المقدمة

11.5K 894 887
                                    


ماضيًا في طريقه نحو المنصة، تتربصه عيون الأبطال التي قد سئمت مما باتت عليه، وعناصر القصص المرهقة تأمل بأن يتغير كل شيء الآن، وقف أمام الميكروفون عابس الوجه ومقطب الحاجبين، يعتريه الغضب والحزن في ظل المصائب التي حلت بالواتباد.

«أعزائي الحضور، من شخصيات ولغة وسرد وزمكان وكلكم، جمعتكم هنا لنوصل أصواتنا للجميع، لكل كاتب ينهكنا ويشوهنا.. لكل من يطمسنا ويقلل من مكانتنا، نحن هنا لنقول لهم لا تفعلوا ذلك بنا، توقفوا حبًا بالله!» صمت ودقق في عيون الحضور ليرى انعكاس أقواله عليهم فكانت اللغة تترصد كل من يخرج من فاهه منها، تتأكد من سلامتها وإلا فالويل له! والسرد يثبت نظارته ويحدق بوجوم، على سرده أن يكون متقنًا يصف كل معاناتهم، بينما كان نايل عند منصة الطعام يلتهم الحلويات رغمًا عنه.

«مللنا من ألا نكون نحن، فإما أن نكون أو لا نكون، حتى وإن لم نكن بشر وإن لم نكن أجسادًا فنحن أرواح، نحن القابعون في رفوف الواتباد، محاصرون في هذا المكان منذ أمد طويل، فاكتُبنا كما يجب أن تكتب، امنحنا حقوقنا الأساسية واصقلنا بشكل صحيح، وما نحن في نهاية الأمر إلا جزء من كيانك، نحن بنات أفكارك وما يقبع في خيالك الجامح، فأكرمنا ولا تفعل هذا بنا.»

قاطعه صوت نحيب بدأ يعلو وكان كل من في القاعة البرتقالية يلتفت حوله باحثًا عن مصدر البكاء، لم يجدوا المصدر لكن كان هناك عند الزواية أمطار تتساقط من لا شيء ليتهامس الجميع باستغراب.
«لن تجدوني، فأنا معدومة الشكل، لم تعر الكاتبة اهتمام في شكلي الخارجي ولم تفكر في تخيله فها أنا هنا جسد شفاف لا أُرى، أهناك أسوأ من هذا العذاب؟»

لحظتها تدخل نايل وهو يلتهم الفطيرة الخامسة «على الأقل لا تضطرين للأكل طوال اليوم» وصرخ نامجون بانزعاج «على الأقل لستِ بزير نساء» وصاحت جيجي بانزعاج «على الاقل لستِ بعاهرة، الشخصية السيئة دائما وتتربص سوءًا بالبطلة» ثم حدقت بإيميلي بحقد.

همهم السيد منطق وبصوت حانق بدأ يسأل الجميع «أنت زين ألم تسأم بكونك رئيس عصابة متحجر القلب وبارد؟» حدق زين نحوه بجمود وأطلق بمسدسه طلقة أجفلت الجميع ونطق «مللت من هذا، ألا يمكن أن أكون طيب القلب ولدي ماضٍ جميل؟ ألا يمكن أن أكون طبيبًا؟» وافقه الجميع فانتقل السيد منطق سائلا إيميلي الفاتنة التي تجلس بجانبه «إيميلي، الفتاة الفاتنة التي يقع بحبها الجميع والضعيفة، ألم تسأمي؟»

نطقت إيميلي الفاتنة بصوتها العذب الذي كان يرتجف من الخوف «بلى، مللت من كوني طفولية وفاتنة يقع بحبي الجميع ووالدي سيئًا» قاطعتها السيدة لغة صارخة «سيئًا؟ لقد شوهتني، يا لوقاحتك وغبائك» وما أن أنهت كلامها أجهشت بالبكاء ليغضب زين ويبدأ بالصياح بالسيدة لغة مهددًا بسلاحه «من يحزنها أحرقه، أجل أنا أحبها وأحزن لرؤيتها حزينة» ضامًا إيميلي بحضنه ماسحًا دموعها.
 
