#الفصل_الخامس

9.6K 234 2
                                    


منذ أن توفي زوجها وهي لم تتخل عن اللون الأسود القاتم الخالي من أي نقش أو زينة ، لم يكن اللون الأسود لها مجرد شارة للحزن فقط ولكنه أصبح أسلوب حياتها فبرحيل والد أبنائها الاثنين اكتست الدنيا حولها بالسواد حتى أنها أصبحت تنفر الالوان ومن يرتديها .. كل ما حولها مظلم إلا طاقتي النور المنبعث بحياتها ريتال و رامي كل شئ كان قاحل حتى ليلة أمس وانقلب حالها من ظلام الاسود الي اشعاع قوس قزح
فقط بليلة ... ليلة واحده !
إنها السيدة سوزان والدة كل من ريتال ورامي وهناك أبنائها الاثنين يطالعنها بفم مفتوح وعينا جاحظه ولسان حالهم يردد
" ترى ما حدث لها ؟ ! "
حاول رامي أن يخرج من صدمته نتاج مظهر والدته المبهرج ، والتي ترتدي فستانا باللونين الأحمر والأسود ينساب بنعومه على جسدها البض ، يعلوه حجابا من الأحمر والأبيض مجتمعان أظهر جمال وجهها كأن الأيام لم تترك عليه أثر وتحمل بيدها حقيبة سوداء فاخرة وحذاء من نفس اللون حاول أن يجلي صوته وهو يحادثها بهدوء بينما ريتال ظلت تطالعها فقط بغمها المفتوح كالبلهاء :
- احم احم ايييه ماما هوو اااا ححـ حضرتك رايحة فين ؟
نظرت إليه والدته وهي ترفع إحدى حاجبيها :
_ رايحه أزور عمك ومراته .. ومن استدارت وتركتهما خلفها ينبضان دهشة ثم غادرت !
بينما زاد عجب ريتال إلى أقصى حدوده بينما أخذ رامي يصفع نفسه عدة صفعات ليتأكد من أنه يقظ ، فوالدته لم تكره أحدا أكثر من عمه وزوجة عمه ولم تدخل منزلهما سوى مرتين طوال حياتها فما الذي حدث الآن ! والحقيقه أنها منذ أن علمت بم حدث للسيد سالم عم أولادها وكأن الدنيا قد أهدتها لذة الإنتقام دون أن تبذل أدنى جهد صرخة حبستها بين العظام واللحم خمس سنوات حينها كانت ريتال في الصف الثاني الثانوي ورامي بالصف الأول منه عندما توفى والدهما وتركهم جميعا بلا سند أو صدر رحب يظلهما بل على العكس عم طامع جشع لا يأبه لشئ ولا يخاف الله، وأما ما أحل به اليوم هدأ من روع بركان حقدها وغضبها وأطفأ بعضا من نار الظلم التي تشملها منذ زمن وهي لن تفوت الفرصه !

********★★★★***********

أما هو ...

فيعشقها حد الجنون ، جنونا جعله يبغض أخاه الذي سلبها منه وإن كان دون قصد أو دراية بل ويبغض حزنها عليه ، ولها تربع على عرش قلبه أحل له الاستيلاء على كل ما يخصها وأولادها فقط لجعلها تحتاج إليه ولا تستطع الدوران بعيدا عن فلكه يوما ما ، متناسيا أنها كانت بيوم من الأيام زوجة أخيه !!
هو لم يراها قط على تلك الصوره بل كانت بنظره عشق قلبه الاول والاخيره الذي نزع من بين أحشائه عنوه ليستقر بقلب أخيه لم يعرف يوما مشاعرها تجاهه أو يحدثها بم يكنه لها بل اعتبر حبها له أمر مفروغا منه بمجرد أن عشقها فقد أصبحت خاصته وان لم تعلم بالأمر ،
جنونا سقط بهاوية الأنانية جعله يمنى ولده عصام بريتال أيضا فزاد جنون الأخير حد جنون والده !!

