𝙿𝚊𝚛𝚝 4 : يَوْمٌ مَدْرَسِيٌّ

551 57 175
                                    

الثلاثاء : الثالث من أبريل
و كما تعرفون هذا اليوم يعد يوماً مُمَيزاً بالنسبة إلى صغيرنا سونقهوا قبل أن يكون لأي أحد آخر ، هذا اليوم كان بالغ الأهمية في قلبه ليس لأنه يوم مولده بل لأنه اليوم الوحيد الذي يتفرغ له والده و يجلس معه و يحتفل به ، لذلك كان يمشي بسعادة يُأَرْجِحُ بِقدميهِ أثناء سيره و يطلقُ من بين شَفتيه صَفيراً غير مُنتظم النغمات و بإبتسامة قد رُسِمت بِشَتى أنحاء وجهه يردف قائِلاً :

" هل تعرفُ ما هوَ اليوم ؟ "

قاصداً بكلامه ذلك الذي صَبَّ تركيزهُ على صفَحات جريدته بيدهِ وَ مُمْسِكاً قِدحَاً من الشاي بالأُخرى لِيُكمل صغيرنا حدِيثهُ بتذمرٍ مُتَأَفِفَاً راغِباً من المعني بالكلام الإنتباه له :

" هيا ، لقد قلتُ ما هو اليوم ؟ فَلتُخَمن قليلاً "

ليقلب ذلك الوالد عينه بقلة حيلة مُطلقاً تنهيدةً مُطَولة ثم يجيب على سؤال إبنه الذي كان الصبر قد وَدَّعَهُ منذ أن أردف بجُملتهِ السابقة

" ما هو ؟ "

قال ذلك ليس برغبة المعرفة حقاً لكن فقط لِإِسكات إبنه الذي بدأ يزعجه بأَسئِلَتِهِ تلك

" إنه يوم مولدي ! أَلَمْ تكن تعلم ؟ "

قال جُملته الأخيرة بخِذْلانٍ لَمْ يَكُن بِقادرٍ على إِخفائِهِ من والده الذي لَمْ يسمح بالإهتمام أن يزور ملامح وجهه و يبادر الحديث بنبرة خاليةٍ من الإنفعال أو الذهول كُلياً :

" حسناً ، فَلتأْكُل طَعامك و لتَستَعِدَ للمدرسة فأنت كنت مُتغيباً عنها البارحة و عندما تعود منها أشتري لك كعكة و نحتفل كما نفعل عادةً "

لِيُوْمِئَ سونقهوا برأسهِ أعلى و أسفل كردٍ بالموافقة لما نطق به والده و يهرع بتنفيذه .

( ففي كل يوم بهذا التاريخ من كل سنة يشتري ذلك الوالد كعكة ليوم ميلاد إبنه مع بعض من الزينة و يحتفلُ به ليس فعلياً فهو ينظر إليه بفراغ واضعاً ثُقل وجهه على يديه بينما سونقهوا هو من يغني لنفسه و يهنئ نفسه على ذلك ، قد يراهُ البعض غريباً
أي انه يوم ميلاده فكيفَ له أن يحتفل بنفسه يفترض بالآخرين هم أن يغنوا له و يحتفلوا به ، لكن ذلك وحده كان كافياً بالنسبة لبطلنا ، أن يرى والده معه بذلك اليوم هو أفضل من ذلك كله) .

ليعودَ والده لما كان يفعله يقرأ جريدته ، و ليس ثمة خبر مهما بلغ أهميته أو تفرده يمكن أن ينتزعه مما كان غارقاً فيه .

[أمام المدرسة]


يَنْزِلُ سونقهوا من على سيارة والده و يلوِّحُ بيده جانباً قاصداً توديعه و عندما تختفي سيارة والده بين الطرقات يلتفت بطلنا للجهة الأُخرى أمام تلك المدرسة التي عندما وقع مِبْصَرَيهِ عليها تاهت إبتسامته السابقة تبحثُ عن موضعها دون جدوى فكل إنش من وجهه تحول إلى ملامح من البرود التام و لم يعد صغيرنا ذاك الفتى اللطيف

𝐑𝐄𝐃حيث تعيش القصص. اكتشف الآن