الفصل السادس

490 12 0
                                    

بعد أربعة أيام من عودتهم كان أول درس لعاصي و هارون فكلاهما اختارا فرع الأدبي و كان درسهم الأول فلسفه. ذلك اليوم بعدما أوصلتهم يارا نزلت مع حازم لشراء بعض الأدوات الجديدة للمنزل الذى سوف يسكناه يوم ما. كالعادة لم يتفقا كثيرا على شئ فكل منهما تحلى بذوق مستقل تماماً، إلا أنهما كثيراً ما كانا يتنازلا للوصول لحل وسط. فى نهاية النهار حين عادت يارا لمنزلها وجدت رسالة من فِراس و ترددت فى الإجابة

-كيفك؟
-أنا كويسة. أنت إيه أخبارك؟
-حمدالله، صاير فيه شغل كتير هذه الأيام.
-الله يعينك.
- أنتي مانك مصرية الأصل، صحيح؟
- ده حقيقي، بابا لبناني و أنا عشت فى لبنان لحد ما تميت ال١٣ سنه. أزاى عرفت؟
- آل البارود، اسم عيلتك. ابتسمت يارا بغباء فكيف نست، لكنها تعجبت من ثقافته متعددة البلاد. تحدث معها فى أمور أخرى عديدة و لم تشعر بالملل لوهلة. فى تلك الأثناء دخلت عاصي الغرفة بهرولة و قالت بسرعة

"اتأخرت! مُنذر هيعلقني" ابتسمت أختها و هى تقف لتساعدها و تضع لها لمسات تزين وجهها ثم قامت بربط شعرها القصير فى كعكة من الجنب جعلت من عاصي فتاة شديدة الجمال راشدة لا تبدو فى السابع عشر. نزلت مع هارون نحو السيارة التى أرسلها مُنذر لنقلهم للڤيلا حيث عيد ميلاده بالكينج. ساعة و كان مُنذر واقف عند بوابة الجراچ الداخلية بتيشرت جديد أسود اختاره مع عاصي و بنطال أبيض جينز مع حذاء رجال بني فخم. فتح باب السيارة لعاصي التى ابتسمت بإحراج و خرجت

"متأخرين." مازح بخفة

"قلها... قعدت ساعة بتلبس!" أعترض هارون من الخلف قبل أن يحي مُنذر بروح صداقتهما القوية، كان عناق و سلام يد قبل صوت حمحمة قوية من عند الباب جعلهم يلتفون ليجدوا والد مُنذر واقف بجانبه زوجته كالعادة تنافس الجميع بجمالها و محافظتها الشديدة على مظهرها.

"مساء الخير يا عمو" قالت عاصي و هي تتحرك نحو باب الڤيلا خلفها الشابان. احتضنتها والدة مُنذر فى ترحاب حار شاركه الوالد لاحقاً و في سلامه على هارون. فى تلك الأثناء كان مُنذر يراقب عين عاصي ليتأكد من شكوكه، لذلك قرر الإستئذان من والداه و هارون بالصعود مع عاصي إلى سقف الڤيلا حتى يحتفل بأخر يوم له فى مصر معها. ما أن وصلا حتى امسك يدها و رفع ذراعها إشارة لها للإلتفاف كالأميرات و قد فعلت مرتين ثم أوقفها لتنظر فى عينه الخضراء للحظات حتى سألها و هو يضغط على يدها

"مالك؟"

"مش عاوزاك ترجع" ابتعد عنها و اتجه ليجلس على الأريكة الهزازة فتبعته قبل أخذ خصلة من شعرها ليعيدها خلف أذنها.

"كلها أربع شهور أو أقل" حاول التخفيف عنها. تنهدت عاصي بحزن. أمالت ظهرها على الأريكة لتندمج مع النجوم حين أكملت

"أنت هتكون جنبي صح؟"

"كل يوم يا لوزة. لما أكون فاضي هكلمك، بس أنتي عارفة الكلية و الفروسية و الشغل." أمال رأسه معها و تأملا السماء لأطول فترة ممكنة يؤنس كل منهم الأخر بصمته و وجوده، يداهما متشابكة فى صمت. بعد فترة وجيزة وقف و مد يده ليساعدها على الوقوف ثم أمرها بالإلتفاف لتعطيه ظهرها. خلع السلسلة التى كانت ترتديها و ألبسها أخرى ذهب شديدة الهدوء و الجمال.

لست أفضل خيارحيث تعيش القصص. اكتشف الآن