الفصل السابع/ كشف الستار

387 76 84
                                    

_يبدو أنك تجيد التعامل مع مرضاك وترفع معنوياتهم جيدا قبل إجراء العمليات لهم

نطقت الممرضة رهف ساخرة وهي تتقدم من شيماء الواقعة تحت سيطرة الصدمة، ليرد عليها الطبيب بالمثل وهو يأخذ خطوتين إلى الخلف:
_إذن كوني لطيفة وارفعي معنوياتها

لاحظت شيماء حجم الشبه الذي بينهما في الملامح، لكن هذا لم يعنِها أكثر من الكلمات التي قالوها، شعرت بالانهيار التام، أبقت نفسها تحت قيد الصمت، لم تعلق على كلام أحدهما

فُتح باب الغرفة لتدرك أن الطبيب قد غادر، جلست تلك الممرضة جوارها وهي تقول:
_يبدو أن كلانا تعاني من ذات المشكلة

جاوبها الصمت من قبل شيماء وهي التي ظنت أنها ستكسب اهتمامها، أردفت بعد أن أدركت أن تلك المريضة لن تنطق:
_إنهم أوغاد من الدرجة الأولى، يجيدون اصطياد فرائسهم بمهارة، هذا متوقع من منظمة بحجمهم

التهم الفضول قلب شيماء بعد تلك الكلمات لتسألها رغم وجود الشك الذي لا زال يساورها حيالها:
_ولمَ تتحدثين عنهم بهذه الطريقة وكأنك لستِ منهم؟

حدقت بها ذات الخضراوين قليلا ثم نطقت مع تلك الملامح التي لا تستطيع إظهار سوى اللامبالاة:
_لأنني بالفعل لست منهم، أنا مجبرة على العمل معهم لأن هذا الطبيب الذي رأيتِ قبل قليل يخنقني بما يجبرني على الصمت عنهم

تسللت دموع بحرارة القهر من عيني شيماء وهي تسمع كلامها، لم ترغب في أن تتفاعل معها، دويُّ الأفكار في رأسها كافٍ لجعلها تفضل الانشغال بنفسها، لكن بدا أن تلك الممرضة لم ترغب بالصمت بينهما، نطقت وقد لانت ملامحها قليلا:
_تُرى ما نوع الشيء الذي اكتشفتِه عنهم ليُلْحقوا بك كل هذا الأذى؟

أشاحت شيماء بوجهها عنها وغصة أليمة وقفت في حلقها، لو كانت اكتشفت عنهم شيئا لما استطاعوا أن يوصلوها إلى هذا الحد، لمْ تشعر بالارتياح لهذه الممرضة لكنها أجابتها:
_المشكلة أنني لم أكتشف شيئا، وها أنا ذا أدفع ثمن شيء لا ناقة لي فيه ولا جمل

شابت خيوط الصمت الأجواء من حولهما مجددا، في حين ظلت الغيوم في عيني شيماء ترسل أمطارها بسخاء

تحدثت ذات الخضراوين كاسرة حاجز الصمت بينهما مجددا:
_هذا الطبيب يكون ابن عمي، قصتي تشبه قصتك بعض الشيء، لقد اكتشفت أمره ثم وقعت بين يديه حين اكتشف أحد أسراري، وها أنا ذا أعمل على مساعدته مرغمة؛ لأجل أن يبقى صامتا على ما بين يديه...

_لكنني لم أفعل شيئا خاطئا، لا تقارنينني بك، هل فهمتِ؟

صرخت شيماء مقاطعة لها بغضب، اندهشت رهف من تلك المفاجأة ثم ما لبثت أن عادت إلى ملامحها اللامبالية، نطقت بهدوئها الذي باتت شيماء تمقته:
_ليس كما لو أنني قلت أنك فعلتِ شيئا خاطئا، لقد أشفقتِ عليك لا أكثر حين علمت قصتك، أردت فقط أن أوصل لك رسالة بأنه يمكنهم أن يخرجوك من هذا المأزق مقابل صمتك وعملك معهم

جُرْح لمْ ينْدَّمِلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن