الفصل الثاني عشر
______الصدمـــات تشفي ______
إن العذاب هو منبع الإدراك ، بالرغم من أن الإدراك أسوأ مايتميز به الإنسان ، آنذاك تلقي بروحك في أعطاف الحياة بكل مافيها فتستقبلك كأنها ثقب أسود يبتلع كل مشاعرك ،
فتدرك أن الألم الذي تخشاه أصبح مقبولا ، حينها عليك أن ترتعب لأنك أصبحت كتلة شكلتها الصدمات التي ستشفيك من الألم ...كان (تيم) يخشى على (وجد)من الصدمة ،لكنه كان يدرك أنها لابد منها ، ومع ذلك فضل أن يؤجل إخبارها لحين آخر ....
لم يكن ببيته مرسما كما أخبرها ، لكنه أنشأ واحدا من أجلها ، ملأه باللوحات البيضاء والألوان ووضع فيه الزهور من أجلها وشموعا عطرية بمختلف ألوانها، وهناك لوحات جميلة إقتناها من أجلها ووضعها هناك لتراها ، كانت (وجد) لا تزال ترتدي الأبيض وترفض أي لون آخر ،على كل حال كانت تبدو فيه رائعة ، كانت تشعر بحماس وسعادة وهي تتجول بنظرها بين اللوحات ، كانت لها نظرة فنيّة حقيقية ، تحلل كل رسمة تراها كأنها تكشف ماكان يعتلي قلب راسمها وقتذاك ، وقفت تتأمل لوحة ذات خلفية رمادية ضبابيّة وحين تدقق فيها النظر ترى ملامح فتاة مشعة كأنها متبعثرة على رداء الليل الأسود ، أما (تيم) فكان يتأملها هي باهتمام ويحلل ردود فعلها وسلوكياتها ، استوقفتها تلك اللوحة ورفعت يدها تتلمسها ، والتفتت إليه تحدق فيه ، ثم تعود لتتأمل اللوحة ، اقترب منها وهو يبتسم وقال :_ عجبتك اللوحة دي يا(وجد) !
أومأت برأسها ، أما هو فكان يرى اللوحة بسيطة تتداخل فيها الالوان كأنها شخبطة ، ربما كانت تبدو له كئيبة ، فقال:
_ في لوحات كتير أحلى ليه حبيتي دي ؟
أمسكت يده كأنها تدعوه لتحسسها ، فكان ملمسها ناعم في أجزاء ما ، وخشن في أجزاء أخرى فأردف ممازحا :
_ أظن إن الرسام كان عصبي شوية ، أو نعسان وهو بيرسم ..
ابتسمت بلطف وقالت :
_ حزين ! ..مش كان نايم ! دا تهشير ..اسمه كدا، جدي كان بيقولي اسمه كدا ، هي بتلمع زي النجوم ..هو شافها كدا، ملامحها مش واضحة لأنه نسيها ..شوف . شوف! كل شيء غرقان بالضباب ، ومع كدا هي كانت النور بالنسبة له ...
كان (تيم) يستمع إليها مشدوها ، من الواضح أنها تعرف الكثير ، وكيف لا ! وقد كانت قراءتهم أمامها تجعلها تمتص كل ماتسمعه كإسنفنجة وتخزنه داخل عقلها البسيط ..ذكية يا(وجد)!
تطلع (تيم) باللوحة وشرد فيها ، كان التحليل الذي سمعه منها منطقيّ جدا ، وبعد أن كانت مبهمة بالنسبة له ، صارت واضحة ،رأى فيها لذة الإحتواء ولوعة الألم معا الذي يلفهما السكون بجانب من تحب ! ...أمسكها من يدها وقال :
_ تعالي أوريكي أوضتك ! عشان ترتاحي فيها ، (فاطمة) هناك هتبقى معاكي طول اليوم لحد ما أرجع من المستشفى .
أنت تقرأ
حالة وجد
Romanceأيها العالم الذى تسحبنى إليك بقوة .. تحيطنى بضبابك وتمنعنى عن إدراك الألوان من حولى تكبلنى بقيودك فأظل عالقة بين جنباتك لا أستطيع الصراخ مستنجدة فروحى لا تنطق..قد أخرستها الآلام..وأنهكتها المحن ولكن صبرا جميلا.... فقريبا سأخرج من كينونتك أحادية الل...