جاءت الجموع من المشفى لكى تقّدم لدانبى تعازيها فى مصابها الجلل، أمّا تشانيول فقد بقى فى زاوية الحجرة كذلك الطفل المنبوذ، بقى فى الركن كذلك القدّيس الذّى طُرد من الجنّة، بقى فى الركن و الحزن و الألم يتآكله ،كان حزنه يضاهى حزن إمرأة قيل لها أنّها لن تصبح أمًّا ما حييت، كان حزنه يضاهى حزن طفل قيل له أن السانتا لا وجود له، كان حزنه يضاهى حزن أبٍ قد إحترقت جثّة ولده أمام ناظريه و تحّولت لرماد، كان تشانيول الأمّ لطفلة لحبيبته، كان تشانيول أباها ، كان تشانيول طفلها و الآن قد أضحى سرابها و ماضيها .
رحلت تلك الجموع تاركين فتاة تنعى أباها، تاركين فتاة قد بكت كّل الدموع من جسدها كانت تلك الأخيرة ليست من عينيها فقط بل من قلبها من عقلها من كيانها من أنوثتها، أضحت إمرأة فراغ إمرأة خواء لأن من كان يكّملها قد إختفى و إنذثر و أضحى سرابا و رمالا .
نهضت عن مكانها ووقفت لكّن تلك السقطة قد أثّرت عليها، كادت المسكينة أن يغمى عليها من فرط التعب، إنحنت أرضًا لتجد تشانيول باسطا ذراعيه ينتظرها لكى تسقط عليه لكى يظهر لها أنّه لن يتركها، عانقها و قام بحضنها و يا ليته لم يفعل تحوّل أنينها لعويل، عبراتها لوابل من الدموع، شهقاتها اللعنة على تلك الشهقات كانت كفيلة بزعزعة جبال بإرتفاع إفريست، دون سابق إنذار وجدت نفسها منهارة داخله، منهارة بين ذراعيه و هو يربت على ظهرها و يلمس خصلات شعرها .
تشانيول: لن أتركك أعلم يقينًا أنّنى أخطئت و لكن لم أرد أن أخاطر بفقدانك
إكتفت بالسكوت لأنّ كلماتها قد إختفت من جوفها ماعساها تقول له أتقول انّها تحبّه ..تكرهه...تمقته...ضائعة هى بين ثنايا الكلمات و مصابة بالعمى لدرجة أنّ اليد الوحيدة التّى تستطيع قيادتها فى هذه الظلمة هى يد لإمرأة أخرى.
جاءت هى جو و أخدتها لبيتها، إستحّمت و نامت على سرير والدها و هى تعانق سترته .
مضى يومين و هى لم تذهب للعمل، هاتفها مغلق و هى مغلقة و متكّورة على نفسها و تشانيول يكاد يجّن لأنّه لم يرها منذ جنازة والدها.
إستجمع قواه و ذهب لبيتها، فتح الباب فهو يعرف مكان المفتاح، كان البيت مظلما جّدًا، إستعان بضوء هاتفه ليبحث عنها مشى قليلا ليجدها ، وجدها أرضًا مغشيًا عليها وسط الصور و هى ترتدى معطف والدها هرع نحوها و كان يحاول إيقاظها
تشانيول: دانبى أتوّسل إليك إستفيقى لا تتركينى أرجوك دانبى دانبى أحبّك أنا أحبّك دانبى أتوّسل إليك تحمّلى.
أخدها للمشفى حيث قام الطبيب بفحصها و ذاك المسكين يروح و يجىء فى الرواق ينتظر خروجه و أخيرا خرج
تشانيول: كيف حالها ؟
الطبيب: إنّه مجّرد إرهاق و هى مصابة بالجفاف ستكون بخير لقد أعطيتها الدواء .
تشانيول: أستطيع رؤيتها؟
الطبيب: بالطبع
دخل تشانيول غرفتها هاهو يلمس خصلات شعرها و يلمس وجهها
تشانيول: دانبى أعتذر لك عمّا سبّبته لك من ألم آسف جّدًا
إستلقى بالقرب منها واضعا ذراعه تحت رأسها و أغمض عينيه .
فى المقابل و فى غرفة كوراى كان الطبيب يفحصها
كوراى: سيّدى أكّل شيء على مايرام ؟
الطبيب: نعم سيّدة بارك أنت و طفلك بخير
كوراى: آه جيّد كنت أتسائل ألم تظهر دانبى؟
الطبيب: آه دانبى
كوراى: نعم
الطبيب: أعتقد أنّنى قد سمعت الطبيب فى الرواق يتحدّث عنها
كوراى: حقًا هل جاءت؟
الطبيب: دعينى اسأل الإستعلامات
كوراى: حسنا
خرج الطبيب لبضعة دقائق ثّم عاد
كوراى: إذن؟!
الطبيب: لقد جاءت
كوراى: حقًا لم لم تأتى لزيارتى لقد إشتقت إليها
الطبيب: لم تأتى بصفتها ممرضة
كوراى: ماذا تعنى؟
الطبيب:لقد جاءت كمريضة لقد أبلغونى أنّها قد تعرضّت للإرهاق و للتعب لذلك تّم إحضارها للمشفى
كوراى: أمم هكذا إذن فى أى غرفة هى؟
الطبيب: فى الغرفة رقم 23 فى طابق الإستعجالات
كوراى: حسنا
خرج الطبيب، فنزعت كوراى المصل و خرجت من غرفتها، هاهى تلك الزوجة تخاطر بحياتها و بجنينها من أجل زيارة ممرضّتها، هاهى تمشى بخطوات متثاقلة و هى تستند بيد على الحائط و الأخرى تضعها على بطنها، غرفة 19.20.21.22.فالغرفة 23 وضعت يدها على المقبض، و فتحته قليلا لتجد زوجها تشانيول مستلقى بجانبها واضعًا رأسها على ذراعه و الثانية تلامس يدها و هو مغمّض العينين ،كانت تلك الصدمة بالنسبة لها وضعت يدها على فمها لتخرس صوتها، اغلقت الباب و عادت أدراجها بخطى متثاقلة نحو غرفتها ،إستلقت على سريرها و هى تبلع دموعها.
إستفاق تشانيول طبع قبلة على جبينها و ذهب لحاملة إسمه و حاملة إبنه، ولج غرفتها أين إستقبلته بإبتسامة كانت قد إصطنعتها .
كوراى: عزيزى
تشانيول: نعم عزيزتى ؟
كوراى: أمن خبر عن دانبى؟ هى لم تأت منذ يومين
تلعثم فماذا عساه يقول ايقول أنّه آت من عندها أيقول أنّ دانبى حبيبته التّى عشقها
تشانيول: لا أدرى عزيزتى فما مّر عليها ليس بقليل
كوراى: حسنا.
مرّ أسبوع فعادت دانبى لعملها، و كان تشانيول قد أكمل كتابه و لم يبق غير التغليف و النشر، كوراى لم تقل شيئاً و دانبى لم تعد تحادث تشانيول .
أضحت كوراى الآن فى شهرها السادس فأخبرت طبيبها أنّها قد سئمت المشفى و تريد العودة لبيتها و أنّها ستأخد ممرضّتها معها وافق الطبيب بعد مضض أما تشانيول فلم يعرف بهذا الأمر لأنّه كان منشغلا بالعمل و بالرحلات.
ولجت دانبى قصر مؤلفّها بصفتها ممرّضة زوجته، كانت تهتّم بكّل شيء يتعلّق بكوراى .
رجع تشانيول من رحلته ولج غرفته ليجد دانبى مع كوراى ،رفع حاجبيه
كوراى: عزيزى لقد سئمت المشفى و سمح لى الطبيب بالخروج
تشانيول: حسنا
كوراى: بالمناسبة دانبى ستبقى هنا حّتى موعد الولادة .
تشانيول: حسنا
دنى تشانيول من المنضدة لوضع ساعته، أين جذبته كوراى و قبّلته على شفتيه، قبّلت زوجها تحت أنظار حبيبته، كان معها و ليس معها، خرجت دانبى بخطى متثاقلة و ذهبت للمطبخ،دقائق من بعد أحسّت بذراع تطّوقها من الوراء .
دانبى: تشانيول أتركنى
تشانيول: لن أفعل لقد إشتقت إليك لقد إشتقت إلينا
دانبى:أنا لا لا أستطيع فعل هذا لكوراى لا أستطيع سيّد بارك
تشانيول: بلى لاوجود لأنا بل نحن توقّفى عن إبعادى عنك
دانبى: أنا لا أبعدك بل القدر الذّى يفعل
تشانيول: أحبّك أيتّها المجنونة
تملّصت منه بصعوبة و دخلت غرفتها، هاهى تربت على قلبها و هى ضائعة ضائعة بين مشاعرها و بين مبادئها .
شهر فثانٍ و أصبحت كوراى فى شهرها الثامن، كانت دائما ما تكتب فى دفتر يومياتها، و كانت دائما تخطف من تشانيول قبلات و خصوصا فى حضرة دانبى حيث كان هذا الأمر يقتلها و يقتل تشانيول معها
كانت كوراى مستلقية على سريرها و تشانيول بالقرب منها .
كوراى: عزيزى
تشانيول: نعم!
كوراى: مارأيك فى دانبى؟
تشانيول: رأيى؟!
كوراى: نعم كنت أفكّر
تشانيول: فى ماذا؟
كوراى: منذ أن بدأت العمل هنا لم أسمعها تتحدّث فى الهاتف مع حبيبها أيعقل أن تكون عازبة ؟
تشانيول فى قرارة نفسه أنا حبيبها لا حبيب لها غيرى
تشانيول بإنفعال : لماذا تتسائلين؟
كوراى: لماذا أنت منفعل؟ أردت فقط أن أعرفّها على سيهون
تشانيول: هاه و ماشأنك أنت ؟ من نصّبك مسؤولة عنها لكى تعّرفيها على رجل و من إخترت سيهون من بين كّل الرجال .
كوراى: مالذّى يزعجك تشانيول لقد تغيّر حالك منذ أن وطئت تلك الفتاة بيتنا، أعرف أنّك لم تحبّنى يومًا أيعقل أنّك تحبّها؟
تشانيول: كفى كوراى توقّفى عن قول هاته الأمور،
كوراى: أنت تحبّها هاه أنظر إليك لقد إنزعجت عندما ذكرت سيهون على فكرة لقد سبق و كّلمت سيهون عنها كما
دقّ جرس الباب فتحت الخادمة و كان ذلك سيهون
دخلت الخادمة و أخبرتهم بمجىء سيهون
كوراى: آه رائع هلّا طلبت من دانبى النزول لقاعة العشاء
الخادمة: حسنا سيّدتى
تشانيول بغضب: كوراى مالذّى تفعلينه
كوراى: أحاول أن أجمع بين دانبى و سيهون
تشانيول: لن تقبل
كوراى: و لم أنت متأكّد هاه؟
تشانيول: لأنّنى...لأنّنى ..
كوراى: لأنّك حبيبها هذا ماتريد قوله هاه
نزلت كوراى أولا و ذهبت للصالة أين صافحت سيهون
سيهون: مرحبا نونا كيف حالك؟
كوراى: أنا بخير شكرًا كيف حالك أنت؟
سيهون: بخير
نزل تشانيول و هو يخفى غضبه من كوراى و تفاجئه من كونها قد إكتشفت أمره .
تصافح الصديقين و جلس الجميع يتسامرون
سيهون: إذن اين دانبى؟
نزلت دانبى وولجت الصالة قبّل سيهون يدها و قام بتعديل الكرسى لها.
بدأ الجميع فى تناول العشاء حتّى سؤال قد قلب كل شيء
كوراى: دانبى
دانبى: نعم سيّدتى؟!
كوراى: أين حبيبك؟
دانبى: لا حبيب لدى سيّدتى
إختنق تشانيول بالعصير
كوراى: عزيزى أنت بخير ؟
تشانيول : بخير
كوراى: مارأيكم جميعا
سيهون: فى ماذا؟
كوراى: ليلة مواعدة
سيهون: ماذا تقصدين؟
كوراى: سنمضى ليلة كموعد ثنائى أنا و تشانيول و أنت و دانبى
دانبى: آسفة سيّدتى و لكن
كوراى: قلت لا حبيب لدّى
دانبى: صحيح فعلت و لا أريد أن يكون لدى أستأذن
قامت دانبى عن الطاولة و توجّهت لغرفتها،
سيهون: مابها ؟ ألم أعجبها؟
كوراى: أعتقد أنّ دانبى خاصّتنا تعشق أحدًا و هى لا تريد أن تبوح بذلك
سيهون: حقًا
كان الغضب يتآكل داخل تشانيول غضب و فرح فى آنٍ واحد .
رحل سيهون، و صعد الزوجين لغرفتهما
تشانيول بغضب: لا تكّررى مافعلته
كوراى: فعلت ماذا؟
تشانيول: لا تعًرفى دانبى على أىّ أحد و لا تقحمى نفسك فى حياتها دعيها و شأنها .
كوراى: لماذا؟
تشانيول: لأنّنى أعشقها لا أحبّها فقط بل أعشقها، مجنون بها و بتفاصيلها
كوراى: حقًا و أنا ؟
تشانيول: تعرفين جيّدًا أننى لم أقع فى غرامك ، أنّنى فقط تزّوجتّك لكى تبقى على قيد الحياة
كوراى: قيد الحياة حقًا أوتسّمى هذه حياة أنا ميّتة تعشقها إذن هاه
تشانيول: أعشقها بجنون فتلك إمرأة لن يكّررّها الزمن حبّها كالموت و الولادة صعب أن يعاد مرتّين .
كوراى: و أنا؟
تشانيول: أنت الآن تحملين طفلى
كوراى: أهذا فقط مجّرد وعاء يحمل طفلك؟
تشانيول: لا تحّرفى كلماتى قلت لك منذ أوّل يوم صارحتنى فيه بمشاعرك أنّنى لم أستطع أن أحبّك كما أردتنى أن أفعل لا أستطيع
كوراى: لأنّك تحبّها!
تشانيول: أنا لم اتعّرف عليها إلّا مؤخرا و لن أترك يدها ماحييت
كوراى: اللعنة هى هى هى و أنا تشانيول و أنا؟ أتصّلى أن يتوقف قلبى
تشانيول: لا
كوراى: أتريد موتى ؟
تشانيول: لقد سبق و قتلت إمرأة و كانت الوحيدة التّى تهّمنى
كوراى: وغد حقير
تشانيول: لا بل عاشق
نام تشانيول على الأريكة و زوجته فى سريرها تناولت هاتفها و بعثت رسالة تّم نامت و الدموع تملأ عينيها
الثالثة صباحًا أنين.....فنزيف....فإغماء......
أنت تقرأ
أخفيتك بين كلماتي
Romanceلشخصيات: بارك تشانيول: كاتب روائى فى 28 من عمره ، رجل وسيم رومانسى، حنون، متزّوج دانبى: دودة الكتب كما يلقّبها أصدقائها، فى 24 سنة جميلة، لطيفة خجولة حيث تتورد وجنتاها عندما يقوم أحد بمدحها ، و الأدهى عاشقة ، تدرس التمريض فى جامعة الطّب . كوراى: زوج...