ومن بين الصرخات صاح السيد حدث حانقًا وهو يقرأ بورقه «كلا كلا زين، ليس الآن، ستعترف لها بعد عشرة فصول، أنت تكرهها في هذه اللحظة فهي ابنة المجرم الذي قتل حبيبتك وستحبسها في القبو -يرمي الأوراق ويحدق نحوه بغضب- لقد دمرت تسلسل الأحداث»

أضاف السيد حوار بملل «لم يساهم الحوار هنا، وأحتاج للسرد أن يكون بجانبي فأنا لست بمسرحية.. بئسًا لكم» وقد تجاهله الجميع بشجارهم مع زين ليصرخ هذه المرة ناقمًا بسبب تجاهلهم له «إيميلي ليست ابنة المجرم، بل هو اختطفها حينما كانت صغيرة وستكون أخت زين» وما أن ألقى هذه القنبلة توجهت جميع الأنظار نحوه غاضبةً منه.

صاح السيد تشويق «لقد دمرت عنصر التشويق في القصة.. يا إلهي» وعاد السيد حدث يلملم أوراقه ويصيح «كلا سيد حوار، ليس هذا وقته، لقد دمرت تسلسل الأحداث أيها البائس» وقال السيد أفكار ساخطًا وهو يصفع جبينه «من وضع هذه الفكرة الغبية؟ هل انتهت الأفكار في هذا الكون؟»

وخرج السيد سرد من بين الزحام ممسكًا بتلابيب السيد حوار «أيها الغبي وظيفتي سرد هذه الأحداث، لا يمكنك تلخيصها بهذا الشكل، من أنت لتسرق مكاني؟» وفي خضم المعركة التي اشتعلت بين الجميع كان نايل قد بدأ أكل الطعام الصيني ونامجون كان يحاول التقرب من إيميلي الفاتنة!

«صمتًا» صاح السيد منطق وكانت عيناه تشتعلان «يكفي، لم أحضركم هنا لتتشاجروا، أساسًا وجودكم هنا غير منطقي - صمت- حسنًا، وأنا سئمت  بقدركم، سئمت من أن تكون فتاة في التاسعة عشر من عمرها طبيبة تعمل في مشفى، من أن يتساقط شعر فتاة مصابة بالسرطان وهي لم تبدأ العلاج الكيميائي بعد! من أن يكون هناك عبيد ونحن في في هذا العصر، نحن هنا لنتعاون، لنحارب ما سببه بعض الكتّاب من تشويه وتدمير لنا، أنا وسيد أفكار وسيد سرد سنكتب للكاتب قائمة بكل أخطائه ونحاوره بمطالبنا... هل أنتم معي؟»

صاح الجميع منفعلين وآملين بثورة تنهي تهميشهم، آملين بأن تنتهي هذه المهزلة، ينتظر الجميع دورهم في كتابة ما في جعبتهم من كلام، ولا زال نايل يلتهم الطعام!

***

كتاب جديدٌ يبزغ نوره، منضمًا لأشقائه من كتب الفريق.

وكما يُقال 'المكتوب يُقرأ من عنوانه' موحيًا لمضمون الكتاب الذي يُشير للأخطاء الشائعة المتكررة هنا، بأسلوبٍ كوميدي ساخر وتعليمي نوضح هذه الأخطاء، آملين بأن نساهم في طمسها وانتشالها من الواتباد ليرتقي هذا العالم البرتقالي.
راجين أن يكون ذو فائدة ويساعدكم في مسيرتكم ككُتاب.

دمتم بخير، وتذكروا فريق النقد دائما في الجوار. ❤

لا تقرأ هذا الكتابحيث تعيش القصص. اكتشف الآن