الفصل العاشر
أستيقظت زينة أثناء الليل دون أن تعرف سبب أستيقاظها ..
كانت الغرفة مضاءة بنور القمر فجعلها هذا قادرة على الأبصار ..
لمحت على المنضدة الموضوعة بجوار الباب صينية عشاء .. لابد وأن أحدهم قد أحضرها وهى نائمة ولكنها لم تكن جائعة أكثر من حاجتها الى النوم والراحة وتفضل العودة الى النوم , تكورت وحضنت نفسها بذراعيها تلتمس الدفئ فهناك لسعة برد قد تكون هى التى ايقظتها من نومها فنهضت عن الفراش وتلمست طريقها الى الخزانة ووجدت بداخلها غطاءا صوفيا مطويا فأخذته وتلحفت به وبسرعة سرى الدفئ فى جسدها وغرقت سريعا فى النوم من جديد . وعندما أستيقظت فى المرة الثانية .. كان نور الصباح موقظها هذه المرة دفعت عنها الغطاء وطوحت قدميها الى الأرض فآلمها الجرح وشد عليها فوقفت وهى تأن .. وجدت علبتى دواء فوق صينية العشاء فتناولت قرص من كل علبة ثم تركتهما على المائدة الصغيرة وحملت صينية العشاء التى لم تمس وخرجت الى المطبخ وتركتها هناك وبعد أن غسلت وجهها فى الحمام الصغير بجوار حجرة الجلوس صعدت الى السطح ..
كان القارب يشق طريقه فى الماء بسرعة .. وقفت زينه تمسك بحاجز المركب رافعة وجهها الى أشعة الشمس المشرقة لتسمح لها بأن تداعب وجهها بأشعتها الدافئة وخامرها أحساس جميل بالحرية وأنها تطير مع الهواء والذى يجعل شعرها يرفرف وراء رأسها .******
قررت زينه أن تجعل من نفسها مفيدة فهى ليست ضيفة هنا على أية حال فقامت بترتيب المقاعد على السطح ثم نزلت الى المطبخ لتنظيفه .
بالتأكيد بيدرو هو من يقوم بعملية التنظيف فهى لا تتخيل السيدات الأنيقات المرفهات يقومن بأعمال مثل التنظيف والطبخ , وعندما انتهت زينه من ترتيب المطبخ بدأت بتحضير ما ستحتاج اليه لأعداد الفطور .. كانت قد أخذت دورات تدريبيه فى العمل بالخدمة فى المطاعم واكتسبت بعض الخبرة من عملها فى الفندق فلم تحتار أثناء تحضير ما ستحتاج اليه لأعداد طعام الأفطار وهى على معرفه بأنواع وجبات الفطور التى يفضلها الأثرياء وطريقة أعدادها .
نزل ادم الى حجرة الجلوس آتيا من السطح ودهشت زينه فقد ظنت أنهم جميعا نيام وبنظرة سريعة منه فى المكان فهم ما قامت به وقال بجفاء دون أن يلقى عليها تحية الصباح
- اذا كنت ستقومين بتحضير طعام الأفطار فاجعليه لأربعة أشخاص فقط .. السيدات هنا لا يستيقظن باكرا .
هزت رأسها بطاعة فتابع بلهجة تحذير
- وأنتبهي .. لا يجب أن تميلى على حاجز المركب بتلك الطريقة التى فعلتها منذ قليل .. من حسن حظك أنه يسير بسرعة بطيئة فلو كان بسرعته الطبيعية لسقطت فى البحر وما أنتبه اليك أحد .
أنهى جملته ثم تركها وصعد الى السطح مره أخرى , لقد رآها فى الوقت الذى كانت تظن نفسها وحيدة , كان يجب أن تعرف أن هناك من هو مستيقظ فالمركب لا يقود نفسه .
كانت زينه منهمكة فى تحضير الفطور عندما استيقظ حميد وفراس وألقيا عليها تحية الصباح ببشاشة مما رفع من معنوياتها قليلا بعد معاملة آدم الجافة لها .
وضعت الأطباق أمامهم على المائدة التى حضرتها على السطح وكان بيدرو قد أنضم اليهم , أثنى فراس وحميد على الطعام كثيرا فى حين أكتفى آدم بهزة رأس لم تفهم منها شيئا وشكرها بيدرو وأبتسامة سعيدة على وجهه فقد خففت عنه بعض من عبئ العمل الذى كان يقوم به فأبتسمت له
- نحن جميعا نشرب القهوة ثقيلة ومن دون سكر .
أجفلها صوت آدم الحاد وجعلها تعود الى المطبخ حانقة .. انه حتى لم يدعوها لمشاركتهم الطعام مثل بيدرو .. هل لأنه يراها أقل منه مقاما ؟ صنعت لنفسها شطيرة وكوب شاى قبل أن تحضر القهوة فلينتظر قليلا فهى ليست خادمته وان كانت قد تطوعت ذوقيا منها لتحضير الفطور فليس معناه أن يعاملها كخادمة .. ولكنها عادت وفكرت أنها لا تستطع الأعتراض فهى هنا متطفلة عليه وعلى أصدقائه ويجب أن تدفع ثمن أقامتها .
وجدت آلة لصنع القهوة السريعة وكانت قد وضعت الأكواب فى الصينية وبدأت بصب القهوة عندما فوجئت بحميد يقف أمام البار ويبتسم لها أبتسامة ساحرة كان من الممكن أن تتأثر بها لولا أنها تعرف حقيقته جيدا , قال
- هل تحتاجين للمساعدة ؟
ردت بسرعة كانت فظة
- لا .. شكرا لك .
رفع حاجبيه بدهشة وكانت قد أنتهت من صب القهوة حين قال بجدية
- انت لا تحبيننى أليس كذلك ؟
أرتبكت وقالت دون أن تنظر اليه
- أنا أسفه ان كان قد وصل اليك هذا الأنطباع منى .. أنا لا أكرهك سيدي .
قال بصراحة
- كنت تختبئين فى حجرة أدوات الغطس عندما كنت مع كاميليا هناك .. لقد رأيتنا وسمعتنا ولا ألومك ان أخذت هذا الانطباع السئ عنى .. ولكنك تظلميننى .
دهشت زينة من أستخفافه بما فعل بصديقه فأستفزها لترد عليه
- أظلمك ؟.. كنت تخون صديقك مع زوجته وتقول اننى أظلمك ؟
- ولماذا لا تقولين انها زوجة خائنة قامت بأغواء صديق زوجها .
ردت وهى مصدومة من رده
- وانت هنا برئ مغلوب على أمرك أليس كذلك ؟
دهشت عندما ضحك بمرح وقال بأبتسامة صبيانية
- لست بريئا جدا فى الواقع .. فأنا ضعيف أمام النساء ولست معتادا على رفض دعوة صريحة من أمرأة جميلة .
- وماذا عن صديقك أليس له أى أعتبار لديك ؟
هز كتفيه بأستخفاف وقال
- هو الملام .. من يتزوج أمرأة مثلها ويعرف عنها ما يعرفه لماذا يلوم الأخرين اذا ما أخذوا ما يعرض عليهم .
ابتئس وجه زينة فرقت نظرات حميد ومال على البار قائلا
- صدمت من كلامى أليس كذلك ؟ .. انت صغيرة وبريئة .. وآسف لأن أخبرك ان الحياة ليست كما كنت تظنينها .. وأعتقد أن تجربتك الأخيرة خير دليل على ذلك .
ثم مد يده ولمس يدها بأنامله فأجفلت وسحبت يدها بسرعة فاصطدمت بأحد أكواب القهوة فأنسكب بعض من السائل الساخن على أصابعها فصرخت , أسرع حميد الى جانبها وأمسك بيدها المحترقة وهو يتمتم بعبارات الأسف
- أنا آسف حبيبتي لم أقصد أجفالك .
جاء صوت ادم باردا كالثلج من خلفهم
- ما الذي يحدث هنا ؟
اخبره حميد دون أن يستدير اليه
- لقد أحرقت القهوة يدها .
دخل ادم الى المطبخ نافذ الصبر مزيحا حميد عن طريقة بفظاظة واخذ أناءا عميقا وملئه بالثلج .. كانت حركاته عنيفة وسريعة وجعل زينة تنكمش وتنسى الألم فى أصابعها كما أبتعد حميد عن طريقه بدوره , فقال له ادم بحدة
- فراس ينتظر القهوة .. ألم تقل انك آتى لأخذها ؟
تمتم حميد بخفة متجاهلا فظاظته معه
- نعم فعلت .
ثم صب فنجانا آخر بدلا من ذلك الذى سكب وحمل الصينية وصعد بها الى السطح تاركا زينة تحت رحمة من لا يرحم .
وضع ادم الأناء فى المجلى وملئه بالماء ثم سحب يد زينة بقسوة لا داعي لها ووضعها فى الماء المثلج فشهقت من برودتها وصعدت الدموع الى عينيها وقالت محتجة بعد لحظات
- هذا يكفي لقد تجمدت أصابعي .
تركها لتجفف أصابعها بمنشفة ورقية ووقف ينظر اليها للحظات ثم قال
- أرجو أن تمر الأيام القليلة التى سوف تقضيها معنا من دون مشاكل .. وهذه المرة أنا لا أنصحك .. بل آمرك بأن تبتعدى عن طريق حميد .. فلا تظنى أنه رجل يكتفى بالنظرات البريئة .. فهو يسعى وراء أى شئ يرتدى تنورة حتى وان كانت مكنسة .. وأوامرى تلك تشمل بيدرو كذلك .. فهو شاب وحيد بيننا وصغير وسريع التأثر .. فأرجو منك أن تقللى من ابتساماتك التى تقومين بتوزيعها يمينا ويسارا من دون سبب .
أنهى كلامه وأنصرف كعادته دون أن ينتظر ردها وشعرت زينة أنها بدأت تكرهه .