الصحوة

2.4K 47 2
                                    


أحمد

تمضي الأشهر ثقيلة لا أشعر بالسعادة في حياتي مع ساهرة ، حياتي باتت باهتة فغضبها علي لم يهدأ منذ أن رفضت الطلاق بالرغم من محاولاتي الدائمة لتحسين الأوضاع بيننا إلا أنها دائما ما كانت تتذمر و تختلق الحجج غيرتها من فاطمة أعمت بصيرتها فكانت دائما عابسة ضيقة الخلق .. أتذكر كيف كانت فاطمة تحاول أن تسايرني و تجذبني إليها دون جدوى وها هو الزمن يدور لأفعل أنا ذلك مع ساهرة .. بات تقرب أصدقائي لساهرة يزعجني و تغنجها أمامهم ينفرني ، ضحكاتهم و أحاديثهم التي يتخللها المزاح ، كرهت الخروج معهم، نظراتهم التي تفحص مفاتن زوجتي باتت تؤرقني ، أخبرت ساهرة بأني لا أريد اللقاء معهم مرة أخرى لكنها بدأت تسخر مني وتتهمني بالتخلف .. كتب فاطمة و عطرها الذي أخفيته في جيبي هو ما تبقى من ذكراها بدأت القراءة ، أردت التقرب من فاطمة بدأت بكتاب المسائل الفقهية الذي عكفت فاطمة على دراسته رأيت ملاحظات على هوامش الكتاب أحب متابعتها كأني أدرس معها لحظة بلحظة ، ثم كتب السيرة التي تستمد منها فاطمة دروس الأخلاق اكتسبت منها الحلم عند الغضب ، الصبر عند الشدة لطالما أعتبرت سكوتها ضعفا ولكن اكتشفت بأن صبرها قوة إيمان .. شعرت بأن أفكار فاطمة تتمخض و تولد في أعماقي بدأت أشعر أن أفكارها التي كنت أعتبرها ضيقة ما هي إلا رحاب واسع، بحثت عن فاطمة في صفحاتها فتقربت من الله كتب فاطمة غنية بصفات الله ، قرأت القران عند الفجر كفاطمة ، تركت رفاق السوء وبت أشعر بالغربة في بيتي ، ساهرة لم تعد حلمي لكنها كابوس في حاضري بثيابها الضيقة و تبرجها الصارخ تأبى أن تسمع لي و تسخر من نصائحي كيف لي أن أسمح لزوجتي بالخروج بهذا اللباس ، كيف أسمح لزوجتي بإمتاع الاخرين بقدها و خصلات شعرها المنسابة .. كم اشتقت لعفاف فاطمة و حياء فاطمة و إيمان فاطمة .. لكنني أيقنت بأنني لست كفؤا  لفاطمة.

طلبت ساهرة الطلاق فلم يعد يجمعنا شيء أرواحنا أصبحت غريبة .. لم أتوان عن طلاقها لم يعد جمالها يشدني فنور فاطمة ملأ قلبي كم أتمنى لو عرفت فاطمة قبل الفراق!

فاطمة

مرت ثلاث سنوات أكملت فيها الدراسة .. تخرجت بمعدل عال والآن أصبحت قادرة على أن أعيل نفسي .. ما يؤرقني مسألة طلاقي التي لم تتم لازلت معلقة في ذمة رجل .. أحمد لم يحاول أن يتواصل معي و لم يقبل أن يطلقني لا أعلم ماذا يريدكلما شعرت بالغضب ركزت على دراستي ، سمعت عن طلاق أحمد بعد سنة من فراقنا لم أعرف ماذا أشعر بالفرح أم الحزن لكلاهما .. الآن أريد أن أعيش بلا قيود سأقابل أحمد بنفسي عله يقبل لقائي . ذهبت إلى مكتب أحمد لكنه لم يكن موجودا طلبت من السكرتيرة أن تحدد لي موعدا معه و أعطيتها رقمي الخاص للتواصل ، أتمنى أن يقبل أحمد لقائي ليبدأ كل منا فصل جديد من حياته دون قيود الماضي.

