الفصل الثالث
أستيقظت زينة فى الصباح الباكر وكانت نبيلة نائمة فى الفراش المجاور لها فشعرت بالأرتياح لرؤيتها هناك .
ذهبت الى الحمام للأغتسال وكانت قد بدلت ملابس النوم عندما رن هاتفها النقال فأخرجته بسرعة من حقيبتها متوقعة أن يكون والدها وكانت على حق وقد غلفها شعورا من الذنب لما ستضطر اليه من كذب
- صباح الخير بابا .
- صباح الخير حبيبتي .. كيف هو حالكما ؟
- بخير .. أستيقظت لتوي .
- ونبيلة ؟ .. مازالت نائمة بالطبع .
ألقت زينة نظرة على نبيلة التى تنام كالميتة رغم نور الصباح الذي كان يملأ الغرفة وقالت بخفة
- آه .. أنت تعرفها الأستيقاظ باكرا ليسمن شيمها .
سمعت تنهيدته الحارة قبل أن يقول
- نعم معك حق .. أخبريني .. كيف كان الزفاف ؟
أخبرته كاذبة أن الزفاف كان رائعا والعروس كانت جميلة وسعيدة , عقب والدها قائلا
- عقبالك يا حبيبتى أنت وأختك .. وأفرح بكما عن قريب ان شاء الله .
أنتهت المخابرة بعد أن وعدته بعدم التأخر فى العودة ثم جلست على حافة الفراش تحدق بحزن فى الهاتف ومن ثم الى نبيلة وتمتمت
- ربنا يهديك .
نزلت زينة الى الشاطئ والذي كان مهجورا في مثل هذه الساعات المبكرة من الصباح .. خلعت حذائها وسارت حافية فوق الرمال تداعب حبيباتها الصغيرة الناعمة بأصابع قدميها العارية والرائحة المميزة لهواء البحر المالح يدخل كالمسكرات داخل أنفها , مدت بصرها الى نهاية البحر حيث تتلاقى السماء اللبنية مع المياه الفيروزية وتمنت فى تلك اللحظة لو ترى ما يوجد فى الناحية الأخرى من العالم .. ولم تكن تعرف فى هذه اللحظات أن القدر سيحقق لها هذه الامنيه بأسرع مما تتوقع .***
كادت نبيلة ان تطير من شدة الفرح وهى توضب ملابسها فى الحقيبة فسألتها زينة وكانت قد تغاضت عما حدث منها فى حقها بالأمس خاصة عندما رأت ما كانت تعانية من قلق عليها
- تبدين سعيدة جدا !!
أبتسمت لها نبيلة وتقريبا ضحكت وهي تقول
- هل تعرفين من عرض أن يوصلنا بنفسه الى القاهرة ؟
ولم تنتظر لتجيبها وتابعت
- خالد .
عبست زينة وقالت
- ولماذا ؟ دعينا نسافر وحدنا كما جئنا .
توقفت نبيلة عما كانت تفعله وقد أختفت ابتسامتها ونظرت اليها بغضب
- أسمعي .. يكفى أننى تحملت الفضيحة التى قمت بها بالأمس وخاصة عندما هربت كالغبية وقد أرعبنى من أن يطردنى خالد بسببك .. فقد كان قلقا من أن يحدث لك شئ وتتسببين له بمصيبة .
أغتم وجه زينة .. اذن هب لم تكن قلقة من أجلها وانما قلقة من أن يطردها صديقها من حفلته , وتابعت نبيلة وقد عاد اليها حماسها
- لم أصدق نفسى عندما عرض علي توصيلي .
سألتها بحنق
- وماذا عن صديقته ؟
ضحكت نبيله بأستهزاء
- صديقته ؟.. وهل لخالد صديقة معينه ؟ .. أنه يغيرهم كما يغير قمصانه .
كانت تدرك بأنه ليس بشخص مثالى ولكن سماعها لنبيلة تقر بتلك الحقيقة وهى غير مبالية لما قد يحدث لها معه جعل القلق عليها يتفاقم بداخلها .
بعد الظهر كان كل المدعوين اللذين قضوا ليلتهم فى الفيلا يستقلون سياراتهم أستعدادا للمغادرة ووقفت زينة مع نبيلة بجوار سيارة خالد الفارهة , كانت نبيلة تشعر بالخيلاء ورأتها تنظر بتشفى الى تلك الفتاة التى كانت ترتدى الثوب الأحمر بالأمس والتى بادلتها نظراتها بنظرة نارية قبل أن تستقل احدى السيارات وكان وجهها شاحبا بشدة كما لو كانت مريضة , مرت فكرة ببال زينة جعل بدنها يقشعر أشمئزازا .. ان كانت هذه الفتاة هى حبيبة خالد ومن المفترض أنها تحبه وتغار عليه من أختها .. فمن يكون ذلك الشاب الذى كانت تقبله على الشاطئ فى الظلام بالأمس !!
- هل أنتما جاهزتان ؟
على الفور تعلقت نبيلة بذراع خالد بدلال وقالت
- بالطبع جاهزتان .
وأطلقت ضحكة مرحة لا لزوم لها وهي تنظر بأتجاه السيارة التي استقلتها الفتاة الأخرى
- كيف حالك اليوم ؟
أنتبهت زينة انه كان يتحدث اليها مبتسما لها فردت بأقتضاب
- بخير .. شكرا لك .
أستحوذت نبيلة طوال الطريق على الحديث كله مع خالد ورغم ذلك لم يكف عن رمق زينة بنظراته طوال الوقت من خلال مرآة السيارة الأمامية مما جعلها تشعر بالحرج وعدم الراحة فأختبأت خلف نظاراتها الشمسية متظاهرة بعدم ملاحظتها له .
توقفوا أثناء الطريق عند احدى محطات البنزين وهناك أخرج خالد رزمة من النقود أعطاها الى نبيلة وطلب منها أن تشترى طعاما ومشروبات ليتسلوا بها أثناء الطريق , أخذت نبيلة منه المال دون تردد وخرجت من السيارة .
بعد أن أنتهى خالد من من دفع حسلب البنزين لعامل المحطة أستدار الى زينة وأبتسم قائلا
- لم أسمع صوتك منذ أن غادرنا .. هل أنت متعبة أم مازلت غاضبة ؟
قالت وهى تتمنى لوكانت ذهبت مع نبيله بدلا من البقاء معه بمفردها فى السيارة
- لا هذا ولا ذاك .. أنا فى الواقع بخير .
هز رأسه وقال بجدية
- أخبرتنى ناني عن الكلام الحقير الذى قالته لك نجلا بالأمس عنى فأرجو ألا تكوني قد صدقتها ؟
تململت زينة فى مجلسها .. كانت لا اعرف بماذا أخبرته مبيلة بالضبط وقالت
- لا يحق لى الحكم على شخص لا أعرفه جيدا من خلال الأقاويل .
ثم أطرقت برأسها تنظر الى أصابع يديها فى حجرها لتتجنب النظر اليه وهي تدعو أن تعود نبيله سريعا , قال بقسوة أجفلتها بعد صمت قصير
- عموما .. لقد أخذت عقابها بالطريقة التى تستحقها .
رفعت رأسها اليه مجفلة من نبرة صوته .. ورأت وجهه وقد تحول بالكامل الى قسوة عنيفة أرعبتها وللعجب لم تعد ترى أى جمال فى ملامح وجهه وعندما لاحظ اجفالها أبتسم بسرعه لتلين ملامحه وكأن الوجه الآخر لم يكن له وقبل أن يتابع رن جرس هاتفه فعبس وهو ينظر الى رقم المتصل ثم رد وهو ينظر الى زينة نظرة أعتذار
- آسف .. أنه العمل .
تحدث بالأنجليزية الى أمرأة تدعى فريدريكا وفهمت من مكالمته أنه يدير عملا له علاقة بالسياحة والرحلات البحرية وبعد أن أنهى أتصاله سألته بفضول
- هل تعمل فى مجال السياحة ؟
أبتسم وقد تهللت أساريره وكأنه قد أسعده أنها صارت تتحدث اليه براحه وأجاب
- تستطيعين قول هذا .. عمل من ضمن أعمال آخرى .
قالت بحماس
- كنت أحلم دائما بالسفر وتمنيت لو عملت كمضيفة طيران حتى يتسنى لي الطواف حول العالم .
أبتسم وقد تألقت عيناه بنظرة طامعة
- عندما نتزوج .. أعدك برحلة معي حول العالم .
شعرت زينة بالصدمة ولكن لم يتسنى لها الوقت للتعليق فقد عادت نبيلة تحمل مشترياتها وأكملوا الرحلة كما بدأوها .. نبيله تتحدث وخالد يستمع اليها وزينة صامتة ولكن هذه المرة كان صمتها ملئ بالحيرة والتساؤلات .. هل كان جادا فيما قاله أم أنه كان يمزح ؟