*********★★★**********

طرق الباب أجفل زوجته التي كانت تجلس بجانبه ترثى حاله ، زوجها الذي كان يدعى أسد الجيش الآن هو طريح الفراش لا يقوى على الحركه بعدما أن أصيب بشلل مؤقت بأطرافه نتيجة ما تعرض له من صدمه حيال ولده الوحيد عصام ..
فتحت زوجته سعاد الباب وقد كادت أن تصعق حين رأتها ، ليس صدمه مجيئها فحسب بل وصدمة أخرى من هيئتها وبصوت متحجر ومستنكر :
-سوزان ! هه تصدقي معرفتكيش ! .. جايه عاوزه إيه ؟!
أزاحتها سوزان بيدها ثم دلفت للداخل بهامة مرفوعة ونظرة شامته :
- جرى ايه يا سعاد مش ده برضه بيت عم ولادي سمعت انه تعبان مجيش اشوفه يعني ينفع ؟!
غصب عارم اعتلا ملامح الزوجة الوفية الناعسة الضحية الوحيدة بتلك المعركة ، تعلم جيدا مدى حب زوجها لسوزان كما تعلم مدى كره الأخيره له وأي امرأه بمكانها سوف تمنع سوزان من رؤية زوجها بعدما تأكدت من شماتتها ولكنها لن تفعل :
"جايه تشمتي في جوزي يا سوزان وماله انا حدخلك عليه عشان يشوف حقيقتك يشوف قد إيه بتكرهيه يمكن يفوق من غيبوبته ويعرف مين العدو ومين الحبيب "
هكذا حدثت سعاد نفسها وانقلبت ملامحها لمئة وثمانين درجة حتى أن سوزان توجست منها وفكرت للحظة بالانسحاب غير أن شهوة الانتقام داخلها أبت أن تفعل خاطبتها سعاد بود وضحكة ناعمة :
اهلا بيكي يا روح قلبي نورتي يا حبيبتي اتفضلي اتفضلي ثواني حشوف سالم وارجعلك ..
ومن ثم تركتها في ذهول بينما دخلت لزوجها وبملامح مغتاظه ونبرة قاتله :
سوزان مراة اخوك بره بتقول جايه تشوفك أدخلها ولا لا ؟؟
وكأن الحياة عادت إليه ، حاول الجلوس بكل قوة ولكن بالطبع لم يستطع هيئته زادت من حقدها على تلك الشامته التي تجلس بالخارج ، قامت بمساعدة
على الجلوس مرغمه أما هو فكانت الكلمات تتراقص طربا فوق شفتيه لا يستطيع إخفاء لهفته :
سوزان بره روحي ناديها خليها تدخل حالا .. وشوفي عندك ايه في البيت وهاتي شيكولاته وعصير بسرعه يا سعاد !
وقلب سعاد المحترق ينفذ كل ما طلب منه دون روح فقط لإرضاء من لا يشعر بها وإن كان على حساب كرامتها وأكثر !

*******★★★★*******

كعادته أنيقا منمق الهيئة ولكنه متوتر قلق على غير العاده ، وبجانبه صديقه العزيز خالد والذي ترك له حرية الحديث نيابة عنه :
وزي ما حضرتك عارف جوزيف ملازم اول مباحث وشاب مجتهد في شغله جدا ده غير انه الوريث الوحيد للمرحوم والده الحاج جورج .. الفاتحه على روحه ..
وقد أخذ يقرأ الفاتحه بصدر رحب وحينئذ لكزه جوزيف بغضب فتنحنح خالد معتذرا :
- معلش اسف يا فندم اقصد ربنا يقدس روحه ، فإيه رأي حضرتك يا أستاذ مايكل ها نقول مبروك ؟
نظر له مايكل والد شرويت نظرة مستنكره فهو مسيحي متدين لأقصى درجه وهو لا يرى ذلك على ملامح جوزيف وخاصه بعدما اصطحب خالد صديقه المسلم من دون اصدقائه جميعا ليتقدم لابنته شيرويت استدار بوجهه قبالة جوزيف موجها له الحديث :
الحقيقه يا جوزيف يا ابني احنا محتاجين لوقت نفكر فيه وبعدها حنرد عليك
تحدث جوزيف ببعض التوتر خاصة بعدما رفع خالد إحدى حاجبيه للسيد مايكل استنكارا لتجاهله :
_ في الواقع يا عمي انا كان عندي أمل توافق وكمان ياريت بلاش خطوبه نكتب الكتاب على طول !
وهنا من قام بلكزه تلك المره هو خالد بعدما جحظت عينا مايكل أمامهما بنفور ،
فتنحتح جوزيف بحرج وهو يدعو على خالد بسره :
" الله يخربيتك يا بعيد انت السبب"
احم احم أقصد يا عمي الاكليل المقدس ومباركة البابا
ضيق مايكل عينيه بوجه جوزيف وأخذ يخاطبه من بين أسنانه :
حشوف يا ابني وأرد عليك زي ما قولتلك ، معلش بقا مضطر اعتذر منك الوقت اتأخر وشيرويت بتنام بدري ..

حينها شعر كل من جوزيف وخالد بالحرج الشديد وقاما من فورهما تاركين منزل والد شيرويت
بلحظ واحدة ..
وفور خروجهما :
" الله يخربيتك يا خالد على بيت معرفتك انت متعرفش ان ابوها قمص ومتعصب جدااا"
قالها جوزيف بغضب واضح ولكن خالد حاول أن يمتص غصبه فهو يعلم جيدا أنه يعشق شيرويت حد الجنون منذ طفولتهما :
- يا عم انا عارف انه ابوها مقموص بس اعملك ايه يعني مكنتش اقصد انت اللي غلطت وقولت كتب كتاب كان فاضل شويه وتجيب المأذون يا جو
زاد غضب جوزيف حينها :
- يا أخي بقولك قمص .. قمص يعني كبير القساوسة في الكنيسه يا فطن ده معمد نص عليتنا تقولي مقموص وبعدين منا غلطت بسببك هو فيه غيرك حيجيب أجلي يا راجل ده انا فاضلي يومين وأشهر اسلامي
عندها احتضنه خالد بسعاده : بجد يا جو
وعندئذ لم يتمالك جوزيف نفسه ونفضه بشده :
يا اخي غور بقا من وشي ..
ثم ركب سيارته وسار مبتعدا وهموم العالم أجمع قد علقت فوق رأسه بينما أخذ خالد يضحك عن أخره وهو يحدث نفسه " احنا كنا عاوزين نتلاقى ذهنيا يا اخي بقا انا اللي غلطان !! "
انتبه الى جرس هاتفه فوجد رقم يعرفه جيدا أجاب سريعا :
- هااا ايه الأخبار يا حسن ؟!
أجابه حسن على الطرف الآخر :
- صاحبك قايد نار يا خالد وحالف لينتقم بس مش دي المشكله في ناس هنا في الجهاز رتبوا الموضوع وحيطلع منها بعد ما أخدوا الموافقه طبعا
- من مين يا حسن ؟
سأله خالد وهو أعلم الناس بالاجابه ولكنه أراد التأكد فأجابه حسن :
يعني مش عارف من مين .. السيد مدير الأمن .. والدك !
حينها أغلق خالد الخط دون أن يتفوه بكلمه وهو ساخط على أبيه لا يعلم لم يعامله بهذا الجفاء لم يقف دائما بطريق كل خطوة يخطوها ، حتى أن مهارته كرائد مباحث لا تشفع له عنده ولكن الاهم الآن هو ريتال لن يتركها عصام آمنه لا بد من حل جذري ينهي تلك المسألة من الأساس ولو كان على حساب شخص آخر وربما على حساب قلبه هو !

أخرج هاتفه ودون تفكير أو روية سرد رسالته الحاسمة ومن كلمة واحده فقط ثم ضغط على زر الإرسال
"تتجوزيني يا ريتال؟ "

انتهى الفصل ...

زوجة ظابط مهم #الفصل_الأول#الفصل_الأولحيث تعيش القصص. اكتشف الآن