كسر وفقد

246 11 7
                                    

وفي تلك الزاوية من المنزل تجلس تلك الفتاة متكورة على نفسها وتبكي بانهيار تبكي وتتذكر ماضيها تتذكر ذلك اليوم حين جلست أمام مدخل منزلها وهى تبكي بصوت عالٍ  وكانت صغيرة لم تناهز الثمان سنوات وحينها سمعت صوته يأتي من بعيد أخذ بكاؤها يزداد ويعلو نحيبها وحين اقترب منها قال بصوت لاهث يظهر فيه القلق

_ربا مالك؟ في إيه؟

أجابت بصوتٍ متقطع من شدة البكاء
_ف ف فارس الولد الوحش اللي هناك دا أخد عروستي وضربني في كتفي

سألها  بدهشة
_ضربك؟

_آه كنت بلعب بالعروسة أنا وصحبتى مُنى جا أخد مني العروسة ولما قولتله هاتها ضربني في كتفي وسابنى ومشي

أخذت تضحك وهي تتذكر وجهه حينها وهو منتفخ من الغضب والشرر يتطاير من عينيه وقال لها
_أنا هوريله إزاي يمد إيده عليكي

ولم ينتظر ردها وخرج من المدخل مسرعا
تذكرت شجاعته وخوفه عليها وهو ما زال صغيرا ف الثانية عشرة من عمره
خرج وحين ذهب إلى الفتى
نظر إليه الفتى باستحقار وكاد  يقوم من جلسته على الرصيف ولكن لكمة في أنفه منعته من ذلك
تحسس الفتى أنفه فوجده ينزف وسمع فارس يقول له:

_عشان تبقى تمد إيدك على بنات تاني وخصوصاً ربا

وعندما وصلت لتلك النقطة من ذاكرتها شعرت بغصة في حلقها تخنقها فبكت بعد ضحكتها وعادت تتذكر ذلك الموقف عندما قام الفتى وحاول لكم فارس ولكنه تفادىٰ اللكمة ببراعة وسسد له واحدة في بطنه فوقع أرضاً حينها وصل الفتى لقمة غضبه فقام ولكم فارس في أنفه ولما رأته ربا حينها أخذت تبكى وتصرخ باسمه وقتها أصابه القلق عليها فضرب الفتى ضربة قوية فبكىٰ الفتى واعتذر لربا وركض مسرعا وهو خائف من فارس

ضحكت ملأ بطنها وهي تتذكر ذلك الحوار الطفولي بينها وبينه بعد عودته إليها وقد أحضر لها دميتها فوجدها تبكي

سألها  بقلق
_بتعيطي ليه طيب دلوقتي؟

أجابت بصوتٍ باكٍ
_إنت اتعورت؟وريني منخيرك كدا؟

شرع في الضحك وهو يقول
_ماتخافيش أنا كويس أهو الحمد لله وافرحي أديني كسرتهولك حتت

حينها صرخت بوجهه وهي تؤنبه
_بقا بتضحك وأنا قلقانة عليك يا وحش؟ شكلك فعلا كويس ومحصلكش حاجة عشان لسه رزل زي ما انت

رد عليها باستنكار
يعني بدل ما تقولي شكرا عشان جبتلك العروسة وتقوليلي معلش أتشلفطت بسببي؟

ردت ببلاهة
_شكرا يا فرفر وأنا آسفه أنا بس قلقت لتكون أتعورت جامد

سألها بعدم فهم
_فرفر؟
_آه فرفر عجبني الاسم فقولت هقولهولك

تذكرت رده عليها وقتها وكم كان يحنو عليا وابتسمت

_ماشي يا ستي قولي براحتك ولا يهمك بس دلوقتى اطلعي فوق يلا

جلست تتذكر كل شيء فهي الآن وحيدة بمعنىٰ الكلمة رحل أهلها وبقيت بمفردها بقيت صغيرة ووحيدة لا أحد يحميها أو يبقىٰ بجانبها شعرت بغصة مرة أخرىٰ ولكن هذه المرة تبكي حالها وما آلت إليه فقد توفي والداها واخوها الأصغر "محمد" وكانت تحبه بشدة لأنه كان حنونا عليها ومهتماً بها منذ ثلاث سنوات في حادث السيارة المشئوم وبعدها بشهرين فقط تركها أخوها الأكبر "مؤمن" وسافر  إلى خارج البلاد وكل ما قاله لها حينها
_أنا مسافر قطر ومش راجع تاني جبتلك شغل في المصنع اللي هنا هتقبضي خمس تلاف جنيه تدفعي ألفين نور وكهربا وتاكلي وتشربي بالباقي وطيارتي كمان ساعتين عشان تبقي عارفه

حينها ردت عليه برجاء
_مؤمن أرجوك متسيبنيش بابا وماما ومحمد ماتوا وسابوني وأنت كمان ماشي؟طب الناس تقول عليّ إيه وأنا بنت عايشة لوحدها؟

رد بلامبالاة
_يقولوا اللي يقولوه مليش فيه

وتركها بدون أن يودعها حتىٰ وذهب
ضحكت بسخرية ومرارة وهي تتذكر ذلك الوقت الذي كانت ترجوه أن يساعدها في دراستها ولكنه كان يعنفها ويخبرها أنه لن يساعدها أبداً وأنه يكرهها فكانت تضطر إلى طلب المساعدة من فارس لأن والدتها كانت امرأة أمية وكان والدها يعود من عمله متأخراً 
ابتسمت وهي تتذكر ذلك الحوار الذي دار بينهما حينما لقبها للمرة الأولي "ربوبة"

_يله يا ربوبة حلي المسألة دي بسرعة

سألت باستنكار
_ربوبة؟
_آه إشمعزه أنتِ بتقوليلي

وعادت من ذكرياتها على صوت هاتفها يرن
نظرت لاسم المتصل فوجدتها "حور" صديقتها المقربه بل أختها تقريباً فهي تعرف عنها كل شيئ بعد أن تعرفت عليها بالمصنع الذي تعمل به وهي من أرشدتها إلى طريق الألتزام والتقرب إلى الله ولولا فضل الله عليها ثم "حور" لكانت انحرفت عن الطريق المستقيم منذ وفاة أهلها
عادت من ذكرياتها وأجابت على حور
_يا صباح الرزالة يا ست حور

_صباح  الرخامة عليكِ يا ست ربا

ضحكتا سويا على كلامهما

_بقينا لوكال يا حور

_أنا بقول برضو نلم نفسيتنا ونتكلم عدل

ردت وهي تتثائب
_عايزة إيه انجزي؟

_عايزة كل خير قومي بسرعة اتوضي  وصلي والبسي علشان أنا مصدقت يوم الجمعة جا ومفيش شغل وعايزة أخرج  تعالي نتقابل عند مطعم "******"  وأنا مستنياكِ

ردت بصوت ناعس
_بس أنا معيش فلوس تعالي نفطر هنا أي حاجة وخلاص

قالت حور بسرعة
_قومي أنتِ بس وأنا عازماكِ على الفطار المهم بس ربنا يفرجها وتقومي من على السرير

_خلاص خلاص أدام عزومة أنا جايه ساعة وأبقىٰ عندك

ردت بتنهيدة
_ وأنا مستنية أهو يارب نخلص

ضحكت على صديقتها ثم أغلقت الهاتف ودلفت إلى المرحاض لتتوضأ
صلت وارتدت ثيابها ولفت حجابها وخرجت ولكن عندما وصلت لمدخل المنزل تذكرت أنها نسيت هاتفها فعادت لأحضاره ولكن عندما صعدت بضع درجات فوجئت بمن أمامها فأخذت تتعرق وتوترت وكاد قلبها أن ينقلع من مكانه وكادت تبكي ولكن تمالكت دموعها بصعوبة وقاومت غصة حلقها

_____________________________

أنا حبيبة ناجي ودي أول رواية ليا أتمنى تكتبولي رأيكم ف التعليقات 😊

في رعاية الله ⁦❤️⁩

وعاد النبضحيث تعيش القصص. اكتشف الآن