الفصل العشرون والواحد والعشرين
- أين جهنم ؟
قالها حميد بأمتعاض وهو يتلفت حوله في حجرة الجلوس المطلة على الحديقة حيث كانت تجلس أمه .
ردت أمه بعتب
- لا تدعوها هكذا .. أنها ضيفة لدينا .
جلس الى جوارها قائلا بحنق
- ضيفة ؟ أنا أشعر بأننا نحن الضيوف عليها .. أنها تصول وتجول فى البيت على هواها وتنتقد كل شئ .. لا أحد يعجبها .
تلك الفتاة ذات اللسان الذي يشبه السوط تلقي بالتعليقات اللاذعة فى وجهه طوال الوقت ولا يعرف سببا يجعله يتحملها .. تهينه بنظراتها وتسخر منه بتعليقاتها ويشعر طوال الوقت بأنها تكرهه فأطلق عليها أسم جهنم وقد سمعته مرة وهو يذكرها أمام والدته بذلك الأسم ولم يكن منتبها لوجودها
- جهنم هذه هي التي سيلقى فيها أمثالك من الفاسقين .. يا تافه يا مغرور ..
واسترسلت فى صف طويل من الأهانات والشتائم جعل وجهه يحمر ويكاد يتهور ويقوم بضربها لولا أن تدخلت أمه
- أنه لا يقصد يا حبيبتي أن حميد يمزح معك .
رمقته بنظرة أحتقار ثم أستدارت رافعة رأسها الصغير بشموخ وخرجت من الغرفة ولكن حميد كان قد لاحظ الدموع فى عينيها وشعر بنوع من تأنيب الضمير فهي أبنة خالته الصغيرة وقد عاملها بجفاء وقلة ذوق منذ أول مرة رآها فى غرفته فحالته النفسية السيئة جعلته لا يتحمل وجودها ويبدو أنها شعرت بذلك لهذا هي متحاملة عليه وقد أنبته أمه مرة قائلة
- يبدو واضحا عليك أنك لا تطيق وجودها ولا بد أنها شعرت بذلك لهذا هي مستاءة منك .
رد عليها بحنق
- وماذا عنها ؟ ما شاء الله لديها لسان سليط تعبر به عن أستياءها بطريقة مقرفة .
ضحكت أمه وقالت
- جنة فتاة طيبة وظريفة جدا ان تعرفت عليها جيدا ستحبها .
رد ساخرا الروايه خاصه بصفحه مملكتي احمد محسن للروايات
- سامحه الله من أطلق عليها أسم جنه .. أنها جهنم على الأرض .
وكان ذلك هو الحوار الذي أستمعت اليها, حاول مصالحتها وقد وجدها جالسة فى الشرفة وعندما شعرت به نشجت ومسحت وجهها كما لو كانت تجفف دوعها فقال
- هل يمكن أن أجلس معك ؟
أشاحت بوجهها بغضب فتابع وهو يجلسعلى المقعد المجاور لها
- كم عمرك يا جنة ؟
بدا أنها لن تجيبه ولكن بعد لحظات أجابت
- أنا أصغر منك بثمان سنوات .
دهش لأنها أجابت بتلك الطريقة وسألها يحاول المزاح
- وهل تعريفين كم أبلغ من العمر ؟
أستدارت اليه ونظرت الى عينيه مباشرة وقالت بثقة وشئ من التعجب
- بالطبع أعرف .. بعد شهرين وأربعة أيام بالضبط ستكمل الرابعة والثلاثون من العمر .
سالها بتعجب
- وهل تحسبين عمر الجميع بنفس الدقة هذه ؟
- لا .. أنت فقط .
ابتسم ببطئ وأصابه شئ من الغرور فيبدو أنها واقعة فى غرامه , ضاقت عيناها وهي تتأمل التغيير فى نظرته وابتسامة الغرور التى تجلت على شفتيه وقالت وقد زمت شفتيها ونظرة شيطانية فى عينيها
- لأن يوم ميلادك يا عديم القيمة وقليل الفهم يصادف يوم ميلادي .. وهذا من سؤ حظي .. وخالتي لا تنفك تذكرني بأننا نشترك به معا وهي لا تدري بأنها أحضرت مصيبة الى هذا العالم .
وهنا فاض به الكيل حقا وجذبها من ذراعها
- ما الذي يجعلك متحاملة علي الى هذه الدرجة .. أنا لم أراك فى حياتي سوى مرة أو مرتين ولا أذكرهما .
حاولت تخليص ذراعها من يده ولكنه لم يتركها فقالت
- لم تسمع عني لأنني حسنة السيرة والسلوك أما أنت فضائحك تطاردك وتطارد عائلتك معك .
ثم جذبت ذراعها بقوة أكبر هذه المرة فتركها وقد ضاقت عيناه بحدة وهي تتابع
- هل سبق لك وأن بحثت عن أسمك فى جوجل ؟ .. هيا أمسك هاتفك واكتب اسمك وأقرأ عن نفسك وستعرف لماذا أنا متحاملة عليك .. زير نساء فاسق .. هذا ما أنت عليه .. صورك مع الفاتنات العاريات تملأ الدنيا .
قال بحنق شديد
- أنا حر فيما أفعله ولا أنتظر أن تحاسبني فتاة لا قيمة لها وتافهة مثلك ولا عمل لها سوى تتبع أخباري .
شهقت بأستنكار
- أنا تافهة ولا عمل لي سوى تتبع أخبارك ؟ .. ما الذي تعرفه عني .. عن عملي ؟
قال بأستهزاء
- العمل الوحيد الذي أراك تصلحين له هو مضايقة خلق الله .
وضعت يدها فى خاصرتها وقالت
- أنا طبيبة ان كنت لا تعرف ذلك .. أعمل لأكثر من ثمان عشر ساعة فى اليوم أنقذ حياة الناس وأخفف من آلامهم .. ماذا تفعل أنت للبشرية غير نشر الفسق بينهم .
ثم تركته يقف مذهولا فهو لم يتوقع أن تكون طبيبة فهي تبدو صغيرة ورقيقة وتلك القفاطين التي تصر على أرتدائها بأستمرار تجعلها تبدو هشة جدا .
