المترين بينما جسده عريض طويل رشيق و ساقيه ضخمتين مخالبه ظاهره و ملطخه بالدماء..!!
أصدر زمجره مرعبة قوية من حلقه بدون أن يكشر بأنيابه... و عينيه تلمعان بتحذير ..
فقال مصاص الدماء بصوت فحيح رهيب : ربما قتلت رفيقيّ , و ستقتلني بلا شك لكن ليس قبل أن أريق دماء هذا الكائن البائس بين يدي..!!
إذن رفيقيه الذين خرجا قبل ثوان... لم يعد لهما وجود ؟!!!
و شعرت ريمي بالألم و يدي مصاص الدماء كالسكاكين حول جسدها...لكنها قاومت الألم و ظلت صامته..
هذه المرة كشر الذئب الفضي عن أنيابه الحادة الكبيرة و صدرت زمجرة مخيفة وهو يقترب خطوة واحدة في المكان الضيق جدا عليه...!
صرخت ريمي فجأة وهي تشعر بأشياء تطعن في جنبها و تنغرز في جسدها..!! في نفس الثانية قفز الذئب مزمجراً بقوة ... سقطت هي على الأرض... سمعت صوت عالي.. ثم أنهار المكان فوق رؤوسهم!!
ظنت بأنها ماتت ... لكنها شعرت بشي ناعم تحتها يتحرك...
فتحت عينيها و رأت نفسها ملقاه بكل ارتياح فوق ظهر الذئب الذي ظنت بأن لونه فضي.. لكنه رمادي لامع و ناعم جداً... و عميق جداً...
انحنى و زلقت ريمي تحت شجرة في الظلام الدامس.. قرب وجهه منها وهو يتفحصها...
كانت بخير تماما و لا تشعر بأي ألم ... وجهه كبير جداً و جميل للغاية و عيناه رماديتان و كأن الفضة منثورة في وسطهما تلمعان..
همست ريمي وهي تمسك وجهه : ريـديـك ؟!.
ظلت عيناه تحدقان بعينيها... ثم وضع رأسه على رأسها وهي تضحك و تعانق رقبته...
أغمضت عينيها وهي تقول بمرح : أنت رائـع.. كيف استطعت حمايتي عندما انهار البناء ظننت أنني سأموت .
كيف يمكنها أن تقول بأنها سوف تموت وهي تضحك ؟!!!
سمعت همسه في أذنها : ريمي صغيرتي !.
حدقت بعينيه الرائعة و هي متفاجئة , قالت : تتحدث معي ؟!.
لكن فمه لم يتحرك... أنما سمعت الهمس العميق مجدداً وهو يغمض عينيه لثانية
_ صغيرتي العزيزة..
عانقته ريمي بسعادة وهي تردد : ريــديك .. لقد عدت.!
فجأة انتفض الذئب و التفت و قد أشتدت عضلاته بقوة و ألتمعت عيناه و أسنانه برزت بحدة...
_ هه و أنا كذلك ظننت بأنني سأموت.. لكنني عدت أيضا !.
ثم فجأة و بلا سابق أنذار قفز مصاص الدماء تجاه الذئب... و اشتبكا في صراح أثار الغبار إلى الأعلى
و تساقطت جذوع الأشجار... شهقت ريمي فزعه وهي ترى شجرة ضخمة تنهار فجأة باتجاهها
أرادت الهرب سريعا لكنها تعثرت و سقطت أرضا ثم شيء ما قوي قبض على ملابسها من الخلف و شدها عاليا بقوة و سلاسة...
وضعت قدماها على الأرض و رأت من بين خطوط ضوء القمر ... ذئب آخر .. بلون داكن جداً بدا أسود و عيناه ذهبيتان ... تبادلا النظرات لثانية... ثم شهقت مجددا و الذئب يظهر أنيابه القوية و يمسك بملابسها و يلقيها على ظهره الضخم...
أخذ يركض بين الأشجار برشاقة لا مثيل لها... فصرخت ريمي فجأة : لا .. ريديك هناك.. أنه...
فزعت وهي ترى ظلا طويلا يعترض طريقهم... مصاص دماء آخر !!!
هجم عليهم بسرعة خاطفة ... و قفز الذئب الأسود "بلاك" عالياً جدا في جزء من الثانية لدرجة أن ريمي رأت سماء الليل..
و ركض بلاك و ريمي متمسكه بشدة بشعر الأسود الطويل... لن يقدر على القتال وهي فوق ظهره..!!
و مصاص الدماء خلفهم تماماً... ثم فجأة التفت بقوة و قفز فوق صخور جانبية مما جعل مصاص الدماء يصطدم بالأشجار بشدة.. كادت ريمي تضحك... بلاك مراوغ بارع !!
لكن .. سمعت عواءا مرعبا غاضبا من بعيد... فزمجر الذئب الأسود و عيناه تحذران...
لكن مصاص الدماء تجاهل التحذير و قفز باتجاههم بسرعة... شهقت ريمي و لم تقدر على أغماض عينيها...!!!
رأت الضوء الفضي ينقض عليه في وسط قفزته و ظل آخر من الجهة الأخرى...
فغرت فاهها وهي ترى ذئبين يمزقان مصاص الدماء إلى أشلاء بين أنيابهما... الذئب الصغير الذي تدخل .. كان بلون الشوكولا الداكنة , و عيناه تلمعان بشدة و بدا أصغر من الذئبين الضخمين...
صدمت وهي تبادله النظر... كان هذا [ اريــك] !!!
اصدر زمجرة لطيفة من حلقه , كأنه يحييها... قفز بلاك إليهم في الأسفل... و هبط ريمي من ظهره.. اقترب منها [ريديك] و هو يقف بجانبها و يميل برأسه إليها يتفحصها بنظراته العميقة...
أغمض عينيه الفضيتين و بدا مرتاحا قليلا...
فجأة أتى صوت صهيل حصان !!!!!