أحمد

بعد طلاقي من ساهرة قررت أن أعيد تنظيم حياتي ، أردت أن أكون كما تحب فاطمة واضبت الحضور للمساجد والماتم ، شاركت الجمعيات الخيرية في المنطقة حاولت أن أقدم العون لمن يحتاج أردت أن أشعر بسعادة العطاء وخير العطاء ما كان بالكتمان ، تابعت أعمالي و اجتهدت أردت أن أكون كفؤا لفاطمة ، أردتها أن تقبلني من جديد ولكن بعد جد ومثابرة لأنها تستحق الأفضل.

لا أستطيع أن أبتعد عنها طوال هذالسنين و أنا أراقب نجاحها و أتابع أمورها خفية أفرح لفرحها و أحزن لحزنها ، أتذكر في يوم خرجت العمة هاجر على عجل لم تنتبه جيدا للطريق صدمتها سيارة مسرعة ، رأيت فاطمة منهارة أردت أن أجري و أواسيها ولكن خشيت أن ترفض مساعدتي ، طلبت من أحد الأشخاص أن يتابع أمورهم وطلبت منه أن يخبرهم بأنه من طرف عادل ، دفعت فاتورة المستشفى ، عندما علمت فاطمة أن عادل لم يرسل أحدا لم تستطع فعل شيء لأنها لا تعرف الشخص ولا كيف تتواصل معه، لم تعلم بأني من ساعدتهم . اتصلت بي سكرتيرتي لتخبرني بأن فاطمة تريد لقائي ، شعرت بسعادة غامرة و خوف من القادم هل آن الأوان للقاء فاطمة ؟ أهذا وقت الخطوة القادمة ؟ طلبت من السكرتيرة أن تحدد موعدا مع فاطمة بعد شهر و طلبت منها أن تتواصل مع عادل و تحدد معه موعدا في أقرب وقت .

عادل

بعد المحكمة حاولت مرارا لقاء أحمد و لكنه كان يتهرب مني ، في كل مرة أرجع إلى البلاد أذهب لمكتبه بموعد و بدون موعد مسبق ولكنه كان دائم اليقظة و باءت جميع محاولاتي بالفشل أشعر بالعجز والخجل من أختي كيف لهذا الإنسان الحقير أن يعلق أختي و يرفض تطليقها دون أي حق .. أتمنى أن ألقاه حينها سأنقض عليه و أبرحه ضربا و إن سجنت بعدها فلن أهتم . في يوم لمحته قرب منزلنا يراقب فاطمة من بعيد ، ركضت خلفه لكنه كان أسرع مني و استطاع أن يختفي من الأنظار ، بعد سنة من انفصاله عن فاطمة وصلتني رسالة من أحمد يعتذر فيها ويقول:

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

إلى أخي العزيز عادل تحية طيبة وبعد

لا أعلم كيف أبدأ رسالتي فالإعتذار لا يجبر الخواطر و إنما الأعمال فالله سبحانه و تعالى يغفر الذنوب كلها بعد التوبة و أنا نادم على كل ما بدر مني على كل لحظة ذرفت فيها فاطمة الدمع و على كل اه .. ندمي الأكبر على كل يوم قضيته مع فاطمة بعيدا عنها دون أن أعرف جوهرها على كل يوم فاتني و أنا غافل عن ما أملك من عفاف و حياء زينبي بات في زمننا جوهر نادر كيف لي أن أعوض ما فقدت .. عقابي هو فقد فاطمة و ها أنا منذ اليوم الأول الذي ودعتني فيه و أنا أحترق من ما اقترفته و لكن كيف لي أن أبعد عنها أو أسمح لها بذلك .. أتمنى من فاطمة أن تقبل اعتذاري ليس بكلمة و لكن بالعمل الدؤوب من أجل تطهير نفسي من بعض ذنوبها .. لن أسمح بلقائنا حتى ذلك اليوم .. أتمنى أن تقبل عذري و اعتذاري حتى يحين وقت اللقاء .

أخيك في الله

أحمد

نور فاطمةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن