بناء على أوامر القيادة ، ينبغي أن ننزل إلى الشارع لمواجهة الخونة . على الجميع أن يكونوا مستعدين لهذه المواجهة » . . خرج عباس من الصف فورًا . تبسّم الرقيب . بعد علي ، جاء هوشنك » . نظر إليه الرقيب بتعجب وقال : « لماذا تحمل الجعبة ؟ من الذي سمح لك ؟ » . وضع « هوشنك » كسرة الخبز التي كان يحملها في فمه وقال : « أعاني من قرحة في المعدة ، علي دائمًا أن أكل ، حتى لا أتأدّى » وجه الرقيب عصاه إلى صف السريّة وقال : « اذهب واجلس » قضم « هوشنك » قطعة أخرى من الخبز ، وكأنه لم يسمع أوامر الرقيب . قلت ، تعال ولازم مكانك ، أساسَا ، أنت معفيا » . ابتلع « هوشنك » قطعة الخبز وقال : « لِمَ لا أذهب أنا أيضا . أنا أود أن أقتل » . . ضحك بعض الزملاء . توجه الرقيب نحوه وأمسك يده بقوّة . أفلت هوشنك » يده وقال : سأذهب الآن إلى قائد الثكنة وأقول له : لماذا لا ينزلون للشارع الجندي الذي جُرحت معدته في سبيل هذا الوطن للدفاع عن الشاه ؟ سأقول له إنك ثوري » . . لم يدر الرقيب كيف سيرضيه وقال : « كل هؤلاء الأصحاء قابعون في بيوتهم ، أنت الذي تعاني من جرح في المعدة تريد أن تنزل إلى الشوارع ؟ » .
قضم « هوشنك » قطعة أخرى من الخبز كالطفل المدلل ، وقال : « أريد أن أقتل . فالجنود غير المستعدّين للمشاركة ، يُنظر إليهم باحتقار . من بين سبعين شخصا ، ثلاثة عشر فقط تطوعوا للمشاركة » . . فرّج الرقيب ساقية القصيرتين ، وصاح : « ثلاثة عشر شخصا فقط ؟ لا بدّ أنّ البقية يفضلون السجن وزيادة مدة الخدمة » . منذ اللحظة التي انطلقوا فيها ، رأى عبّاس ، جوادًا وقاسمَا ولوّح الهما بيده . كانت الشاحنة العسكرية تسير بهدوء ، لتبث الرعب في نفوس الناس أكثر . ضغط عبّاس على يد « هوشنك » ، وقال : « لن أنسى تضحيتك ، لكن ليكن في علمك ، أنّ الأمور ستزداد صعوبة من الآن فصاعدًا . حمدَا الله أن أوصل الملازم خلج رسالتي سأل « هوشنك » : « كيف لك أن تعلم ، فأنت لم تخرج من الثكنة ؟ » . أشار عبّاس إلى دراجة ناريّة كانت تتقدّم نحوهما من بعيد وتبسّم : هاك شاهد الغيب » . . توقفت الشاحنة العسكرية في أكثر الشوارع ازدحامًا . كانت أصوات المتظاهرين تعلو شيئا فشيئا : « قولوا : الموت للشاه » . | كما كانت أرض الشارع ملأى بالزجاج المحطم والإطارات المشتعلة . انعطف راكب الدراجة داخل أحد الأزقة . نظر عباس إليه وهويترجل . كان الرقيب يروح ويجيء على امتداد الشارع ولا يرفع عينيه عن المتظاهرين لحظة . وجه أحد الضباط مكبر الصوت نحو المتظاهرين وصاح : تفرّقوا ومع أوّل حجر رمي نحوهم قال عبّاس : « إنه الوقت » . كان جاثيا على ركبته ، نهض وركض باتجاه الزقاق . صرخ « هوشنك » : لقد هرب » . . وراح يلحق به . أزاح الرقيب نظره عن المظاهرات وقال : اذهبوا وراءه » . ركض خلفه عدد الجنود ، قطع علي الطريق عليهم : را قبوا أنتم الناس ، سنمسك به نحن الإثنان » . عندما رأى « هوشنك » الشخصين اللذين كانا واقفين إلى جانب عبّاس ، جلس أرضا من دون أن ينبس ببنت شفة . أفرغ قاسم فورًا الخبز اليابس من داخل حقيبة الظهر ، ووضع جواد رزمة مكانه وقال : قضي الأمر » . قام « هوشنك » من مكانه وجرّد عبّاسا من سلاحه قائلا : تقدّم ، أي : أنت معتقل » التحق علي بهما وراح الثلاثة يضحكون . حين رأى الرقيب عباس نظر إليه بغضب وقال : أو تهرب ؟ سأمر بسلخ فروة رأسك » تظاهر عباس بالمظلوميّة وقال : أولم ترَ كيف هجموا علينا ؟ لقد خفت . كان ذلك عن غير وعي أخذ « هوشنك » الأقسام ووجه سلاحه نحو عبّاس : « هل أنقذ حكم الإعدام فيه أيّها الرئيس ؟ » زمجر الرقيب : « زجوا به في السجن ، سنهتمّ به جيدًا ( ۱ ) » في تلك الليلة أودع عباس السجن ، لكنه كان سعيدًا لأنه كان يعلم أنّ ثكنة عباس آباد ستمتلئ غدًا بالمنشورات المفعمة برائحة الثورة العطرة
![](https://img.wattpad.com/cover/205969432-288-k696188.jpg)