الفصل العاشر والأخير/ نهاية؟

551 85 193
                                    

أطياف الذكريات الراقصة على أنغام الحنين بدأت تتراءى أمامها حين غدا الواقع يقول عكس ما عهدته، أربعة أشقاء نموا وتربوا بين أركان هذا المنزل، أمجد، مرام، تميم، شيماء، عاشوا جميعا على رابط الأخوَّة الذي لم يفكر أحدهم أن يأتي يوم ويختل، ويرتخي ليسقط أحدهم إثر ذلك

ذلك الوالد يذهب إلى عمله ليكدَّ في سبيل تحصيل عيش كريم له ولعائلته، وتلك الأم تطوف في المنزل لليوم الواحد عشرات وربما مئات المرات لتحرص على أداء كل شخص لعمله، وعلى تقويم ما يحتاج المنزل إلى تقويمه

في ظل هذه العائلة نشأت شيماء وترعرعت، لم تكن عائلتها مثالية، لكنها كانت جيدة، لطالما اعتبرت نفسها محظوظة؛ كونها درست على عكس كثير من الفتيات اللاتي سمعت عن حرمانهن، ولطالما أعدت نفسها سعيدة الحظ كونها تحصل على ما تريد من أشياء لا تحصل غيرها عليها، من ذلك أحلامها التي كان أكبر ما تم تحقيقه منها هو (صالون) التجميل ذاك

إن سُئلت يوما عن عائلتها كانت ستجيب: عائلتي عادية، لكنها أكثر من جيدة!

أما الآن فقد غدت تلك الرؤية عنهم مشوشة، ضباب ما حل بها مؤخرا أعطى صورة أخرى لها عنهم، ليس جميعهم ولكن ما الفائدة إن كان والدها أول من سحب ثقته بها؟

(ألا يثق بتربيته؟ ألا يثق بالفتاة التي قضت حياتها كلها تقول لطلباته حاضر، وتنفذ دون اعتراض؟ ألا يثق بها وهي أكثر من سيتضرر إن هي سلكت ذلك الطريق؟ ولمَ يصرُّ على عدم تصديقها رغم أنها لا زالت ترفض الاعتراف بذلك؟ هل تذهب الثقة بالفتاة أدراج الرياح حالما تصل إلى هذا الأمر؟)

أسئلة نهشت عقلها وعذبتها، أفكار استرسلت في إجراء دموعها، لم تشعر بالضياع والخوف وهي في داخل منزلها وبين أفراد عائلتها كما يحدث معها الآن، حين يصبح القريب غريبا والمحب عدوا -يعيش قلبك في تيهٍ وعذاب

والدتها لا تملك حولا ولا قوة، كلما تستطيع فعله لأجلها هو البكاء، وتميم من وجهة نظرها لا همَّ له سوى أن يجعلها تغرق معه في ذات الوحل القذر الذي وقع هو فيه منذ سنين

محاولاته معها باءت بالفشل، لا رغبة لها بأن تعمل معهم، ولا حل بيدها للخروج من المصيبة التي أوقعوها فيها، والتقرير الطبي الذي يتحدثون عنه لا أمان من أولئك الأوغاد أن يتدخلوا ليجعلوه شيئا آخر يضغطون به عليها

لم تعد ترغب بالذهاب إلى المشفى ثانية، كلما ترجوه الآن هو أن تشفى فحسب، لم تستطع تجاوز استغرابها من إجراء ذلك الطبيب لها العملية بنجاح (لمَ لمْ يقتلوها هناك وينهوا الأمر؟ أم أنهم لا زالوا متخوفين من شيء ما؟ وربما يريدون نهايتها أن تكون على يد عائلتها وليس على أيديهم)

سمعت صوت والدتها تسأل تميم أين سيذهب، كانت التاسعة مساء لليوم الثاني من خروجها من المشفى، أجاب أنه يشعر بالضيق، وسيخرج ليريح نفسه قليلا

جُرْح لمْ ينْدَّمِلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن