الفصل الأول

10.4K 200 29
                                    

الفصــل الأول

                __The white princess__
                 (الأميرة البيضاء)

محيط أبيض هائل يجعلها تشكله كما شاءت، تجعل منه عالما ساحرا مليئا بالألوان والحب ،
لم تكن بالنسبة لها تلك الغرفة صندوق مختبر ولم تكن تدري أنها فأر تجارب ...

ساهمة تحملق في لاشيء ، تعد على أصابعها ، إن كان إمساكها بكل أصبع على حدا يعتبر عدّ، فهي إذا بلغت أعدادا لم تسمى بعد ..
هذا الجزء المنعزل من العالم كان يخصها هي فقط ، لم يستطع أحدا إختراقه منذ سنتين ..

دعوها فى عالمها الآن ،سنعود لها لاحقا....

ولنعد إلى الأجواء..

يوم صيفي حار دبق ، يشتعل حرارة ما أن يعلن النهار طلعته ، ترى الجميع يمشون تحت الظلال إن وجدت ، كانت (فاطمة) من بينهم أيضا ، تمشي ضجرة بوجه متعرق ، تشاجرت مع سائق التاكسي على الأجرة ، فأنزلها قبل عدة أمتار من وجهتها ، لعنت قليلا واتهمته بالنصب ،ثم توكلت على الله وبدأت تسير نحو وجهتها وهي تمتم :
- اليوم باين من أوله .

من هي هذه (الفاطمة) ؟لنتحدث عنها ! حسنا ، تبدو مهمة !
(فاطمة) أرملة في عقدها الرابع ، سمحة الملاح،
من تلك السيدات التي لايبالين باللياقة ولا علاقة لهنّ بالحميّة ، الإهتمام بأناقتها آخر همها ، سيدة بسيطة تبحث عن لقمة عيشها ..
بالحديث عن لقمة العيش ، هي تعمل كممرضة في المستشفى الخاص للأمراض العقلية والنفسية وبالتحديد في قسم ذوي الاحتياجات الخاصة ، عمل شاق ، لكنه لقمة عيش على كل حال ..

أسرعت (فاطمة) التي يبدو أنها تأخرت قليلا على عملها ،لكنها أخيرا وصلت وبدأت في تغيير ملابسها وهي تلقي التحية على زميلاتها،وتقضم لقمة من شطيرة الطعمية التي عرضتها عليها (سوسن) ، كانت لقمة كافية بما أنها على عجلة ، إرتدت البالطو الأبيض الطويل وتحته سروال أبيض واسع ، وخمارها الأبيض الذي لا ترتديه إلا في المشفى ،كل هذا جعل من زميلاتها ينادينها (الست بيضا)
هو نوع من السخرية لكنه يناسبها لما تحمله من طيبة ..
حملت صينية بيضاء عليها بعض الطعام (كوب حليب ..بياض البيض المسلوق و صحن صغير فيه مزيج من تفاح وموز مقشران ومقطعان قطعا صغيرة ) بالإضافة إلى كوب ماء والدواء،وبخطوات سريعة توجهت نحو الغرفة البيضاء ،
فتحت الباب ودخلت ثم أحكمت غلقه من جديد
قالت بصوت هاديء لطيف :

_ صباح النور يا أميرتي الحلوة !

وضعت صينيتها على الأرض وراحت تقترب منها بهدوء ، أما هي فكانت تقف أمام زواية من هذه الغرفة تحملق في السقف المبطن بإهتمام،كأنه سماء مليئة بأسراب ملونة من العصافير التي تحوم بحماس حول قوس قزح ، كان من غير الصائب أن تجعل أحدهم يستفيق من رؤيا كهذه ، لكن (فاطمة) كان عليها فعل ذلك ، لمست كتفها بطرف أصبعها وهي تقول:

_ وجد ! ..وجد ! أنا جيت ياأميرتي !

انتفضت (وجد) إثر لمستها وصارت تصرخ كقط مذعور، تعود إلى الخلف إلى أن لامست الجدار فهوت على الأرض منكمشة على نفسها ترتعش، تضع رأسها على ركبتيها وتشد على رجليها بكلتا يديها , ابتعدت (فاطمة) عنها إلى زاوية أخرى من الغرفة تنتظر إلى أن تهدأ ، ثم راحت تغني لها بصوت رقيق هاديء ...

حالة وجدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن