أين سنختبئ ، آزومي ؟

20 2 0
                                    

لوهلة ، تداركت موقفي ، وإعتَلَت الحيرة والقلق وجهي ،
" ماذا .. لو اكتشفوا امرنا .. "
واصَلْت
" على الاقل لا تجعلي اخواي ينزلان للاسفل معي ، إن امسكونا ، إن مت ، ساموت وحدي .. "
" اختي... لا .. لا تقولي هاذا " قال احدهما باكيا
" انظرا لعيني جيدا ! من الآن ، الاولوية الاولى ان تنجوا من هاذا الموقف ! ستعيشان ستهربان ! لا تسمحا لنفسيكما فالتفكير في شيء غير ذالك !! "
" ما اللذي تتفوهين به ! كيف ذالك ، كيف ، كيف !! "
قالت الام ودمعها يكاد يغرق الغرفة بما تحويه
امسكت آزومي يداهما وجرت بسرعة خرج المنزل
" الى اين تاخذينهما ! آزومي !!! ازومي !! "
" سيعيشان امي !! ساحرص على ذلك ! "
قالت اثناء ركضها ، متجاوزة الحواجز والعثرات على الطريق ، تتفادى صدمات القرويين المذعورين المهرولين في كل اتجاه وسبيل بهرع ، تدعس مزارع الارز الصغيرة التي شوهتها الاقدام ، لم تبال باي عائق امامها ، فقط ، أقْدمت !!
وصلوا بصعوبة الى الغابة الغَربية ، المهرب الوحيد لخارج القرية فاللحظة الحالية ، اغلب سكان القرية كانوا متواجدين هناك ، الكُل رَغب بالهرب ! كان اول مكان اتجه له الناس لانهم مدركين تمام الاِدراك انه لا يوجد مخبئ قد يحميهم ولا مأوى قد يأويهم ، وهناك ، كان الالمان قد وصلوا بالفعل ، نهبوا المنازل واحرقوها تلتها اصوات الصراخ والعويل تتعالى من كل اتجاه ؛ لوهلة اصيب الجميع بالذعر ، وانطلق راكبيِ الاحصنة هَربا متَخَلِيين على القرية واهلها ، بدات أتقدم أُزيح الناس واَدفعهم ، اصرخ بكل ما اوتيت من قوة "عودوا !! عودوا ايها الجباء !! لن يُغفرَ لكم ابدا لانانيتكم !! " ,
" لا حل آخر ، هلكنا " قلت في قرارة نفسي مُتاملةً اخواي المسكينان الذان أُنْهِكا من الجري الشديد ، إحتجت لحظات لافكر في حل آخر ، خطة جديدة ولو كانت احتمالية نجاحها شبه منعدمة ، سأقبل باي سبيل فَلستُ في موقف يسمح لي بان اتذمر ايا كان ،
" الغابة ..! "
قلت لهما فأضفت :
" هل يملك البطلان الصغيران مزيدا من الطاقة ؟ هيا .. فلنتسابق للغابة ، هيا باقسى سرعة !! "
جَرينا حتى كدنا نختنق اذ ضاقت صدورنا من الركض والتعب ، تسابقنا بين الاشجار بكل ما اوتينا من قوة الا ان توقفت عند شجرة فارعة الطول كثيفة الاغصان فتوقفا معي ، امرتهما ان يتسلقا الشجرة بسرعة ، ان يبقيا في الاعلى طوال اليوم ، الى ان تهدء الاصوات وتختفي الضجة فينزلان للقرية ينتظران المساعدة ، لم اكن لاطلب منهما الهرب للقرية المجاورة إذ ستكون القوات الالمانية قد وصلت هناك بالفعل.
" لا استطيع ، تعبنا من الركض اختي .. ماذا يحصل على اي حال لماذا لا نستطيع البقاء معكي ومع امي !"
مسحت على راسه وقلت ؛
" عزيزي .. اشرارٌ اقتحموا القرية و سيؤذون اهلها ، لا اريد ان يصاب بطلاي الصغيران بخدش واحد ، اتذكر يوم حميتني من تلك الحشرة الصغيرة فقتلتها ؟ ساحميكما انا اليوم "
" سنشتاق اليكي آزومي .. "
ابتسمت وواصلت
" لا تبكي حبيبي ، امي تحبكما جدا ، آزومي تحبكما اكثر ، تسلقا الشجرة وابقيا آمنين من اجلي ، وداعا "
قمت راكضة التفت بين الحين والآخر الى الوراء لاتاكد من سلامتهما والدمع قد غمر عيناي ، شعرت بالضعف الشديد ، نحن لم نستحق هاذا ! .
تذكرت اني قد تركت امي وحيدة ، جريت مذعورة ، أدعوا في كل خطوة اخطوها ان تكون سالمة ، كنت مصدومة اركض بلا تفكير ، الكيمونو الابيض المزين بزهور الساكورا الوردية الذي كنت ارتديه قد تمزق بشدة و تلطخ بالاتربة والطين ، اما شعري الاسود الطويل قد نُكش وعلقت فيه اوراق الشجر والاغصان الصغيرة ، لم اكن لاهتم بمضهري في مثل هذا الموقف ، لم يكن احد ليفعل ذلك ، وصلت القرية حيث انطلقت اول مرة ، وقفت فجَخضت من العجب ، دخان يتصاعد من كل مكان ، المنازل محروقة ، ورجال يرتدون بزةً خضراء قاتمة في كل مكان ، داخل البيوت ينهبونها وياخذون ما احتوت ، طعام ، لباس ، اي شيئ ، دماء على كل الجدران وجثث في كل ركن من ارصفة القرية ، قرويون محتجزون وآخرون موتى لكن فكرة ان امي في مشكلة ، وحدها دفعتني للاقدام بسرعة للمنزل ولحسن الحظ وصلت دون ان يلاحظني احد تقريبا ، إِلى أَن فتحتُ الباب .

Azumi's saga || ملحمة آزوميحيث تعيش القصص. اكتشف الآن