3/مفاجأة

6.2K 237 98
                                    

- لقد طرقتُ الباب عدّة مرات ولكن يبدوا انّكِ لم تسمعيني.
قالتها ببراءة وهي تراقب وجه فلك المتوهّج بينما اخذت الأخيرةُ تنشغلُ بخلع حذائيها هامسة بتوتُّر:
- نعم يا ميرال، ما الأمر؟
- السيّدة ليلى تطلُبُ رؤيتك.
- حسنٌ، دقائق وسأذهب اليها.
اجابت بخفوت بينما ظلّت ميرال تراقبها بصمت، وعندما تواجهت نظراتهما تسائلت فلك:
- هل هنالك شيءٌ آخر؟

اومأت ميرال بالنفي واضافت بحنان:
- هل ترغبين بأن تُخبريني بأي شيء؟!
- لا، شكرا لك.
- لا بأس، ولكن اذا احتجتي اليّ سأكون هنا دائما.
خرجت لتتركها على راحتها، ولكنها مُدركة انّ فلك الصغيرة بحاجة للمُساعدة، وهي ستفعل كُلّ ما تستطيع لترُدّ اليها المعروف، فقد مرّ شهران على عملها ببيتهم وللغرابة استطاعت بسهولة ان تتأقلم معهم واعتادت طباعهم، وتتمنى ان تعمل طوال حياتها معهم فمن المُستحيل ان تملك نقودًا تخولها الإستقرار وحدها.

.
.

- انت تلعب بالنار يا عزيز، لا يمكنك ان تُلقي بشباكك حول ابنة آدم بهذه السهولة، حتى وإن احبّتك لن يسمح والدها ان يزوّجها لك، صدّقني قضيّتُك خاسرة من البداية.
علا صوت الموج وازدادت قتامة الليل المماثلة لملامح عزيز المتجهّمة بضيق بينما لم يُعطه اخيه فُرصةً للردّ واسرع يُضيف:
- لا تُقحِم فلك في دوّامة انتقامك.

التفت اليه عزيز وقبض على ياقة قميصه هاتفًا بجنون:
- انت لا تتدخّل، ولا تجعلني اتفوّه بما لن يُرضيك، إنشغل بشؤونك يا عمرو وابتعد عنّي.
- لن افعل يا عزيز، لن اسمح لك بأن تؤذي فتاةً مسكينة على حساب حقدك على ابيها لأنه سرق حبيبتك.
قالها عمرو بنبرةٍ هادرة قصد بها ايلامه علّهُ يستفيق من سكرات عشقه المُستحيل؛ فغيد قد تزوّجت وانتهى الأمر وكُلّ ما سيفعله لن يجعله سوى مُجرّد رجُلٍ وضيع وهو ليس كذلك.

- لا تقُل حبيبتي، غيد لم تعُد تعنيني صدّقني.
قالها بقوّةٍ وقلبه ينبضُ بكُرهٍ يهدد بحرق الدنيا، لا يعلم كيفّ مرّت تلك الأيامُ منذُ زواجها، لقد احبّها بصدق ولكنها مع اوّل بائعٍ غني سلّمت نفسها دون ان تلتفت للوراء، كان يحفِرُ في الصخر ليستطيع الإرتباط بها على الملأ، عمل ليل نهار ليشتري لها بيتًا صغيرًا يجمعهما ولكنها نقضت كل عهودها وباعته بأبخس الأثمان، باعت قلب رجُلٍ لن يعوضها عنه ملء البحر مالًا.
- ارجوك يا عزيز، انا اخيك الأكبر اتوسّلُ اليكَ ان لا تُحطّم قلب تلك المسكينة، افعل ايّ شيءٍ إنتقامًا لكرامتك ولكن ليس عن طريقها، صدّقني ستندم طوال حياتك.

قالها اخيه وغادر غاضِبًا خائفًا عليه من اهواء نفسه المُتعبة بينما جلس هو على الشاطىء وكلمات اخيه تترددُ بأُذُنيه، وللحظة اغمض عينيه واطلّت صورة غيد بخياله، استسلم لذكرياتٍ جمعتهما بذات المكان، حيث كان يهرُبُ بها من بيتها المُتهالك الى جنّة أحلامهما، هنا اعترف لها بالحُبّ لأوّل مرّة، هنا قبّل عينيها الزرقاوين، هنا أمسك بيدها ونظر الى وجهها كما لم ينظُر الى امرأةٍ من قبل.
تسرّبت الدموع من مُقلتيه حُزنًا على قلبه الساذج الذي يُهدر المُتبقيّ من كرامته نابضًا بإسم امرأةً خائنة.

بيوت الرملحيث تعيش القصص. اكتشف الآن