سَيرٌ نَحوَ المَجهول

16 1 0
                                    


اشرقت الشمس ، إستيقضنا فبَاشرَ الجنود يُخرجوننا من الغرفة المُسيجة ويَجلبون الأغراض لِيحَمَّلونا بها ، كانوا قد تلقوا أوامراً من قائدهم تُبيينُ لهم التشكيلة التي سيَسيرون بها والاتجاه الذي سيَمضون فيه ، قَسَّمونا الى أربعة مجموعات كل واحدةٍ تتكون من اربعة افراد وعَيّنوا مع كل واحدة منها جُنديا بينهم ، ثم احاطونا جميعا بصُفوفٍ قصيرةٍ من الجُنود ، صَفٌ على اليمين وآخرٌ فالشِمال ، اما القائد فكان مَوقِعه في مُقدمة المَسيرة داخل عربة يجرها جوادان يُحيط بِها عدة جنودٍ ضِخامٍ مُتَأهِبين ،
أَخَذنا نسير لوجهتنا المجهولة في صمت ، تُثقِل الأغراض مِشيتنا وتُبطؤها ، لم نَلبثْ حتى تعبنا بشدة ، مَرت ساعة وبضعُ دقائق حين قَررتُ كسر حاجز الصمت هاذا . إلتفتت الى الجندي الذي يُرافقنا إذ بي اجده نفسَ الرجل الذي أتى بي لقبضة الالمان .

" انت ، الى اين نتجه ؟ "

" وما شأنك ؟ "

" يَحق لي ان أعرف الى اين تأخذونني ، كما انك تدين لي بذالك فانت سبب احتجازي واستعباد الالمان لي " ردت آزومي مبتسمة .

" انتي مُحقة ، كان من الافضل ان أقتُلكي " قال مبادلا لها بالابتسامة ثم أتْبَع :
" هاذا الجسد النحيل لن يُقاوم المشي كل هذه المسافة على اي حال "

" افهم إذا انهُ تنتضرُنا مسيرة طويلة ؟ "

" صحيح ، احسنتي في استخراج ذالك مني "

" اعرف ما افعل كي احصل على ما اريد " ردت متفاخرة

أخذَت يونا تسحب رداء آزومي لِتَحضى بإنتباهها

" ازومي ! ما الذي تفعلينه ! "

" كنت اتبادل اطرافَ الحديث مع هاذا الخبيث " قالت هامسةً مُشيرةً اليه

" نحن لا نتحدث مع الالمان ، انه جندي ايتها المُغفلة ، قد يقتلكي لاتفه سبب ! .

" قد أكون جُنديا لاكنني لست وحشا "
قال الجُندي مُتَدخلاً قاطعاً حوار الآنستين الذي يدور عنه ثم اوطئ
"على الاقل لم أكُن كذالك .. "
تراجعت يونا للوراء مُتفادية الدخول في حوار ما مع الجندي .

" لماذا تَضُن ذالك .. "

" حسنا ، كان لِكُلٍ مِنا حياة خاصة قبل ان نُؤمر بالانضمام للجيش ، كل شخصٍ يتجاوز الثامنة عشر سنة ، سليم العقل والجسد ، يُضمّ للقوات الالمانية ، هاكذا تَمت صياغتها في البيان المشؤوم "
تنهد ثُم اردف :
" لم أحمل شيئا غير القَلم في حَياتي كُلها ، والآن أحمل هذه البندُقية "

" ماذا تَقصِد ؟ "

" منذ صغري ، كان الجميع يتفق أن عقلي يكبر سني بكثير ، كنت اُفضِل مجالسة الكِبار ومناقشة الكِتاب ، حتى كَبرت وأصبح العيش بلا كِتابةٍ بالنسبة لي مُحال ، يكون يَومي فارغاً جدا بلا كِتابٍ يَهُز عقلي وقَلبي معا ، ينتَقِدني صِغار العقول كثيرا ويَصعبُ على الجاهل فهمي ، كان الفن يُمتعني بِقدر ما يُملِل رِفاقي .. كنت مُفعما بالحياة "

" كُنت كَاتِبا إذا .. ماذا تُدون ؟ "

" خَواطر ، افكارٌ مُبعثرة ، اي شيئ ، مؤخرا كنت اعمل على رواية قبل ان أستجيب لنداء التجنيد "

" رائع .. لم استطع الكِتابة يوما لانني لم اتعلم كيف افعل ، لكن بالرُغم من ذالك لطالما احببت نَسج الخواطر في ذهني "

" حقا ؟ اذا سأسرد لكِ عِباراتٍ تناسبك "
تمهل مُفكِراً ثم قال :
" من تعلم فالمدارس قد يكونُ مُتَعَلِما ، اما من يَفهم نفسه فهو الاكثر ذكاءاً ، ومن يتحكم في الآخرين قد يكون قويا ، اما من مَلِك زمام نفسه فهو الأقوى .. "
إستدار ليجد آزومي تَنظُر إليه بثناء .

" هاذا مايُفسر تحدُّثك باللغة اليابانية ، انت مثقف "

"في الواقع هناك 4 جُنودٍ يُجيدون اليابانية في الفيلق ، كل واحدٍ منهم يَرفقُ مجموعةً مِنكم حتى يستطيع التنصت ومعرفة ما تقولون وما تُخططون له .

" ذالك النحيل احدهم .. "

" نعم ، ماذا عنكِ ، ألن تُريني بعضا من نِتاجِ مَوهبتك ؟ "

" حسنا .. هاذا ما كَانت تنسج افكاري منذ فقدت أُمي .. "
قالت :
" نسيتُ أن أُخبِركِ انَ القهوة ألذّ مذاقا في الاكواب الخزفية عن تلك الخشبية ، وأنَّ الايام التي اشرب فيها قهوتيِ سَوداء مِثل السماء ، هي الايام التي افتقدكِ فيها بشدة .. "
ثم إلتفتت للجُندي بسرعة والدموع تنساب من عينيها
" انت لم تَقتُل امي ، صحيح ؟؟ "

صمتَ قليلا ثم قال :
" لا ، كانت ميتة عندما دخلنا المنزل باحثين عن بعض الساكي ، لابُد ان أحداً ما سَبِقَنا الى هناك "
ثُم اتبع :
" هاذا لا يُغير حقيقة ان قاتِلها جُندي الماني "

مسحت آزومي دموعها وقالت :
" على اي حال ، هل تَنفتح هاكذا وتُحدث كل شخص تُقابله عن ماضيك ؟ "

" فالواقع لا ، الكُل يتجنب الحديث الى جُندي الماني اضافة لان الحديث مع الجنود أنفسهُم أشد ضَجرا ، المسافة طويلة والوضع ممل لهاذا حادثتكِ ، هاذا لا يُميزكِ عن غيرك لأكون واضحا "

" ما إسمك ايها الجندي ؟ "

" إسمي جِيُوفاني "

" إسمي جِيُوفاني "

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
Azumi's saga || ملحمة آزوميحيث تعيش القصص. اكتشف الآن