في غرفةٍ مليئةٍ باللّوحات، سأبقى أنظر إليك.
_
يُقال أنّ الاستماع لقصص الحبّ يجعل الحياة أقلّ إخافة، وعملًا بهذا المثل شغّلت آنجلين الرّاديو بهاتفها وجلست تستمع لحكاياتٍ ترويها عجوزٌ من وراء ستار. كان والدها قد أعاد لها متعلّقاتها الخاصة مع تأنيبٍ آخر ووعدٍ بألّا تكرّر خطئها. لم تكن لتفعل بطبيعة الحال خاصّةً بعد الضّرب المبرّح الذّي تلقته.
«أعتذر»
قال والدها وهو يدير مقود السّيارة متّجهًا للطّريق الرّئيسية، مارّين بجانب الخبّازين والخيّاطين والاسكافيين ومجلّدي الكتب وصانعي الشّموع الذّين يصطفّون على أطراف القرية لتقديم خدماتهم للسّياح، فقريبًا سيحلّ الشّتاء وستبدأ مجموعاتٌ كبيرة منهم بالتّوافد لتجربة التّزلج على الثّلج وركوب الخيل في تلك الأجواء الباردة. أدارت آنجلين رأسها ناحية والدها ونزعت السّماعات من أذنيها.
«أعتذر»
كرّر ثانية حين بدا أنّها لم تسمعه أوّل الأمر
«كان علي أن أسمع حججك قبل أن أندفع»
وجّهت نظرها نحو الطّريق أمامهما وحاولت ألّا تبدو مرتبكة، لم يعتذر منها مسبقًا فما الذّي غيّره الآن؟ وكما لو أنّه سمع سؤالها فقد أجاب :
«أحاول أن أتحسّن يا آنجل، أريد أن نكون أبًا وابنته»
صحيح، لم يكونا كذلك من قبل. كانت رابطة الدّم هي الوحيدة التّي جمعتهما لطاولةٍ واحدة، وربّما لوالدتها وشقيقتها يدٌ في ذلك أيضًا، فلولاهما ما بقيت معه. لربّما هربت أو فعلت ما هو أسوأ.
«أنا فقط أحاول حمايتك حين آمرك بفعل أشياء وأمنعك عن أخرى، العالم قاسٍ وأنت لم تختبريه بعد ولا أريدك أن تفعلي ما دمت على قيد الحياة»
«أنا لم أعترض يومًا على قراراتك يا بابا، أردت شيئًا واحدًا فقط وأنت رفضت دون التّفكير فيه حتّى»
«هذا لأنّني أعرف مصلحتك أكثر منك وإن كنت أعيدك الآن فهذا كي تنهي هذه الدّراسة ونتخلّص من عبئها للأبد»
استشاطت آنجلين غضبًا تتذكّر ما عاشته طوال أربع سنوات من خوف وتفكيرٍ لا محدود في إمكانية حصول ذلك. كانت الأولى على دفعتها وخسارةٌ أن لا تستغلّ عقلها فيما سيعود بالنّفع عليها وعلى أهلها.
«بابا..»
بلّلت شفتيها مستعدةً لمحاولة إقناعه مرّةً أخرى
«أحوال المحلّ تسوء يومًا عن يوم وإن لم أعمل في الشّيء الذّي أدرسه فسنخسر فرصتنا للعيش بطريقةٍ أحسن، ألا تريد أن تسافر لترى العالم مع ماما؟ لم تخرجا من تلك القرية منذ زواجكما وحين أبدأ العمل سيكون لدي ما يكفي لأجعلكما تطوفان كلّ معالم الدّنيا»
أنت تقرأ
الملائكة تسقط
عاطفيةتعيش آنجلين تشافيز حياتين، واحدة تكون فيها ابنة بائع القرية المتزمّت وأخرى تصبح فيها ابنة رجل أعمالٍ كثير السّفر. بعالمٍ من المعايير المزدوجة سلّط أنظاره عليها تنجح في إخفاء حقيقتها لكنّ تصادماتها الأخيرة مع خوليان آلفاريز، الشّاب الوحيد الذّي رفضها...
