ما إن قالت هذه الكلمات

46 8 0
                                    

ما إن قالت هذه الكلمات حتى انسلخ قلبي من مكانه . قلت : « لمَ ؟ » . قالت : « ما من سبب ، فقط لن أذهب » . قالت لي السيّدة « دستوارة » : « استعدّي أنت للذهاب » . دخلت إلى الغرفة الأخرى ، وقبل أن أدخل شعرت بتغيّر تعاطيهنّ مع « داود » . كن يظهر له المحبة بطريقة مختلفة . وفي الغرفة ، رحت أبكي بكاء شديدًا ، لكن بهدوء . سألت الله تعالى أن يكتب لعبّاس الشفاء إن كان جريا ، وأن يلهمني الصبر إن كان قد استشهد . المرأة مهما كانت ، تبقى كيانا مليئا بالمشاعر والأحاسيس . حينها بدا لي أنّ السيّدة « دستوارة ، والسيدات الأخريات يحاولن أن يخفين علّي أمرًا ، ولكنّ ألوان وجوهنّ وتصرّفاتهنّ كانت تشير إلى أن شيئا ما قد حصل . وعلى الرغم من أنّ أمر شهادة عبّاس كان واضخالي وضوح الشمس ، فإنّني لم أكن أريد أن أصدّق . كنتُ كإنسان متأمّلي يواجه الواقع ، فلا أزال أودّ من كل قلبي أن أرى عباسا مرة أخرى . قرابة الظهر ، ارتأت النساء أن يخبرتني بالأمر شيئا فشيئا . سألت إحداهن : ما الهدية التي قدمها لك عباس في بداية زواجكما ؟ » فأجبتها . ثم سألت سيّدة أخرى : « هل تذكرين أي قصة عن جرح عباس ؟ » في تلك اللحظات ، لم تكن من أسئلة بالنسبة لي أسخف من هذه الأسئلة . فقد كنت أنا من يطرح أمثال هذه الأمور أمام نساء أخريات ، الأشير لهنّ بأن أزواجهن قد استشهدوا . لم يكن هناك من داع ليمثلن هذه المسرحيّة أمامي . جاريتهن وأجبتهنّ ، مدركة سرّ كل هذه الأسئلة . كنت قد صليت صلاة الظهر ، عندما جاء أحد الرجال فقلت له : أصدقني القول ، ماذا حدث لعبّاس ؟ » قال : « لجرح » . قلت : أين هو الآن ؟ قال : في مستشفى الأهواز » . ذهبت وجلبت « داود » لأذهب معه إلى الأهواز ، فقال : لا توجد سيارة الآن » . . قلت : « أعطني رقم هاتف المستشفى لأتصل » . قال : « الوقت وقت عمليّات ، وجرحى كثيرون يُنقلون إليها ، وفي حالة الطوارئ هذه ، لا أحد يجيب على الهاتف » . | بعدها ، لم ألح عليه ، ربما لأنني كنت خائفةً من أن يخبرني غير هذا الخبر . سليت نفسي أنه جريح فقط . في هذه الأثناء ، اتصل أخي . قالت له بقيّة النسوة إنني مريضة . أرادوا أن يطلعوه على الأمر شيئا فشيئا . قلق كثيرًا ، وبعدها اتصل وقلت له : « أنا بخير » . قال : « إذا ما الخبر ؟ » . . قلت : « يقولون إن عبّانّا قد جرح » . لم يكن بي حيل على الكلام ، أنهيت المكالمة ، وتركت السمّاعة .وكانت السيّدة « دستوارة » قد خرجت لبضع دقائق ثمّ عادت ، سألتها : وأين كنت ؟ » . أجابت : « ذهبت قليلا إلى مستشفى الشهيد كلانتري » . كانت المستشفى على مقربة من المحلة . سألتها بتعجب : « لماذا ذهبت إلى هناك ؟ * قالت : « لقد جاء الأخ صادقي توّا وقال إنهم نقلوا الحاج عبّاسا إلى طهران » . قلت فورا : « أين ذهب هو ؟ » قالت : « ذهب إلى طهران » . قلت باعتراض وانزعاج : « على الأقل كنت أخبريني ؛ لأذهب معه » قالت : « غير ممكن ، فقد كان على عجلة من أمره ، ولا يمكنه الانتظاره . بعدها علمت أن « قاسم صادقي ، قد أتى إلى هنا وأحضر معه عبّاشا ، ونقله بعدها فورًا إلى طهران كي لا ينتشر الخبر أو يصل شيء إلى مسمعي . إلى ذلك الحين أيضا لم أكن أود أن أصدّق شيئا . وما إن وصل السيّد « صالحي » ، حتى حملت « داود » وقلت له : « خذني إلى طهران » . قال : « إخوتك قادمون ، وهم الآن في الطريق » . قلت : « لا طاقة لي على الانتظار ، علينا أن نذهب الآن » . قال : « لا يصح أن يأتوا فلا يجدونك » .قلت : « لا مشكلة في ذلك ، قل لهم ذهبت إلى طهران » . في تلك اللحظات ، كان التفكير في عبّاس هوشغلي الشاغل . كنت أريد الوصول إليه بأي وسيلة كانت . لم تستطع السيّدة « دستوارة » والنساء الأخريات منعي . ولم يكن أمام السيّد « صالحي » إلا القبول . ركبنا السيارة وانطلقنا في الطريق ، ارتفعت حرارة داود بشدّة . اشترى له السيد صالحي » دواء لتخفيض الحرارة . أعطيته عدّة قطرات ، قال السيد صالحي » : سيّدتي ، فلنبق هنا ريثما تتحسن حاله ، ومن ثمّ نذهب » . قلت : « لا ، فلنذهب الآن » . قال : « انتبهي ، حرارة الطفل مرتفعة » . قلت : « إن شاء الله يتحسن » . . اقتربنا من مدينة قم ، فتوقف للصلاة . توضأت بسرعة وذهبت إلى مصلى النساء . وما إن أنهيت صلاتي حتى أتاني السيّد « صالحي » بصينيّة ، عليها طعام . أردت أن أردها فلم أستطع . وبعد عدّة دقائق أتي وأخذ الصينيّة ، من دون أن يكون قد نقص منها شيء وما إن وصلنا إلى قم ، حتى ذهبنا إلى بيت السيدة « بديهيان » ، زوجة الشهيد « همت » ، وقد كانت كل من زوجة الشهيد باكري » ، وزوجة الشهيد « زين الديني » هناك . مكثت هناك قرابة النصف ساعة . تحدثنا قليلا . لم أستطع المكوث هناك أكثر من ذلك على الرغم من إصرارهنّ عليّ بالبقاء . بعد ذلك انطلقنا نحو طهران

هاجر تنتظر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن