العِصيانُ حُريّة

6 2 0
                                    

مَرّ أسبوعان منذ أن تَوصلَ كين رُفقةَ زُمرةِ المتمردين إلى خُطةٍ يُخضِعونَ بها رهطَ الالمان بناءا على معلوماتٍ كان كين على درايةٍ بها ، إذ وبما أن كتائب العدو سيلتقون بعد مُرورهم بالمناطق الساحلية فينهبونها ويُعلنون سيطرتهم عليها ، لا نعرف كم عددهم ، او اين تتواجد كل كتيبة منهم فالوقت الحالي ، لاكننا ندرك تمام الادراك انهم حينَ يلتقون سيشكلونَ جيشا عظيما ، كما ندري انهم ليسوا في موقف يسمح لهم بِإهدار الوقت الثمين إذ سيَسعون لِإختصار طُرقهم كي يحتشِدوا ويَشنّوا هجوما يكون بِمثابَةِ ضربةً قاضية ، مما يعني انهم لن يمروا على قرية قد سبق ونهبوها ، هاكذا شقّ كين و ثُلَّتهُ طريقهم الى قريتهم الحبيبة التي غادروها عَبيداً بعد ان عاشو فيها اسياداً ، وبإذن الله يعودون تارة بَعدها مُنتصِرين ، حيث انهم شديدي الإطمِئنان بانهم لن يُصادِفوا جنود العدو في دَربِهم هاذا ، و حين وصولِهم سيسيرون بِثباتٍ نحو قلب الوطن ، المناطق الداخِلية ، تحديدا الى العاصمة ، لكن عليهم ان يكونوا سريعين كفاية لِيصِلوا اليها سيرا على الاقدام قَبل ان يُلَمَّ شمل الكتائب الالمانية فيسبقوهم بعد ان يُباشِروا تَحركهم الكبير نحو الداخل ، نعم لن يناموا ثم نعم لن يغمضَ لهم جفنٌ ولن يرتاحوا ، كل هاذا في سبيل تحقيق غايتهم ، التفوق على الالمان ولو بخطوةٍ واحدة .

في تِلك المُدة كانت تتقدمُ الكتيبةُ 511 بِبُطئ ، يُمضون ليلهم سُكارى مُترَنِحين يشربونَ نخب إنتصار الوطن ، ثُم اغلبَ وقتهم من النهار يسيرون بِتأنٍ شديد إثر عدةِ اسباب ، أهَمُها إستنزافُ طاقةِ العبيد اليابانيين بِقسوة ، اذ صاروا اجساداٍ نحيلة ، وإحتمالات النجاة أضحت ضئيلة ، ماتت العجائز في الاسبوع الاول ، ثم أخذوا يتتابعون الواحد تِلو الآخر تَركبُهم العِلة ويعتليهم المرض ، رُغم ذالك لم يُظهِر الالمان اي شفقة في مشهدٍ مُشين يدل على قساوة القلوب وجفائها من الرحمة ، ومِن جهة أخرى ، نَفِد الطعام من الكتيبة في مُنتصف الاسبوع الثاني ، اذ كانت قرية آزومي آخِر قَريةٍ مُتواجِدةٍ على قائمة هاذه الكتيبة قبل اللِّقاء فَلا يوجد مَصدرٌ يستمدون منه الغِذاءَ حاليا ، أينَ صاروا لايأكلون الا قليلا ، بينما لم يُظفِر اليابانيون بِشيئ منه .

في تِلك المُدة كانت تتقدمُ الكتيبةُ 511 بِبُطئ ، يُمضون ليلهم سُكارى مُترَنِحين يشربونَ نخب إنتصار الوطن ، ثُم اغلبَ وقتهم من النهار يسيرون بِتأنٍ شديد إثر عدةِ اسباب ، أهَمُها إستنزافُ طاقةِ العبيد اليابانيين بِقسوة ، اذ صاروا اجساداٍ نحيلة ، وإح...

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

اما فيما يخص جيوفاني ، كانت لا تغيب آزومي عن باله حتى تَحضر مرة أخرى ، ورويدا رويدا ، بدأت علاقتهما تتوطد ، وبدأ الصديقان الجديدان يتحدثان في عدة امور ، ساعد في ذالك كون ازومي سلسة وبسيطة كالماء ، كل التَكلفِ الذي كان يبذله في الحديث مع الآخرين إختفى معها ، كانا يتحدثان وكانهما كانا يعرفان بعضهما العُمرَ كله ، معها ، إكتشف ان السر الوحيد فالحياة يكمن في ان تمتلك شخصا يُريحك من ثقل أسرارك في صدرك ، و معها ، كان قادرا على الحديث في أدق تفاصيل حياته ، كان لديها تلك القدرة الخارقة على الاستماع الذكي ، كانت تبتسم ببطئ فيرتبك هو قليلا ، كانت ماهرة جدا في جعله يُحولُ بعض اسوء ذكرياته الى سخرية مضحكة من الذات ،

هي ليست عاشقة له ،
وهو ليس مُتَيماً بها ،
غريبة هي علاقتهم ، كُلما شَعر ان الحياة عبست في وجهه لجأ إليها ، وهي كلما شعرت باليأس لجأت لكلماته التي كانت ولازالت حَبلها المنقذ دائما ، هو لا يُمكنه الإستغناء عنها ولا هي تقوى على الرحيل ، غريبون هم ، لا أحد يفهمهم ولا احد يستطيع فهم ما بينهم .
يَحرص جيوفاني على منح آزومي حصته من الطعام يوميا ، تتردد فترفضُ قبول ذلك لِيُتبع تَردُدها بِإلحاحٍ شديد موهِماً إياها انه قد تناول من حصته ولم يستطع إنهائها ، تَقبَلُ آزومي سَخائه مُطأطأةَ الرأسِ وتَدُسّ ما أعطاها في جيب رِدائِها ، لِتُؤْثِرَ لاحِقاً إخوتها من اهل القرية على نفسها فتَمنَحهم ما أُعطي لها من طعام .
اليوم ، وأثناء فترة السيرِ وتَبادُلِ أطراف الحديث بينهما الذي صار موعِدا يوميا من النهار ، أطلعتْ ازومي الجُندي على الوعدِ الذي قَطعتهُ على نفسها :

" جيوفاني ، سَئِمتُ دور الضحية ، فَقررت أن أَصير مُحارِبةً ضد الألمان في سبيل وَطنِي ثُم حُريتي ، لكن لن يتحقق ايٌ من ذالك قبل ان أتملص من أيدي هذه الكتيبة .. "

" أعِدُكِ بأن أخرِجَكِ من هنا ، آزومي ، لكن ، هل هاذا يعني كُرهكِ الألمان ؟ "

" لا يحارِبُ الجُندي الحَقيقي كُرهاً لما يوجد امامه ، بل حُبا فيما يَكمنُ ورائه "

من جهة أخرى ، نرى عصابة المُتمردين اوشكت على إدراك غايتها ، إذ شارفوا بُلوغَ القَصر المَلَكيّ ، بعد ان أُنهِكوا بشدة ، فلا نرى الى أجسادا تسير عرجاء ضريرة تُحيطها هالةُ سوداء مَهيبةٌ من الإقدامِ والإصرار ، وجوهٌ حازمة و ملابسٌ ممزقة مُتَسِخة بالتُراب ، الطين ، والدم ، أقترب ساسوري ، الرفيق المُخلص من كين الذي يتقدم المسيرةَ مُتكِئً على البُندُقية في مِشيته ، ليُحادثه ويَستفسر منه آخر قراراته التي إتخذها :
" سيدي "
" ماذا تريد ، ساسوري "
" لم يبقى الى خطواتٌ قليلة لِنُحقق هدفنا ، لكِن ، اذا أردنا الإستنجادَ بالجيش المَلكيّ ، فعَلينا ان نَعرِف لماذا لم يتحرك حتى الآن ! ، تعرضت البلاد للغزو من كُلِ النواحي ، فلِماذا لم نرى جُندِيا مَلَكِيا واحِدا يدافع عن أرضه ؟ "
" لا ادري ، لكنك تعلم بان قبل خَمسةِ اشهر من الآن ، كانت السواحِل نَشيطةً بآلاف الجنود الملكيين يُبحِرون على السُفن الحربية إلى كوريا بعد ان باشرنا إحتلالها ، إذ ذهَب المَلك رُفقة جيشه مُستَبشِرا بالنصر ، لم يكونوا على دراية بما كان ينتظرهم هناك ، سقط الملك في المعركة ، خسرنا الحرب ، ولم يعد احد "
تنهد ثم اكمل
" بعد ذالك خَلَفه إبنه الوحيد على العرش ، يُشاع انه يافِعٌ صغيرُ السن ، طائش مُتكبر ، لذالك ، لست مُتفاجئاً بالوضع الحالي ، لم أتوقع الكثير "
" صحيح ... لكن سيدي هل كان من الصائب إسطحاب اولائك الفَتَيان اللذان وجدناهُما فالقرية معنا ؟ "
توقف كين ثم قال
" إنهما أخويّ آزومي ، إسطِحابُهما كان الامر الصواب "

"سيدي ! هل هاذا جُنديٌ مِلكي مُقدمٌ في إتجاهنا ؟ "

وقف الجُندي أمامهُما ، رَجُلٌ يرتدي رداءاً أحمراً يُعلِقُ على خَصرِه سيفا ذو قاعدةٍ حمراء متقوشٌ عليها كلماتٌ باللون الذّهبي .
" من انتم ! وما الذي تفعلونه امام القصر المَلكي ! "
" أتينا لِنُخاطب المَلِك ، لدينا ما يحتاج "
رد الجُندي مستهزئاً
" هه وما ادراك بما يحتاج الملك ؟ "
تقدم كين ثُم حدق في عيني الجُندي بِقسوةٍ وتحديٍ ، ادرك الجُندي فالحال انها ليست نظرة رجلٍ عادي ، انها اعمق بكثير ،
" اُطْلُبْ إذنا بِلقائنا الملك "
غاب الجُندي لوهلة ثم عاد قائلا
" ادخلوا ، قَبلَ الملكُ لِقائكم "

Azumi's saga || ملحمة آزوميحيث تعيش القصص. اكتشف الآن