الفصل الثامن/ في المنتصف

412 72 147
                                    

_لا أستطيع الاختيار، هذا صعب!

نبست شيماء بوهن، لقد وضعت في موقف لا تحسد عليه، جواب كهذا لا أحد يستطيع لومها عليه، تفهمت تلك الواقفة جوارها موقفها، علقت قائلة:
_لا بأس! أتفهم موقفك تماما، على أية حال حاولي أن تكوني أكثر قوة، وأكثر طمعا بالعيش، ستجرى لك عملية ولابد أن تكون معنوياتك عالية لتتجاوزيها بنجاح، لذا حاولي تجاهل ما يسوؤك في الوقت الراهن، ثم بعد العملية أعيدي التفكير في أي شيء تريدين

ظلت تتجاذب أطراف الحديث معها من شيء إلى آخر، حتى اقترب موعد العملية، ليأخذ الأطباء استعداداتهم، وتدخل شيماء إلى غرفة العمليات، كانت عملية خطيرة، بين من يرجو خروجها سالمة منها، وبين من يرجو خروجها جسدا قد غادرته الروح

في مكتب الطبيب عدنان الفارغ من وجوده الآن تربع على كرسيه مدبِّر المكائد، فُتح الباب عليه دون استئذان، دلف منه ذلك الشاب العشريني بملامحه الشاحبة، نطق الجالس على الكرسي بملامح مرتخية:
_دخول دون استئذان؟ من سمح لك بهذا يا تميم؟

خطى تميم بضع خطوات ليقف قبالته بملامح غاضبة حاول ضبطها وهو يقول:
_لقد بدأت أشك أنك وراء كل هذا يا إياد، ألم تجد غير تلك التهمة لتلصقها بشيماء؟ ألا تخجل من نفسك أن تفعل هذا مع شقيقة زوجتك؟

نهض المعني من محله تحوطه هالة المكر مقتربا برأسه من تميم من خلف الطاولة ونطق بصوت خافت:
_يؤسفني أن أخبرك أنها لم تكن كذبة، بل كانت الحقيقة، يبدو أن كلًّا منا يخبئ عن الآخرين شيئا، سوء حظها جعلها تدخل حدودنا، لينتهي أمر سرها بيد أحد أفرادنا، آسف لأجلك ولكنها الحقيقة

لم يرغب تميم بتقبل ذلك، يشعر في داخله بصراع مع هذه الفكرة، تحدث مجددا:
_إنني أعمل معك منذ أربع سنوات بكامل إرادتي، كلما رجوته هو المقابل المادي الذي سأحصل عليه لا أكثر، أن ينتهي الأمر عند أختي فهذا ما لا يمكنني تحمله

حملق به صاحب هالة الشر ثم خرج من خلف المكتب يخطو نحوه بتؤدة، وقف أمامه وأخذ يحدق به حتى كادت أعصاب الآخر أن تتلف غضبا، نطق أخيرا وهو يقترب منه بوجهه:
_شكرا لأنك ساعدت في الكذب على مرام قبل سنوات، وأنقذتني من المأزق الذي وقعت فيه حين كادت أن تكتشف حقيقتي، لولا فكرتك العظيمة بأن أخبرها أنه كان مجرد (مقلب) لأختبر ردة فعلها لما خرجت من تلك المصيبة وقتها

اعتدل في وقفته في حين ظلت عينا تميم ترقبانه، لم يشعر هذا الأخير بمدى حقارة ما فعل مع مرام حينها كما شعر في هذه اللحظة، تابع الواقف قبالته حديثه:
_لكنك لم تفعل هذا مجانا تذكر ذلك، لقد حصلت على مبلغ مالي وقتها، ثم أشركتك في العمل وظللت أحاول رفع مكانتك حتى اللحظة، كل الترقيات التي حصلت عليها بسببي، ونحن الآن نتقاسم ذات المصير، فما الذي تفكر بفعله إذن؟

أخذ تميم خطوة إلى الخلف ثم أشاح بوجهه عن إياد الذي بات يكره النظر إليه وقال:
_عملت وسأعمل كل ما أستطيع لأجل المنظمة، لكن أن يتم سحق أختي بهذه الطريقة فهذا ما لا يمكنني تحمله

جُرْح لمْ ينْدَّمِلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن