[ مقدمة ]

133 22 24
                                    

     داهمت ملامح الحيرة ابتسامة ماري لينكستون مثلما داهم رنين هاتف ألكس فلوي صوت ضحكتها منذ لحظات، ولعل حيرتها حالت دون ملاحظتها أن ألكس قد أفلت يدها هنيهة قبل إنهاء المكالمة، إلا أنها لسبب ما لم تحل دون تذكرها لمقولة والدتها المتوفية التي بالكاد تجاهد كي لا تنسى ملامحها.
"دائما ما يحدث أمر سيء يعكر صفو الموعد الثالث عشر لفتاة شقراء"
كانت قد تذكرتها في وقت سابق حين كانت السيدة ليما خادمة منزل السيد لينكستون تشد برباط فستانها استعداد لتلبية طلب ألكس في الخروج لموعد، وعلى خلاف أي فتاة تواعد شابا منذ ستة أشهر فماري لم تنفك عن عدَِ مواعيدها، كما لم تتنبه بعد إلى أنها أقحمت نفسها في نوع من الهوس بذلك.

     لم يكن جمودها أقل من جمود الدمية المحشوة التي كانت تتدلى من يدها فاركة جلد رجلها العاري دون أن تنتبه إلى أنها كانت تنفلت ببطء من يدها وهي تنتصب وسط ساحة لينكندور ملقية بنظرات القلق على ظهر ألكس بينما يصفق الإسفلت المبلل في ركض متقطع تتخلله لحظات التوقف التي تعقب اصطدامه بأحد المارة إلا أن باله كان مشغولا بما هو أهم من الإعتذار.

     كانت كلماته الأخيرة لا تزال تحوم حول أذنها.. "لا تقلقي ! لم يحدث شيء ذو أهمية ! إلا أنه يتوجب علي الذهاب الآن ، سأتصل بك لاحقا"، لكن ما تربع داخل جمجتها وخلط حبال أفكارها كان ما تمتم به بينما كان الهاتف لا يزال على أذنه، حينها لاحظت أن جبهته صارت لامعة بأضواء ملاهي لنيكندور بسبب طبقة العرق التي غلفتها وبالكاد لاحظت ارتجافه الذي دام منذ ذلك الحين إلى وقت مغادرته لها...

" انتحر !"... ذلك ما قرأته من شفتيه أنذاك. كيف لا وهي من ألفيت نفسها تتقن قراءة الشفاه خلال ثلاثة أشهر التي عقبت عملية أجرتها على أذنها في وقت مضى. من انتحر ؟ هو ما كان يكتم أنفاسها فضولا بينما تجر دميتها المحشوة مثلما تجر خطواتها نحو المنزل لتقبع فوق سريرها تطالع السقف كما جرت العادة كلما طاف بها همٌّ ما تنتظر الاتصال الموعود الذي من شأنه كبح جماح فضولها.

~~~~~

غُـرفَةٌ مِـن فَـوقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن