[ العاصفة ]

572 53 87
                                    

‏لا ينبغي أن تعرف أبدًا أنّني أحبك.
_

نظرت آنجلين إلى إيلي ولاحظت أنّ منظره تغيّر منذ أوّل مرّة رأته فيها، كان قد ارتدى قميص بولو صوفيًّا بياقةٍ رفيعة وسروالًا أزرق اللّون من نفس العلامة. لمعت ساعة باتيك فيليب فضّية في يده ولم ينظر باتّجاهها ولا مرّة منذ جلسا في ذاك المطعم الرّاقي بالغران فيا، لا بدّ أنّه كان مستمتعًا بوقته للغاية.

كان مطعم غران أزول كغيره من مطاعم فالنسيا يشتهر بلائحة أطباقه البحرية المميزة، دون نسيان ذكر تفرده في الشّكل والصيت. قادهم كبير الخدم نحو طاولةٍ مسبوقة الحجز في الطابق العلوي تطل على الشارع الخالي من المارة على غير العادة، فاقتراب العاصفة الشتوية حال دون خروج الكثيرين من منازلهم.

يصل إرتفاع السقف إلى خمسةٍ وثلاثين قدمًا، تتدلى منه ثريات على شكل ورودٍ صفراء متوهجة وبين الطاولة الزجاجية والأخرى تموضعت نباتات زئبق السلام بجانب أشجار الفيكس لتعطي طابع الحيوية على الأرضية الخشبية الداكنة.

«لم آتي إلى هنا منذ وقتٍ طويلٍ»
تكلم إيلي بحيوية

«إنّه مطعمٌ جميل»
أضافت آنجلين وهي تغرس شوكتها في قلب الرّوبيان الطّازج.

جلست بعض الثّنائيات حولهما يتجاذبون أطراف الحديث، كان هناك زوجان عجوزان من بينهم جذبا انتباهها بشكلٍ خاص. يتحدّثان بمرح، يستذكران ماضيهما معًا بصوتٍ عالٍ، بين مغامراتٍ وعمل دون نسيان تناول الطّعام من آنٍ لآخر، لكنّهما لم يبدوا على ذاك القدر من الشّغف بالأكل بقدر ما كانا مهتمّين ببعضهما، رأت الزّوج يقبّل يد زوجته في حب.

«انظر كم هما متحمّسان في الحديث»

ضحك إيلي وهو يمسح أطراف فمه من مرق السّمك
«نسيا تواجدهما بالمطعم على ما يبدو»

«هذا لطيف»
لانت ملامحها

«تخيّلي نفسك في مكانها بالمستقبل»

أغمضت عينيها وتخيّلت بجدّية، رسمت لنفسها تجاعيد ورأت شعرها فضّيًا وقصيرًا وعلى وجهها نفس الإبتسامة الجذّابة.

«والآن تخيّلي الشّخص الذّي ستمضين معه بقية حياتك»

لم تقدر سوى على رؤية الكرسي أمامها فارغًا، شخصٌ واحد تمضي بقية حياتها معه؟ من سيحبّها لتلك الدّرجة حتّى يتقبّلها بكلّ عيوبها ويمضي عمره بجانبها؟ حتمًا لا وجود لشخصٍ كهذا إلّا في مخيّلتها.

شعرت بيد إيلي تمتد فوق يدها فأجفلت محدّقةً فيه

«ماذا لو كنت أنا؟»

الملائكة تسقطحيث تعيش القصص. اكتشف الآن