الفصل السادس

3.1K 93 1
                                    

دلف إلى داخل الغرفة وبيده صينية من الطعام، ليجدها كما تركها بمعالم مطفأة تنظر للفراغ ساهمة بعدما حدث قبل أسبوعين كاد يدمرها لولا أن ساعدها ريان على الثبات في تحمل المصيبة المهلكة وقد فشلت محاولات الشرطة بالامساك بالقاتل فلا يأخذ جزاء ما أقدم عليه من جرم أهلك جنينه الصغير، وبين حزنه وطلب الثأر عليه أن يزيح عنها حدة البلاء ملهما إياها الصبر وطلب العوض من الله، وهي مهمة تتسم بمشقتها داعمها الأول الوقت وداعمها الثاني الصبر وداعمها الثالث عدم إظهار ما يقبع بداخله من الم أمامها، فهل يستطيع اتخاذ هذه العوامل لصالح المراد؟
وضع الصينية على السرير أمامها ليجدها لم تحرك ساكنا، التقط نفسا عميقا زفره بخفوت قبل البدء بمهمته التي عزم فيها النجاح، مسد وجنتها الشاحبة بكفه محتويها، لتحيد ببصرها عن الفراغ كي تقابل بنيتيه المحبتين فيعود مشهد إطلاق الرصاصة إلى عقلها من جديد فتعود الرغبة في البكاء إلى مقلتيها بينما يسرع ريان باحتواء وجهها بكلتا يديه قائلا بلهفة:
_ لا لا، ماتعيطيش يا رهف ارجوكي، دموعك غالية عليا يا غالية
لم تتوقف او ترتدع وإنما أخذت في البكاء وذرف العبرات بقوة بينما تهتف بنشيج:
_ مات ابننا يا ريان! خلاص سابنا وراح! ليه هما استكتروا علينا فرحتنا بالشكل ده؟ فهمني ليه حصل معايا كدة؟
وجد نفسه تلقائيا يلتقطها بين ذراعيه محتضنا بينما يثنيها عما تقول مردفا بخفة:
_ لا يا رهف حرام تقولي كدة يا قلبي، ربنا هو اللي قدر، مين عالم لو كان اتولد كان ممكن ما يبقاش صالح، الحمد لله دلوقتي مستنينا في الجنة يا حبي
لم تجبه وإنما دفنت وجهها بصدره حتى ابتل قميصه إثر دموعها الغائرة، التي تقطعت لها نياط قلبه من شدة الحزن والحسرة عليها، ولكنها مسألة وقت قبل أن تلتئم الجروح وتنطفئ النيران

_ من تقرير الفحص الجنائي الجثة اللي كانت في الصحرا دي مدفونة بقالها أسبوعين وزي ما خمنت الرصاصة غرست ف قلبه ف نفس ساعة الدفن يعني عملية الاغتيال كانت هناك
أردف بها الضابط الجنائي بجدية أمام زميله الذي أردف يقول متسائلا:
_ وما كانش معاه بطاقة تأكد صاحبها؟
أجابه آسفا:
_ لا للأسف، أظن مش هنعتمد غير على رقم التليفون اللي اديتهولنا البنت اللي كانت بتدور على باباها من كام يوم، أظن ده دليل كفاية عشان نبعت لها الجثة
اماء برأسه قائلا بتأكيد:
_ طبعا، بس لازم نعرف الأول الرصاصة اللي ف دبت ف قلبه دي رصاصة مين بالظبط؟

اقتباس3
_ نضال أنا حامل
قالتها تمارا وهي تضع سماعة الهاتف على اذنها بوجوم بينما تسمع هتاف من بالجهة الأخرى هادرا:
_ ايييه؟ حمل اي ده؟ إنتي مش كنتي عاملة حسابك؟!
زفرت بغضب قبل ان تواجهه بنبرتها الصامدة تقول:
_ ايوة كنت عاملة حسابي، بس حصل وماعرفش ازااي؟!!
_ الولد ده لازم ينزل وفورا
ازدردت ريقها بتوجس قبل ان تردف بنبرة راجية:
_ خليك معايا يا نضال، أنا خايفة
_ ده آخر اتصال بيننا، تنسي انك تعرفيني وهحولك مبلغ محترم، تروحي لدكتور نضيف وتخلصي
ثم أغلق الهاتف دون انتظار رد فعل منها تاركا إياها تغرق بين عبراتها الساخنة، والقلق ينهش بفؤادها حيث دب الخوف بلبها بمجرد أن وجدت ان لا حل أمامها سوى الإجهاض وما قد يترتب على ذلك من ضياع حياتها جراء التخلص من حياة هذا الجنين الصغير!
اجفلت تمارا ما ان سمعت صوت الممرضة تنادي باسمها، لتقف ثم تتجه نحو غرفة الطبيب النسائي، وقد آلمها بالفعل تذكر ما حدث بالأمس بعد محادثتها مع نضال والتي انتهت بانفصال أعلنه نضال بكل سهولة وكأن من يتركها هذه مجرد وعاء بسكب فيه مخلفاته ومع ذهابها تأتي غيرها على الرغم من تلفظه بكل ما للحب من معان وكلمات سامية تدنست بلسانه! أجل هي نادمة على هكذا علاقة أوضحت لها كم هي رخيصة بنظر معشر الرجال! وافقت على الوقوع بمحرم وضعه الله بالكبائر واستغنت عن العفة مقابل ثمن بخس، إذا فعليها بتحمل العواقب وفقد الجنين الذي لا ترقى بأن تكون له أما وهي الفاسدة الغير مؤهلة لهذه الكلمة، أعطاها الطبيب ميعادا لاغتياله تماما كما اغتالت هي كل ثمين بحياتها!

لقيطه و لكن بقلم/ اسراء عبدالقادرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن