8/هروب

5.6K 237 152
                                    

لقد مرّت ليلة مُرهِقة على الجميع، واولهم بحر الذي لم يستطع ان يغمض لهُ جفنٌ وليلى غاضبة عليه، بالرغم من غضبه من طريقة تعاملها القاسية مع ميرال الّا انه يُدرك تماما خوفها عليه، فهو الشخص الوحيد المُتبقي لها بعد موت والديها ولن تستطيع التعامُل مع امر زواجه بهدوء خاصة ومن سيتزوجها هي خادمتها.

اغمض عينيه وقلبه يحترق بشوق مُضني وهي الآن تنامُ تحت سقف بيته، يا الله كم بدت جميلةً وهي تغفو براحةٍ وكانها تهرُبُ من كُلّ احزانها بالنوم... فقبل ان يأتي بها الى المنزل ابلغ والده بمكالمة هاتفية مفادها انهما في الطريق الى البيت، استقبلهما والده بملامح صارمة بالرغم من خوفه من هذه الخطوة.. قادها حينها الى غرفته وطلب منها البقاء الى ان يعود اليها وترجل الى والده ليتناقشا طويلًا حول الأمر، وبالرغم من رُعب والده المُبرر الّا انه لن يستطيع الوقوف في وجه سعادة ابنه الوحيد.

عندما عاد اليها وجدها تستلقي على فراشه وقد غرقت بالنوم ودموعها على خدها، ولم يستطع حينها ان يوقظها بل اكتفى بتأمُلها طويلًا وقلبه يستعر بالألم الى ان خرج تاركًا اياها تنعم بالراحة،  فلا احد سواه قد لاحظ شحوب وجهها والتعب البادي على ملامحها.
- هل حقًّا ستتزوج ميرال يا بحر؟!
تسائل بلال وهو يتناول طعامه ليلتفت اليه بحر وينظر اليه بمحبة، هذا الصبي يملكُ بقلبه مكانة لم يأخُذها احد فهو اجمل هدية حطّت على حياتهم.

- نعم، سأتزوجها، ما رأيك انت..
سأله بجدّية وهو من الأساس لا يعامله كطفل مما جعل علاقتهما اكثر قربًا، ابتسم بلال واجاب ببساطة:
- الرأي لك انت، إذا كنت تحبها فتزوجها على الفور ونحن سنحبها بكُل تأكيد.
ليت الأمور بهذه البساطة يا اخي!

زفر بحر انفاسًا لاهبة وهو يرى سبب ارقه وخفقان قلبه واضطراب حياته امامه.  كانت تقفُ بمدخل المطبخ بخجل، تفركُ يداها بتوتُّر .. ترتدي إحدى التنانير التي اختارها لها بالأمس، زرقاء تنساب بنعومة على قامتها الهزيلة الى منتصف ساقيها مع بلوزة بيضاء ذات اكمام قصيرة.. مثنية الأطراف بإيحاءٍ انثوي بداخل التنورة لتظهر خصرها المغوي، حتى شعرها بدى مرتّبًا بذيل حصان طويل ينساب على ظهرها بدلال وبعض الخصلات المشاكسة تنساب بنعومة حول وجهها الشاحب، تبدوا جميلةً للغاية وناعمة كقالب حلوى.

نظر اليه والده بتذمُّر وهو يقف مشدوهًا يطالع الفتاة ببلاهة وكأنه لم يرى امرأةً من قبل، لكزه بيده هامسًا بحدّة:
- اقفل فمك يا بحر...  تبدوا مُثيرًا للشفقة.
انتبه بحر من سحر تأملاته ليهمس لوالده بلوم:
- بالله عليكَ يا ابي، اتركني اهنأ قليلًا بغزالتي.
كل هذا وهي تقف مكانها تطالعهم بنظراتٍ مُحرجة لينتبه اليها بلال فيتقدم منها هامسًا ببسمةٍ مرحبة:
- مرحبًا يا زوجة اخي، هيا تعالي الى الداخل.

ودون ان يأخذ اذنها سحبها خلفه لتسير بتعثُّر الى وقفا امام الطاولة الموضوع عليها بعض الطعام، وحينها فقط بدى لجمال الشبه الجليّ بينهما، انها تشبه بلال بصورةٍ موجِعة.
- صباح الخير يا ابنتي، كيف كانت ليلتكِ؟
نظرت الى العجوز برهبة واجابت بنبرةٍ خافتة للغاية:
- صباح الخير سيدي.. شكرا لسؤالك.
- بل صباح الخير عمي، ألن يكون والدي عمّكِ يا زوجتي المستقبلية.

بيوت الرملحيث تعيش القصص. اكتشف الآن