XII

39 6 0
                                    

أمسَـك غـيثـارَه، و بِـخطـواتٍ مُـتعبـة، يَـجرّ بِـها قـدمَـاه و يـجُـرّ مَـعهُ ذِكـريـات، عَزم علـى دَفـنـهـا هُـنا حَـيـث طَـمـس حُـبّـه، حَـيـث كـانـت البِـدايـة تَـلـتـها النّـهـايـة، حـيثُ سـينـتهـي هُـو.
نَـحـو الرّصـيـف اِتّجـه، بِـتـنهـِيداتٍ و بـضـع تَـمتـمـاتٍ حَزِيـنـة، هـو جـلـس تـحـتَ شُـرفـة مَنزِلـها. حَـمـل غِـيثـارَه، أنـيـسَـه بِـوقـت شـدّتـه، و أخـذ يَـعـبـث بِـأوتـارِه، لـيـخـلّـف نـغَـمـاتٍ حَزيـنـة، كـمـا عـبـثـت هِـي بـقـلـبِـه، كَما دَخـلـته بِلَـا اِسـتـئـذان، و كـمـا خـرجَـت بـعـد خـرابٍ أهـلَـكـه.
فـتـح ثَـغـره عَـازِمـا الغِـنـاء، و تـذكـيـرهـا بـكـونـه لـم يَـخـن الوعـد.
لَـا يَـزال يـتـذكّـر، فـأيّ قـلـب يـسْـتَـطِـيع نـسـيـانَ نـدبَـات آلَـمـتـه.
بـصـوت مُـرتـجـفٍ غـنّـى أغـنـيّـة، كـانـت فِـيمـا مـضـى مـصـدر سـعَـادتـه، و ذكـرَى لـطـيفـة مِـنـهـا، لـكـِـنّه يَـرى بِـها الَانَ مَـصـدر حُـزْن و ذِكــرَى أكـثَـر إيـلـامَـا.
غَـنّـى حَتـى اِرتَـجـفَـت أحبَـالُـه الصّـوتِـية، و مَـا عَـاد قَـادِرًا عَـلى الغِـنـاء، فَـاحتَـلّـه الشّـجـن، و شَـرَع يَـبـكِـي بِـهسْـتِيـريّـة.
اِحتـضَـن الغِـيثَار لِـصَـدرِه، مَـصدَر سَـعادَتِـه قَـد اَصبَـح مَقـدارًا لَـا مَحـدُودًا مِن الألَـم.
بَـات تِـلكَ اللّـيـلَة مُتَـحـسّـرًا عَـلى فُقـدانِهـا، و عَـلى كَـم مِـن يَـومٍ أهلَـكَـه فُـراقُـها.

رُغـمَ كَـونِـه بِـلَـا ذَنـب، لَـكنّـه الحُـب، و مَا جَـعَـل مِنـه سِـوى آثِـمٍ بِـعيـنِـه، و غَـمَـرهُ بِكُـرهٍ لِـنـفـسِـه.
فَـأيّ أنـثَـى هَـذه، مَـن حَطّـمَت هَـشًا مِثـلَـه، و خَرّبـت فَـنًـا مِـثلَه؟.

أيّ أنـثَـى هَـذه؟.

مَــشاعر داكِنَـة.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن