الفصل السابع

3K 95 0
                                    

أخذت تمارا تفتح مقلتيها ببطء شديد محاولة الإفاقة بعد فترة دامت لثلاث ساعات من إغماءة متواصلة تسببت فيها تلك العملية التي أقدمت عليها بعد قرار أخذته كاخوانه بساعة شيطان، فما كان منها ان تسرب معلومات ريان لأجل المال، وما كان منها الموافقة على عرض نضال الذي تعرف منتهاه وما كان منها ان تقرر إنهاء حياة صغير لا حول له ولا قوة إلا بالله، بعد مرور دقائق نجحت بفتح عينيها بالكامل في حين تحاول تحريك محجريها الى المكان حولها محاولة التصديق بكونها لا تزال حية ولم تمت مع صغير السفاح هذا! اخذت تتناول أنفاسها بهدوء وبصرها مسلط بالفراغ في حين تفكر مليا بما آلت إليه أمورها الآن بعدما خرجت سالمة من تجربة كادت تفتك بها وبسمعتها وذلك كله لأجل حفنة أموال! في هذه الاثناء دلفت الممرضة المداوية التي ميزتها تمارا عبر ملابسها البيضاء، فقدمت لتغيير المحلول في حين التفتت الى تمارا قائلة:
_ حمد الله عالسلامة
لم تحبها وإنما عادت تنظر الى الأمام من جديد حيث شردت متسائلة عن ماهية مستقبلها العجيب! إلى أن تلقت الصاعقة الأخيرة من فم الممرضة حيث قالت وهي تبدل المحلول:
_ الإجهاض فشل والبيبي مانزلش، معلش بقى!
تسارعت أنفاسها وجحظت عيناها كما احتقنت الدماء بوجهها حيث التفتت الى الممرضة بسرعة لتستنبط الجدية من معالمها الجادة، ولولا انهاكها والآلام التي عانتها قبل قليل لكانت الآن تصرخ وتدمر كل شئ بهستيرية، ولكن على العكس تماما، فقد ظلت الآلام تأكلها من الداخل، قلبها الذي عاد ينبض من جديد وقد شعر بأهميته ولا يزال الجنين بخير يحتاج الى خفقاته، عبراتها التي انسابت على خديها بغزارة حتى بللت وسادتها، شهقاتها مسموعة الصوت التي تخفي بداخلها عجز كبير وندم أشد، ندم لا تعرف هويته اهو لأجل الخيانة ام الزنا ام قتل نفس بريئة بغير حق؟ حياتها صارت عبثا لا تعرف فحوى فائدتها وقد فقدت جديا كل ما تملك وبقي المال دون أهمية!

ابتعد بضعة خطوات حتى وصل السرير فجلس على طرفه ثم أخذ يمسح على وجهه بكلا يديه في حين يقول وهو ينظر إلى زوجته التي تبحث داخل أدراج الدولاب قائلا بيأس:
_ مافيش حاجة يا بسمة، ممكن بقى ترتاحي وتبطلي أفورة؟ بقالنا شهور بندور ومافيش أي حاجة وسمعت كلامك وخليتك تدوري ف الأوضة مع ان كنت رافض جدا، وبرضه مافيش اي دليل، يظهر كدة ان تأثير الجلطة يومها خلى بابا يقول أي حاجة وخلاص!
توقفت بسمة عما كانت تفعله ثم استدارت بجسدها كي تواجهه بمعالم معاتبة قائلة:
_ وافترض ماطلعتش الجلطة هي السبب يا ماهر؟
نكس ماهر رأسه بقلة حيلة بينما أكملت بسمة بهدوء:
_ ماتنساش إنت عندك ولد يا ماهر، ولو طلع ليك أخ وما اخدش حقه الشرعي ف أملاك عمي الله يرحمه، ساعتها حاتم كمان هيواجه اللي يضيع له حقه، وده انا مش هرضاه أبدا يا ماهر
رفع بصره كي يواجه نظراتها الثاقبة في حين يردف إيجابا:
_ معاكي حق يا بسمة، دوري وأنا هشوف الكومودينو ده
هم ليتحرك باتجاه الكومود ولكن سرعان نا اوقفته بسمة قائلة بسرعة:
_ ماهر، تعالى هنا
أبدل نيته ووقف عن السرير متجها إليها وعلامات الاهتمام صارت بادية على وجهه وهو يتساءل:
_ في إيه؟
_ مين دول؟
قالتها وهي تمد له بإطار صغير يضم ثلاثة من الشباب ذوي الشعر الطويل والملابس التقليدية تحت إضاءة قاتمة تبين قدم الزمن الذي التقطت فيه، أمعن النظر بها لثوان ثم التفت إلى زوجته وهو يشير نحو الشاب الواقف بالمنتصف مستندا كلتا يديه على منكبي صديقيه ثم قال:
_ ده بابا
ثم أشار إلى الشاب الذي يقف على يمينه قائلا:
_ وده اونكل عيد ساب مصر من زمان وعايش دلوقتي في الإمارات
أشارت بسمة نحو الشاب الأخير متسائلة بحيرة:
_ وده؟
بادلها المعالم الحائرة وهو يقول بدهشة:
_ ماعرفش! انا اول مرة أشوف الراجل ده! وبابا ماجابليش سيرته أبدا
تحدثت بسمة بنبرة هادئة:
_ عمي الله يرحمه ما عادش موجود عشان يحكيلك بس اونكل عيد يقدر
اماء برأسه مؤيدا:
_ صح

لقيطه و لكن بقلم/ اسراء عبدالقادرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن