المنزل الجديد
قبل عدة أيام من بدء عمليات والفجر التمهيديّة » ، وفي الإجازة القصيرة التي أتى فيها عبّاس إلى كاشان ، وضبنا أغراضنا وانطلقنا . وقد جاء معنا أيضا أخي الصغير محسن . فقد كان هو أيضا من أهل الجبهة ، وكانت تربطه بعبّاس علاقة وطيدة . وصلنا إلى « شوش » في منتصف الليل ، وواصلنا السير إلى أن وصلنا إلى محلة تسكنها عوائل الحرس . قبل ذلك سألت نفسي مرارًا كيف ستكون هذه المدينة ؟ كان عبّاس قد أخبرني أن هناك نساء أخريات أيضا . كنت أظن أنهن جماعات نشطة من النسوة ، اللاتي يعقدن دومًا جلسات الأنس والدرس والبحث وأمثالها . فلم أجد شيئا من الأمور ، التي فكرت فيها على الإطلاق ؛ فقد كنّ منتشرات هنا وهناك ، والبيوت بعيد بعضها عن بعض . لقد وصلنا ليلاً ، ولم أكن أعلم ما كان سيصيبني لو أنّني رأيت المنطقة مرّة أولى في وضح النهار . كانت البيوت مهدمة ومتباعدة ، ولم يبق منها صالحا للسكن سوى بضعة بيوت ، لم تسلم هي أيضًا من الدمار . أخذني عباس إلى أحد هذه البيوت وقال : لقد خرّب الأعداء هذه المنطقة ما استطاعوا » لم يكن في البيت مصباح كهربائيّ . قلت : ماذا يمكن أن نفعل في هذه العتمة ؟ قال عباس : « انتظري قليلا ، ويُسوّي الأمر » . ذهب وجلب مصباحًا كهربائيا من البيت المقابل ، بعدها علمت أنه كان منزل السيد عباديان . علّق المصباح وأناره . كانت أرض الغرفة مليئة بالتراب ، والحجارة الصغيرة . وبالجملة ، كان المنزل مؤلفا من غرفتين ، ومدخل بمساحة متر ونصف ، ومطبخ بالمساحة نفسها . وكان الحمام وبيت الخلاء خارج المنزل ، ولكنهما متصلان به . لقد ساعدتني معتقداتي الدينيّة ، وكذا حبي لعباس على التكيّف سريعا مع تلك الأوضاع . كنسنا إحدى الغرف بحيث أمكننا فرش بطانية فيها ، وكذا أعد أخي محسن لنفسه مكانًا للنوم في الغرفة الأخرى . بتنا ليلتنا . في الصباح الباكر قال عباس : هل تريدين شيئا ؟ قلت : « إلى أين ؟ » . قال : « ينبغي أن أذهب إلى الجبهة » . أردت الاعتراض ، إلا أنني تمكنت سريعًا من السيطرة على نفسي . فقلت : اذهب ، في أمان الله وحفظه » . وغادر . أول صباح لي هناك كان لا يُنسى . فقد تناولت طعام الفطور عند السيّدة « عباديان » . فتحنا باب الصداقة على مصراعيه ، ونظرًا التعاملها الودود أحبّت إحدانا الأخرى من اللحظة الأولى . بعدها ، نظفت المنزل بمساعدة أخي محسن ، ورتبنا الأغراض . بعد ثلاثة أيام ، عاد عباس . عندما فتحت الباب لم يدخل . كان مطأطئ الرأس . قلت : لِمَ لا تدخل ؟ » قال : « أنا خجل منك » . . أحببت أن أشاكسه قليلاً ، قلت : كيف لي أن أسامحك ؟ » . قال : « في ذلك اليوم ، كنت أود أن أرجع سريعا ، لكنني لم أستطع ، وأنا الآن خجل من الدخول » . . بقينا مدّة سنتين في شوش إلى أن استُشهد . كان في تلك المدة دائم الشعور بالخجل ، ويعتبر نفسه مديئا لي . حاولت أن لا آخذ هذا الكلام على محمل الجد ، قلت له : أنت لست مديرًا لي ، بل أنا من هي مدينة لك » في أوقات غيابه الطويل ، كنت أسلي نفسي بسهولة . وكنت على يقين أنه كان يخصص كل أوقات فراغه لي .
![](https://img.wattpad.com/cover/205969432-288-k696188.jpg)