رواية ملاك يغوي الشيطان
الفصل الاول والثاني
مقدمة :- نصف الحكاية
كان اليخت الأبيض الضخم الذى هو أقرب الى سفينة صغيرة متوقفا فى عرض البحر على بعد ثلاثة أميال من ميناء أثينا .
فتحت زينه الباب الزجاجى الجرار وخرجت الى السطح تسير بالسرعة التى تسمح لها بها تنورتها القصيرة الضيقة وحذائها ذو الكعب العالى وقد أرتسم الذعر والهلع على محياها فراحت تتمايل بحدة وتلتوى قدماها من تحتها حتى أوشكت لأكثر من مرة على السقوط فتوقفت للحظة وخلعت الحذاء وألقت به فى الماء غير آسفة عليه .
ضربت موجه شقية جانب اليخت وألقت برزازها عليه فشعرت بطعم ملوحة ماء البحر على شفتيها .. أم انها كانت دموعها ؟!!!! ..
راحت تتلفت حولها بيأس تبحث عن مكان تلجأ اليه وتختبئ فيه قبل أن يفيق ذلك الرجل ويلحق بها , دارت حول السطح ووجدت سلم يؤدى الى أسفل .. لا تعرف الى أين .. ولكنها لم تتردد ونزلت بسرعة على الدرجات الحديدية الزلقة بفعل الرطوبة فأنزلقت قدماها وتدحرجت على درجاته وجرحت ساقها بشدة ولكنها تحاملت على نفسها ووقفت متشبثه بالسياج الحديدى تعض على شفتها السفلى لتمنع صرخة ألم كادت ان تفلت منها وأكملت طريقها بحذر وقد بدأ جسدها يرتعش بوهن ويئن بعد السقطة القوية .
وجدت نفسها فى غرفة المحركات وكانت من حسن حظها فارغة فلا أحد من البحارة يعمل فى تلك الساعة المتأخرة من الليل , بحثت بعينيها عن مكان يصلح للأختباء , كان هناك فى احدى الزاويا خلف أحد المحركات غطاء من البلاستيك مكوم بأهمال .. أسرعت وجلست على الأرض وغطت نفسها به لا تدرى بما قد يفيدها هذا فسيجدها أحدهم عاجلا أو آجلا فأين يمكن لها ان تذهب وهى على هذا اليخت فى عرض البحر ..
أنتابها الغثيان وهى تتذكر المنظر البشع للرجل الضخم وهو ممدد على الأرض وعيناه جاحظتان والدماء تنزف بغزارة من رأسه , لقد دفعته بقدميها بقوة لم تكن تدرى بأنها تملكها أو ربما لأنه كان سكيرا .. لقد أختل توازنه وسقط الى الخلف ليصطدم رأسه بحافة طاولة الزينة ويسقط بكل ثقله على الأرض مصدرا صوتا شبيها بخوار الثور ليسكن جسده بعدها بدون حراك , لم تجرؤ على الأقتراب منه وهربت من الحجرة بسرعة .
لم تساعدها رائحة الشحم الملتصقة بالغطاء على ألتقاط نفسا يبعد عنها ذلك الأحساس بالغثيان فوضعت رأسها بين ركبتيها حتى يزول الدوار .. بعد قليل سمعت أصوات خطوات على السطح أعقبها أصوات صياح وغناء صادرة عن عدة أشخاص جمدتها فى مكانها وجعلت كل عصب فى جسدها يتنبه وراح قلبها يدق بسرعة وقوة حتى انها كانت تسمع صوت طنينه داخل أذنيها , سكنت بلا حراك وكتمت أنفاسها وبعد لحظات بدأت الخطوات تبتعد والأصوات تنخفض وما كادت تلتقط أنفاسها من جديد حتى سمعت صوت خطوات ثقيلة وبطيئة تقترب من الحجرة التى تختبئ فيها , كتمت انفاسها من جديد وأرهفت السمع ولكن صخب قلبها وفوران أعصابها منعاها من التركيز ولما سحب الغطاء عنها فجأة أطلقت صرخة ليس لها صوت فلم تكن رئتاها تحملان هواء بداخلهما , أطل عليها من أعلى رجل أربعينى متوسط الطول قوى البنية كان يرتدى أفرول أزرق خاص بطاقم البحارة شملها بنظرة أحتقار وهو يقول بالعربية وبلهجة أهل الشام
- ما الذى تفعلينه هنا ؟
الأحتقار فى صوته كان جليا ولكنها لم تهتم لقد كانت تعتقد أن كل طاقم البحارة من الأجانب لذلك قالت بأنفعال شبه هستيرى وأصابعها تتشبث بسرواله وهي تشعر بأنفراجة أمل
- أنت عربى .. أنت عربى ؟ .. ساعدنى أرجوك .. أريد أن أذهب من هنا .. أريد الرجوع الى بلدى .
عاد خطوة الى الوراء مشمئزا من ملامستها له
- وما الذى جعلك تتركين بلدك من الأصل وتأتين الى هنا ؟
أنسابت الدموع غزيرة على وجهها
- أنا لست كما تعتقد .. صدقنى أرجوك ..
عقد الرجل حاجبيه ينظر اليها فى شك ثم وقعت عيناه على جرح ساقها وقميصها الممزق والذي يكشف عن جزء كبير من جسدها وسألها
- هل الرجل الذى جاءوا بك من أجله هو من فعل بك هذا ؟
لملمت زينه أطراف قميصها الممزق عند العنق بأصابع مرتعشة وحاولت سحب تنورتها لتغطية فخذيها دون جدوى
- نعم .
ثم أستطردت ببؤس مرير
- لقد خدعت ولم أكن أعرف ما ينتظرنى هنا .. أرجوك أن تصدقنى .
لانت تعابير وجه الرجل قليلا وداخلت نظراته الشك فأنتهزت زينة الفرصة لتسرد عليه قصتها