الفَيلق 511

21 2 0
                                    

دفعتُ باب البيتِ الخشبي بقوة
" امي ! .. امي !! "
ثم تسمرت مكاني فاصفر وجهي وأحسست ان الدم جفّ في عروقي لما أبصرته ، امي مستلقية على الارض العارية وقد اتخذ جسدها الدماء غطاءا ، لم اصدق ما رايته ! صرت امسح على عيناي ضنا مني انني اهلوس او شيئا من هذا القبيل ، لا ، هاذا ليس حقيقي !
" أميي !!! "
هرعت أحضن واقبل جسدها البارد واتلمَّسُ خصلات شعرها الرمادية التي صُبِغت باللون الاحمر القاتم ، صُدمت ، لم استطع التنفس اطلاقا ، رفعت يداي واخذت انظر الى كفاي الملطخان بدماء امي العزيزة ، هناك ، امي ماتت ، ذهبت ، واخذت معها كل ما هو جميل ، أخذت معها جزءا من روحي .

" Komm schon, komm schon, nimm es, komm schon, hol es hier raus ! "

" Wohin bringe ich es? "

" Buchen Sie mit anderen, um Taschen zu tragen "

لوهلة ، ادركت انني لست وحيدة فالمنزل ، جنديان ألمانيان كانا فالمطبخ يحتسيان اكوابا من الساكي الذي فالخزانة ، اخذت اتراجع للوراء بهدوء مفزوعةً اسمع حوارهما الذي لم افهم منه حرفاً ، غير مستوعبةٍ ان كانا يتحدثان في ما بينهما او يتكلمان عني ، اذ من المستحيل ان لا يدركا وجودي فالغرفة المجاورة بعد كل الضجة التي اصدرتها ، ثم فكرت ، ان كنت ساموت الآن ، ساموت بجانب امي ، هاذا ما اريده ، واصلتُ بكائي محتضنة والدتي أشم عبقَها الطّيب ، وأتحسسُ كل جزء من وجهها ، يديها المُمتلئتان ، شفتاها الورديتان ،تجاعيد جَبينِها و شَامَاتِ وجهِها ، تلك التفاصيل التي لم أُغفلها يوما ولن انساها ابدا . على الاقل ، سالتقي أمي بعد قليل .

" هوي ، أنتِ قِفي وتبعيني "

تَعجبت ، لما لا ازال حية ؟ ، والاغرب ، كيف يتحدث لغتي ؟ حدقتُ فيه لفترة من الزمن ، جندي الماني فاتح البشرة ، طويل القامة عريض المنكبين ، شعر راسه الاسود يتسلل من تحت تلك القبعة الجلدية داكنة اللون ، عيونٌ خضراء قاتمة واسعة ، متناسقة مع البزّة العسكرية المُدنّسة بالطين والرماد ، ام ذالك بارود ؟ ، كان يُعلق على كتفه شيئا معدنيا له قاعدة تبدو خشبية يُمسكها تحت ساعِدِهِ باحكام .

" هل انتي صَمّاء ! قفي ! "

" هاَ ، انت ، تساهل مع هذه الحسناء لا ينبغي ان تكون بمثل هذه الصرامة " قال زميله النحيل مبتسما وهو يرمق آزومي بشفقة واستهزاء .

" فل تخرس انت ، على كلٍ ، قومي "
قال الآول ساحبا اياها من ذراعها خارج البيت .

" هاي انت ! اتركني ! الى اين تاخذني ، "
لم يرد عليها وواصل جرها عبر الشوارع حيث واصلت الاستغاثة باكيةً مُغمضة العينين كي لا ترى ما آلت إليه قريتُها الحبيبة ، لعل يُنقذها آحد او يستجيب شخصٌ لندائها .
" ايها العين ! كيف تصوِغ لكَ نفسك القيام بهاذا ! انتم وحوش وحوش وحوش !! " صرخت محاولة الفرار من قبضةِ الجندي .

" اسكتي .. "

" وإلا ؟ هل ستضربني بهذه العصى الحديدية ! يا عديم القيمة ! "

قال ضاحكا " ههه ، عصى حديدية ؟ ، هذه بُندقية ، أُأكِدُ لكي انكي ستُصادِفينها كثيرا مستقبلا "

" مستقبلا ؟ الا تودُ إبعادي لتقتُلني ؟ "

" صه ، لقد وصلنا "

Azumi's saga || ملحمة آزوميحيث تعيش القصص. اكتشف الآن